"
والفرق بين معجزات الأنبياء ، وبين ما ذكرنا من وجوه التخييلات ، أن معجزات الأنبياء عليهم السلام هي على حقائقها وبواطنها كظهائرها ، وكلما تأملتها ازددت بصيرة في صحتها ، ولو جهد الخلق كلهم على مضاهاتها ومقابلتها بأمثالها ظهر عجزهم ، ومخاريق السحرة وتخييلاتهم إنما هي ضرب من الحيلة والتلطف ؛ لإظهار أمور لا حقيقة لها ، وما يظهر منها على غير حقيقتها ، يعرف ذلك بالتأمل والبحث ، ومن شاء أن يتعلم ذلك بلغ فيه مبلغ غيره ، ويأتي بمثل ما أظهره سواء " ا هـ .
هذا جل ما قاله
أبو بكر الجصاص في معنى السحر وحقيقته ، وعقد بعده بابا في ذكر قول الفقهاء فيه ، وما تضمنته الآية من حكمه ، وما يجري على مدعي ذلك من العقوبات . ومنها القتل كفرا في بعض أنواعه المتضمنة للشرك والمستلزمة للريب في معجزات الرسل ، وإن كثيرا من العلماء يثبتون ما أنكره من تأثير الجن ، واستخدام بعض الناس لهم ، ومن العجيب أنه لا يزال في هذا العصر من
يتوسل إلى الاستعانة بالجن على بعض الأعمال السحرية بما هو كفر قطعا ، كرابط بعض القرآن على السوأتين كما علمت من بعض المختبرين لهؤلاء الدجالين الذين يعيشون بكتابة العزائم والحجب للحب والبغض والحبل وغير ذلك ، والمفاسد في ذلك كبيرة جدا ، وقد ذكرنا بعضها في تفسير :
إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم إنا جعلنا الشياطين أولياء للذين لا يؤمنون ( 7 : 27 ) .