[ ص: 342 ] بسم الله الرحمن الرحيم
سورة الأنبياء
قوله تعالى : إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون .
هذه الآية تدل على أن
جميع المعبودات مع عابديها في النار .
وقد أشارت آيات أخر إلى أن بعض المعبودين
كعيسى والملائكة ليسوا من أهل النار ، كقوله تعالى :
ولما ضرب ابن مريم مثلا [ 43 \ 57 ] وقوله تعالى :
ثم يقول للملائكة أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون [ 43 \ 40 ] وقوله :
أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب الآية [ 17 : 57 ] .
والجواب من وجهين :
الأول : أن هذه الآية لم تتناول الملائكة ولا
عيسى لتعبيره بـ : " ما " الدالة على غير العاقل .
وقد أشار تعالى إلى هذا الجواب بقوله :
ما ضربوه لك إلا جدلا بل هم قوم خصمون [ 43 \ 58 ] لأنهم لو أنصفوا لما ادعوا دخول العقلاء في لفظ لا يتناولهم لغة .
الثاني : أن الملائكة
وعيسى نص الله على إخراجهم من هذا دفعا للتوهم ولهذه الحجة الباطلة بقوله :
إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون الآية [ 21 \ 101 ] ، ، وقوله تعالى :
قل إنما يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد فهل أنتم مسلمون [ 21 \ 108 ] .
عبر في هذه الآية الكريمة بلفظ : " إنما " وهي تدل على الحصر عند الجمهور ،
[ ص: 343 ] وعليه فهي تدل على حصر الوحي في توحيد الألوهية .
وقد جاءت آيات أخر تدل على أنه أوصى إليه غير ذلك كقوله :
قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن الآية [ 72 ] ، وقوله :
تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك [ 11 \ 49 ] ، وقوله :
نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك الآية [ 12 \ 3 ] .
والجواب أن
حصر الوحي في توحيد الألوهية حصر له في أصله الأعظم الذي يرجع إليه جميع الفروع ، لأن شرائع كل الأنبياء داخلة في ضمن لا إله إلا الله ، لأن معناها خلع كل الأنداد سوى الله في جميع أنواع العبادات ، وإفراد الله بجميع أنواع العبادات ، فيدخل في ذلك جميع الأوامر والنواهي القولية والفعلية والاعتقادية .