فلما آتاهما صالحا جعلا له شركاء فيما آتاهما أي: فلما أعطاهما ولدا صالحا لا نقص في خلقه ، ولا فساد في تركيبه ، جعلا له شركاء في إعطائه أو فيما أعطاه بأن كان سببا لوقوع الشرك منهما ، أو ظهور ما هو راسخ في أنفسهما منه ، وسنبين معناه ، وقرأ
نافع وأبو بكر ( جعلا له شركا ) أي شركة أو ذوي شرك ، فالمعنى واحد .
فتعالى الله عما يشركون أي: تعالى شأنه عن شركهم ; فإنه هو معطي النسل بما خلقه لكل من الزوجين من أعضاء ، وقدر لهما في العلوق والوضع من أسباب ، لا فعل لغيره في ذلك ألبتة ، وجمع الضمير هنا بعد تثنيته الأفعال قبله ; لأن المراد فيه بالزوجين الجنس لا فردين معينين . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : إن الضمير في ( آتيتنا ) و ( لنكونن ) لهما ولكل من يتناسل من ذريتهما . والآية على كل من القولين بيان لحال البشر فيما طرأ عليهم من نزغات الشرك الخفي والجلي في هذا الشأن وأمثاله ، والجنس يصدق ببعض أنواعه وببعض أفراده .
فمثال
الشرك الخفي في إنعام الله عليهم بالنسل ، ما يسندونه إلى الأسباب في سلامة الحامل من الأمراض في أثناء الحمل أو في حالة الوضع ، وفي سلامة الطفل عند الوضع وعقبه ، وفيما بعد ذلك من الموت أو التشويه أو الأمراض ، كقولهم : لولا أن فعلنا كذا لكان كذا ، ولولا فلان أو فلانة من طبيب أو مرشد أو قابلة لهلك الولد أو لأجهضت أمه إجهاضا أو جاءت بسقط لم يستهل ، أو لمات عقب إسقاطه لعدم استعداده للحياة ، وينسون في هذه الأحوال فضل الله تعالى عليهم بما من به من العافية والتوفيق وتسخير الأسباب من البشر وغيرهم ، وإن كانوا ممن يذكرونها ولا ينكرونها إذا ذكروا بها - ذلك شأن كثير من الناس في كل نعمة تمسهم ، أو نقمة يدفعها الله تعالى عنهم ، وهذا الشرك ليس خروجا من الملة ، ولكنه نقص في شكر المنعم ، ويحتمل أن يكون المراد بالشرك هنا ترجيح حب الأولاد على حب الله تعالى ، وشغلهم للوالدين عن ذكره وشكره ، وإيثارهم لهم على طاعته والتزام ما شرعه من
[ ص: 434 ] أحكام الحلال والحرام ، وهو كسابقه نقص في التوحيد لا نقض له ، وغفلة عنه لا جحد به .
ومثال
الشرك الجلي : إسناد هذه النعم إلى غيره تعالى ممن يدعونهم من دونه أو معه من الأولياء والقديسين ، أو الأنبياء والمرسلين ، أو ما يذكر بهم أو بمثلهم من القبور أو الأصنام والتماثيل ، يقولون : لولا سيدي فلان ولولا مولانا علان لما كان كذا مما نحب ، أو لكان كذا وكذا مما نكره ، يعتقدون أن لهم فيما كان من نفع ومنع ضرر تأثيرا غيبيا يستقلون به ، هو فوق تأثير الأسباب المذكورة عن القسم الأول كما تقدم شرحه مرارا ، أقربها ما في تفسير الآية السابقة .
فتعالى الله عما يشركون أي: وارتفع مجده ، وتعالى جده ، تنزها عن شرك هؤلاء الأغبياء أو عن شركائهم أن يكون لهم تصرف في خلقه ، أو تأثير في صفاته وأفعاله .
كنت قرأت منذ سنين جل ما قال المفسرون في تفسير هذه الآيات من كتبهم التي بين أيدينا من مأثور وغيره ، وما أوردوه فيها من الإشكال ، وما لهم من الجواب عنه والتفصي منه من أقوال ، ولما أردت كتابة تفسيرها الآن لم أجد مما في ذهني منه شيئا مرضيا يطمئن به قلبي ، فتوجهت إلى الله تعالى ، وفكرت في معناها الذي يعطيه الأسلوب العربي ، وينطبق على سنة الله في البشر ، وفي بيان كتابه لحقائق أحوالهم ، فكرت في ذلك قبل النوم وأنا في فراشي ، ثم كتبت ما تقدم في آخر النهار ، ثم بحثت فيما عندي من كتب التفسير; لأكتب خلاصة ما قيل فيها ، وأنظر فيما عساه يؤيده ، وأجيب عما ربما يفنده ، فإذا أنا بصاحب الانتصاف يقول بعد ذكر ما نقلناه آنفا من كلمة
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري في ضميري الجمع ما نصه : وأسلم من هذين التفسيرين أن يكون المراد جنسي الذكر والأنثى لا يقصد فيه إلى معين ، وكأن المعنى والله أعلم : خلقكم جنسا واحدا وجعل أزواجكم منكم أيضا لتسكنوا إليهن ، فلما تغشى الجنس الذي هو الذكر الجنس الآخر وإن كان فيهم الموحدون ; لأن المشركين منهم كقوله تعالى :
ويقول الإنسان أإذا ما مت لسوف أخرج حيا ( 19 : 66 )
قتل الإنسان ما أكفره ( 80 : 17 )
إن الإنسان لفي خسر ( 103 : 2 ) اهـ .
وأما الإشكال الذي أشرنا إليه ، فهو ما روي عن بعض الصحابة والتابعين ، وفي حديث مرفوع أيضا من أن الآية في
آدم وحواء ، فقد أخرج
أحمد nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي وأبو يعلى nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وغيرهم من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=24سمرة بن جندب مرفوعا قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=920102لما ولدت حواء طاف بها إبليس وكان لا يعيش لها ولد فقال سميه عبد الحارث فإنه يعيش ، فسمته عبد الحارث فعاش ، فكان ذلك من وحي الشيطان وهو على كثرة مخرجيه
[ ص: 435 ] غريب وضعيف كما سيأتي ، وقد جاءت الآثار في هذا المعنى مفصلة ومطولة وفيها زيادات خرافية ، تشهد عليها بأنها من الدسائس الإسرائيلية ، وهذه الآثار يعدها بعض العلماء من قبيل الأحاديث المرفوعة; لأنها لا تقال بالرأي ، والذي نعتقده وجرينا عليه في التفسير أن كل ما هو منها مظنة للإسرائيليات المتلقاة عن مثل
nindex.php?page=showalam&ids=16850كعب الأحبار nindex.php?page=showalam&ids=17285ووهب بن منبه فهي لا يوثق بها ، فإن كانت مع ذلك مشتملة على ما ينكره الدين أو العلم الصحيح قطعنا ببطلانها وكونها دسيسة إسرائيلية ، ومنها ما نحن فيه ; لأن فيه طعنا صريحا في
آدم وحواء عليهما السلام ورميا لهما بالشرك ، ولذلك رفضها بعض المفسرين ، وتكلف آخرون في تأويلها بما تنكره اللغة . وقد اعتمد بعض المتأخرين كصاحب فتح البيان ، وصاحب روح المعاني الأخذ بحديث
سمرة دون آثار الصحابة والتابعين ، التي فيها ما ليس فيه من رمي
آدم بالشرك الصريح ، وظنا أنه حجة ، ووصفاه تبعا
nindex.php?page=showalam&ids=13948للترمذي والحاكم بالحسن والصحيح ، وما هو بحسن ولا صحيح ، على أنه لم يرد تفسيرا للآية كتلك الآثار .
وذهب بعض المفسرين إلى أن الخطاب في الآية
لقريش ، وأن المراد فيها بالنفس الواحدة
قصي جدهم ، وأن المراد بجعل زوجها منها أنها قرشية أو عربية لما روي أنها من
خزاعة لا من
قريش ، وأن المراد بشركهما تسمية أبنائهما الأربعة
عبد مناف وعبد شمس وعبد العزى وعبد الدار - يعني دار الندوة - وفيه نظر من وجوه ذكرها بعض المفسرين لا نضيع الوقت بذكرها ، وإنما الذي يصح أن يذكر ويبين بطلانه ، فهو الروايات التي انخدع بها ولا يزال ينخدع بها الكثيرون ، وعمدتنا في تمحيصها وبيان عللها الحافظ
ابن كثير فقد قال في تفسيره ما نصه : ذكر المفسرون هاهنا آثارا وأحاديث سأوردها وأبين ما فيها ، ثم نتبع ذلك ببيان الصحيح في ذلك إن شاء الله وبه الثقة : قال الإمام
أحمد في مسنده : حدثنا
عبد الصمد حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16661عمر بن إبراهيم حدثنا
قتادة عن
الحسن عن
سمرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=920103لما ولدت حواء طاف بها إبليس وكان لا يعيش لها ولد فقال سميه عبد الحارث فعاش ، وكان ذلك من وحي الشيطان وأمره " وهكذا رواه
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير عن
nindex.php?page=showalam&ids=15573محمد بن بشار عن
بندار عن
nindex.php?page=showalam&ids=16365عبد الصمد بن عبد الوارث به ، ورواه
الترمذي في تفسير هذه الآية عن
nindex.php?page=showalam&ids=12166محمد بن المثنى عن
عبد الصمد به ، وقال : هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=16661عمر بن إبراهيم ، ورواه بعضهم عن
عبد الصمد ولم يرفعه ، ورواه
الحاكم في مستدركه من حديث
عبد الصمد مرفوعا ثم قال : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ، ورواه الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=16328أبو محمد بن أبي حاتم في تفسيره عن
nindex.php?page=showalam&ids=12013أبي زرعة الرازي عن
هلال بن فياض عن
nindex.php?page=showalam&ids=16661عمر بن إبراهيم به مرفوعا ، وكذا رواه الحافظ
nindex.php?page=showalam&ids=13507أبو بكر بن مردويه في تفسيره من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=16079شاذ بن فياض عن
nindex.php?page=showalam&ids=16661عمر بن إبراهيم [ ص: 436 ] به مرفوعا . ( قلت )
وشاذ هو هلال وشاذ لقبه ، والغرض أن هذا الحديث معلول من ثلاثة أوجه : ( أحدها ) أن
nindex.php?page=showalam&ids=16661عمر بن إبراهيم هذا هو المصري وقد وثقه
nindex.php?page=showalam&ids=17336بن معين ، ولكن قال
nindex.php?page=showalam&ids=11970أبو حاتم الرازي لا يحتج به ، ولكن رواه
ابن مردويه من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=17116المعتمر عن أبيه عن
الحسن عن
سمرة مرفوعا فالله أعلم . ( الثاني ) أنه قد روي من قول
سمرة نفسه ليس مرفوعا كما قال
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير : حدثنا
ابن عبد الأعلى حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17116المعتمر عن أبيه حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15562بكر بن عبد الله عن
nindex.php?page=showalam&ids=16043سليمان التيمي عن
عبد الأعلى بن الشخير عن
nindex.php?page=showalam&ids=24سمرة بن جندب قال : سمى
آدم ابنه
عبد الحارث . ( الثالث ) أن
الحسن نفسه فسر الآية بغير هذا ، فلو كان هذا عنده عن
سمرة مرفوعا لما عدل عنه . قال
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير : حدثنا
ابن وكيع حدثنا
سهل بن يوسف عن
عمرو وعن
الحسن جعلا له شركاء فيما آتاهما قال : كان هذا في بعض أهل الملل ولم يكن
بآدم ، وحدثنا
محمد بن عبد الأعلى حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16929محمد بن ثور عن
معمر قال : قال
الحسن : عنى بها ذرية
آدم ، ومن أشرك منهم بعد . يعني جعلا له شركاء فيما آتاهما ، وحدثنا
بشر حدثنا
يزيد حدثنا
سعيد عن
قتادة قال : كان
الحسن يقول : هم
اليهود والنصارى رزقهم الله أولادا فهودوا ونصروا . وهذه أسانيد صحيحة عن
الحسن - رضي الله عنه - أنه فسر الآية بذلك ، وهو من أحسن التفاسير وأولى ما حملت عليه الآية ، ولو كان هذا الحديث عنده محفوظا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما عدل عنه هو ولا غيره ، لا سيما مع تقواه لله وورعه ، فهذا يدلك على أنه موقوف على الصحابي ، ويحتمل أنه تلقاه من بعض أهل الكتاب من آمن منهم مثل
كعب أو
nindex.php?page=showalam&ids=17285وهب بن منبه وغيرهما كما سيأتي بيانه إن شاء الله ، ألا أننا برئنا من عهدة المرفوع والله أعلم .
" فأما الآثار فقال
nindex.php?page=showalam&ids=12563محمد بن إسحاق بن يسار عن
nindex.php?page=showalam&ids=15855داود بن الحصين عن
عكرمة عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال : كانت
حواء تلد
لآدم عليه السلام أولادا فيعبدهم لله ويسميهم عبد الله وعبيد الله ونحو ذلك فيصيبهم الموت ، فأتاهما إبليس فقال : إنكما لو سميتماه بغير الذي تسميانه به لعاش ، قال : فولدت له رجلا فسماه
عبد الحارث ، ففيه أنزل الله يقول :
هو الذي خلقكم من نفس واحدة إلى قوله
جعلا له شركاء فيما آتاهما إلى آخر الآية . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16574العوفي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قوله في
آدم هو الذي خلقكم من نفس واحدة إلى قوله :
فمرت به شكت أحملت أم لا ؟
فلما أثقلت دعوا الله ربهما لئن آتيتنا صالحا لنكونن من الشاكرين فأتاهما الشيطان فقال : هل تدريان ما يولد لكما ؟ ، أم هل تدريان ما يكون ؟ ، أبهيمة أم لا ؟ وزين لهما الباطل إنه غوي مبين ، وقد كانت قبل ذلك ولدت ولدين فماتا ، فقال لهما الشيطان : إنكما إن لم تسمياه بي لم يخرج سويا ومات كما مات الأول فسميا ولدهما عبد الحارث
[ ص: 437 ] فذلك قول الله :
فلما آتاهما صالحا جعلا له شركاء فيما آتاهما الآية . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16418عبد الله بن المبارك عن
شريك عن
nindex.php?page=showalam&ids=15822خصيف عن
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس في قوله :
فلما آتاهما صالحا جعلا له شركاء فيما آتاهما قال : قال الله تعالى :
هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها فلما تغشاها (
آدم ) حملت فأتاهما إبليس لعنه الله فقال : إني صاحبكما الذي أخرجتكما من الجنة لتطيعاني أو لأجعلن له قرني أيل فيخرج من بطنك فيشقه ، ولأفعلن ولأفعلن - يخوفهما - فسمياه عبد الحارث ، فأبيا أن يطيعاه فخرج ميتا ، ثم حملت الثانية فأتاهما أيضا فقال : أنا صاحبكما الذي فعلت ما فعلت ، لتفعلن أو لأفعلن - يخوفهما - فأبيا أن يطيعا فخرج ميتا ، ثم حملت الثالثة فأتاهما أيضا فذكر لهما فأدركهما حب الولد فسمياه عبد الحارث ، فذلك قوله تعالى :
جعلا له شركاء فيما آتاهما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=16328ابن أبي حاتم .
" وقد تلقى هذا الأثر عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس جماعة من أصحابه
كمجاهد nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير وعكرمة ، ومن الطبقة الثانية
قتادة والسدي وغير واحد من السلف ، وجماعة من الخلف ومن المفسرين المتأخرين جماعات لا يحصون كثرة ، وكأنه والله أعلم أصله مأخوذ من أهل الكتاب ، فإن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رواه عن
nindex.php?page=showalam&ids=34أبي بن كعب كما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=16328ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا
أبو الجماهر حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15991سعيد يعني ابن بشير عن
عقبة عن
قتادة عن
مجاهد عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس عن
nindex.php?page=showalam&ids=34أبي بن كعب قال : لما حملت
حواء أتاها الشيطان فقال لها : أتطيعيني ويسلم لك ولدك ؟ سميه
عبد الحارث ، فلم تفعل فولدت فمات ، ثم حملت فقال لها مثل ذلك فلم تفعل ، ثم حملت الثالثة فجاءها فقال : إن تطيعيني يسلم وإلا فإنه يكون بهيمة فهيبهما فأطاعا .
" وهذه الآثار يظهر عليها والله أعلم أنها من
آثار أهل الكتاب ، وقد صح الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=919895إذا حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم ثم أخبارهم على ثلاثة ، فمنها ما علمنا صحته بما دل عليه الدليل من كتاب الله أو سنة رسوله ، ومنها ما علمنا كذبه بما دل على خلافه من الكتاب والسنة أيضا ، ومنه ما هو مسكوت عنه ، فهو المأذون في روايته بقوله عليه السلام :
nindex.php?page=hadith&LINKID=920104حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج وهو الذي لا يصدق ولا يكذب لقوله : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=2003411فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم " وهذا الأثر هو من القسم الثاني أو الثالث ؟ فيه نظر ، فأما من حدث به من صحابي أو تابعي فإنه يراه من القسم الثالث ، وأما نحن فعلى مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري رحمه الله في هذا ، وأنه ليس المراد من هذا السياق
آدم وحواء ، وإنما المراد من ذلك المشركون من ذريته ; ولهذا قال الله :
فتعالى الله عما يشركون ثم قال : فذكره
آدم وحواء أولا كالتوطئة لما بعدهما من الوالدين وهو كالاستطراد من ذكر الشخص إلى الجنس كقوله :
ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح ( 67 : 5 ) الآية ، ومعلوم أن المصابيح وهي النجوم التي زينت بها السماء ليست هي التي يرمى بها ،
[ ص: 438 ] وإنما هذا استطراد من شخص المصابيح إلى جنسه ، ولهذا نظائر في القرآن والله أعلم . اهـ . سياق
ابن كثير . وقد أصاب كنه الحقيقة في قوله : إن هذه الآثار مأخوذة من الإسرائيليات ، ولما كانت طعنا في عقيدة أبوينا
آدم وحواء عليهما السلام بما تبطله عقائد الإسلام ، وجب الجزم ببطلانها وتكذيبهم فيها .