ثم بين تعالى سخافة عقولهم وأفن آرائهم بهذا الشرك فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=191nindex.php?page=treesubj&link=28978_30554_29437_29433أيشركون ما لا يخلق شيئا وهم يخلقون الاستفهام للإنكار والتجهيل ، أي يشركون به سبحانه وتعالى وهو الخالق لهم ولأولادهم ولكل شيء ، ما لا يخلق شيئا من الأشياء مهما يكن حقيرا ، كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=73إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له ( 22 : 73 ) وليس قصارى أمرهم أن الخلق لا يقع منهم ، بل هو يقع عليهم ، فهم يخلقون آنا بعد آن ، ولا يليق بسليم العقل أن يجعل المخلوق العاجز شريكا للخالق القادر ! والآية وما بعدها حكاية لشرك عبادة الأصنام والتماثيل كافة ، ومنهم مشركو
مكة وأمثالهم ممن نزل القرآن في عهدهم ومن يجيء بعدهم ، فقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=191ما لا يخلق شيئا يراد به أصنامهم ; لأن " ما " لما لا يعقل ، ولفظها مفرد وهو من صيغ العموم فأفرد الضمير في " يخلق " مراعاة للفظ ثم جمع في " يخلقون " مراعاة للمعنى ، وجعله ضمير العقلاء من قبيل الحكاية لاعتقادهم ، والتعبير بفعل المضارع " يخلقون " لتصوير حدوث خلقهم ، وكون مثله مما يتجددون فيهم وفي أمثالهم من المشركين ، وهذا أسوأ فضائحهم في الشرك .
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=192ولا يستطيعون لهم نصرا ولا أنفسهم ينصرون أي: وهم على كونهم مخلوقين غير خالقين لشيء ، لا يستطيعون لعابديهم نصرا على أعدائهم ، ولا يستطيعون لأنفسهم نصرا على من يعتدي عليها بإهانة لها ، أو أخذ شيء من طيبها أو حليها ، كما قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=73وإن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه ضعف الطالب والمطلوب ( 22 : 73 ) أي فهم يحتاجون إليكم في تكريمهم ، وأنتم لا تحتاجون إليهم ، بل أنتم الذين تدفعون عنهم وتنصرونهم بالنضال دونهم
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=193وإن تدعوهم إلى الهدى لا يتبعوكم قرأ
نافع ( لا يتبعوكم ) بالتخفيف والباقون بالتشديد ، أي وإن تدعوهم إلى ما هو الهدى والرشاد في نفسه لا يتبعوكم ، فلا هم ينفعونكم ، ولا هم ينتفعون منكم ، أو المعنى : وإن تدعوهم إلى إفادتكم لا يستجيبون لكم
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=193سواء عليكم أدعوتموهم أم أنتم صامتون أي: مستو عندكم دعاؤكم إياهم وبقاؤكم على صمتكم ، ولعله لم يقل : صمتم ، أو تصمتون ; لأن إشراكهم بهم كان قد وهن بحيث لم يكونوا يدعونهم عند الاضطرار وكوارث الخطوب بل يدعون الله وحده ، وإنما كانوا يتحدثون بتقاليدهم الوثنية فيهم والرجاء بشفاعتهم
[ ص: 439 ] في أوقات الرخاء ، التي لا يشعر فيها الإنسان بالحاجة إلى الدعاء
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=65فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم إلى البر إذا هم يشركون ( 29 : 65 ) ومنه الدعاء بالولد الصالح عند قرب وضع الحامل ، والشرك بعد وجود الولد الصالح ، فالتعبير بالوصف ( صامتون ) لإفادة كون إحداث الدعاء ، واستصحاب الحال الثابتة قبله واستمرارها سواء ، وهي تصديق بنفي شعورهم بالحاجة إلى دعائهم ، وعدم خطورهم بالبال عند الشدائد ، والشعور بحاجة المخلوق إلى الرب الخالق ، ولو قال : " أم صمتم " أو " أم أنتم تصمتون " لما كانت المقابلة بين وجود وعدم ، وإيجاب وسلب ; لأنه يصدق بتكلف الصمت ، وكف النفس عن دعائهم ولو للتجربة مع الشعور بالحاجة إلى الدعاء ، والأول أبلغ في المراد من كون وجود هذه الأصنام وعدمها سواء ، ومن كون دعائها مساويا لترك الدعاء ، ولو مع انصراف القلب عنها ، ولو كانت وسائل تشفع عند الله وتقرب إليه زلفى كما كان يقول أولو الوثنية الكاسية الحالية ، أو تنفع وتضر بنفسها أو بما أعطاها الله تعالى من التصرف في الكون باستقلالها ، كما يعتقد أصحاب الوثنية العارية العاطلة - لكان الإعراض عن دعائها ضارا بهم ، أو مضيعا بعض المنافع عليهم .
وقد يظن من أشرك بعض الأولياء مع الله تعالى هذا النوع من الإشراك أن هذا التوبيخ لا يوجه إليهم ، وأن هذه الحجة لا تقوم عليهم ; لأن أولئك كانوا يدعون جمادا أو شجرا لا يعقل ، وهم يدعون أولياء وصلحاء ، لأمواتهم حكم الشهداء في الحياة ، وهم يقصدون قبورهم ويعظمونها ; لأن لأرواحهم اتصالا بها ، وإنما جاءت هذه التفرقة من جهلهم بأن أكثر هذه الأصنام لم تنصب إلا للتذكير بأناس من الأولياء الصالحين ، كما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس في أصنام قوم
نوح التي انتقلت إلى العرب ، وقد كانت اللات صخرة لرجل يلت عليها السويق ويطعمه للناس ، فالأصنام والتماثيل والقبور التي تعظم تعظيما دينيا لم يأذن به الله ، كلها سواء في كونها وضعت للتذكير بأناس عرفوا بالصلاح ، وكانوا هم المقصودين بالدعاء ، لما تخيلوا فيهم من التأثير في إرادة الله ، أو التصرف الغيبي في ملك الله ، وهو أفحش الشرك بالله ، على أنه لا فرق في المسألة بين إشراك الصنم والوثن ، وإشراك الولي أو النبي أو الملك ، فاقرأ الآيات في اتخاذ الولد لله من الملائكة والمسيح في سورة الأنبياء ( 21 : 26 - 29 )
ثُمَّ بَيَّنَ تَعَالَى سَخَافَةَ عُقُولِهِمْ وَأَفَنَ آرَائِهِمْ بِهَذَا الشِّرْكِ فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=191nindex.php?page=treesubj&link=28978_30554_29437_29433أَيُشْرِكُونَ مَا لَا يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ الِاسْتِفْهَامُ لِلْإِنْكَارِ وَالتَّجْهِيلِ ، أَيْ يُشْرِكُونَ بِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَهُوَ الْخَالِقُ لَهُمْ وَلِأَوْلَادِهِمْ وَلِكُلِّ شَيْءٍ ، مَا لَا يَخْلُقُ شَيْئًا مِنَ الْأَشْيَاءِ مَهْمَا يَكُنْ حَقِيرًا ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=73إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ ( 22 : 73 ) وَلَيْسَ قُصَارَى أَمْرِهِمْ أَنَّ الْخَلْقَ لَا يَقَعُ مِنْهُمْ ، بَلْ هُوَ يَقَعُ عَلَيْهِمْ ، فَهُمْ يُخْلَقُونَ آنًا بَعْدَ آنٍ ، وَلَا يَلِيقُ بِسَلِيمِ الْعَقْلِ أَنْ يَجْعَلَ الْمَخْلُوقَ الْعَاجِزَ شَرِيكًا لِلْخَالِقِ الْقَادِرِ ! وَالْآيَةُ وَمَا بَعْدَهَا حِكَايَةٌ لِشِرْكِ عِبَادَةِ الْأَصْنَامِ وَالتَّمَاثِيلِ كَافَّةً ، وَمِنْهُمْ مُشْرِكُو
مَكَّةَ وَأَمْثَالُهُمْ مِمَّنْ نَزَلَ الْقُرْآنُ فِي عَهْدِهِمْ وَمَنْ يَجِيءُ بَعْدَهُمْ ، فَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=191مَا لَا يَخْلُقُ شَيْئًا يُرَادُ بِهِ أَصْنَامُهُمْ ; لِأَنَّ " مَا " لِمَا لَا يَعْقِلُ ، وَلَفْظُهَا مُفْرَدٌ وَهُوَ مِنْ صِيَغِ الْعُمُومِ فَأَفْرَدَ الضَّمِيرَ فِي " يَخْلُقُ " مُرَاعَاةً لِلَّفْظِ ثُمَّ جَمَعَ فِي " يُخْلَقُونَ " مُرَاعَاةً لِلْمَعْنَى ، وَجَعْلُهُ ضَمِيرَ الْعُقَلَاءِ مِنْ قَبِيلِ الْحِكَايَةِ لِاعْتِقَادِهِمْ ، وَالتَّعْبِيرُ بِفِعْلِ الْمُضَارِع " يُخْلَقُونَ " لِتَصْوِيرِ حُدُوثِ خَلْقِهِمْ ، وَكَوْنِ مِثْلِهِ مِمَّا يَتَجَدَّدُونَ فِيهِمْ وَفِي أَمْثَالِهِمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ، وَهَذَا أَسْوَأُ فَضَائِحِهِمْ فِي الشِّرْكِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=192وَلَا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْرًا وَلَا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ أَيْ: وَهُمْ عَلَى كَوْنِهِمْ مَخْلُوقِينَ غَيْرَ خَالِقِينَ لِشَيْءٍ ، لَا يَسْتَطِيعُونَ لِعَابِدِيهِمْ نَصْرًا عَلَى أَعْدَائِهِمْ ، وَلَا يَسْتَطِيعُونَ لِأَنْفُسِهِمْ نَصْرًا عَلَى مَنْ يَعْتَدِي عَلَيْهَا بِإِهَانَةٍ لَهَا ، أَوْ أَخْذِ شَيْءٍ مِنْ طِيبِهَا أَوْ حُلِيِّهَا ، كَمَا قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=73وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ ( 22 : 73 ) أَيْ فَهُمْ يَحْتَاجُونَ إِلَيْكُمْ فِي تَكْرِيمِهِمْ ، وَأَنْتُمْ لَا تَحْتَاجُونَ إِلَيْهِمْ ، بَلْ أَنْتُمُ الَّذِينَ تَدْفَعُونَ عَنْهُمْ وَتَنْصُرُونَهُمْ بِالنِّضَالِ دُونَهُمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=193وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لَا يَتَّبِعُوكُمْ قَرَأَ
نَافِعٌ ( لَا يَتْبَعُوكُمْ ) بِالتَّخْفِيفِ وَالْبَاقُونَ بِالتَّشْدِيدِ ، أَيْ وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى مَا هُوَ الْهُدَى وَالرَّشَادُ فِي نَفْسِهِ لَا يَتْبَعُوكُمْ ، فَلَا هُمْ يَنْفَعُونَكُمْ ، وَلَا هُمْ يَنْتَفِعُونَ مِنْكُمْ ، أَوِ الْمَعْنَى : وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى إِفَادَتِكُمْ لَا يَسْتَجِيبُونَ لَكُمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=193سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صَامِتُونَ أَيْ: مُسْتَوٍ عِنْدَكُمْ دُعَاؤُكُمْ إِيَّاهُمْ وَبَقَاؤُكُمْ عَلَى صَمْتِكُمْ ، وَلَعَلَّهُ لَمْ يَقُلْ : صَمَتُّمْ ، أَوْ تَصْمُتُونَ ; لِأَنَّ إِشْرَاكَهُمْ بِهِمْ كَانَ قَدْ وَهَنَ بِحَيْثُ لَمْ يَكُونُوا يَدْعُونَهُمْ عِنْدَ الِاضْطِرَارِ وَكَوَارِثِ الْخُطُوبِ بَلْ يَدْعُونَ اللَّهَ وَحْدَهُ ، وَإِنَّمَا كَانُوا يَتَحَدَّثُونَ بِتَقَالِيدِهِمُ الْوَثَنِيَّةِ فِيهِمْ وَالرَّجَاءِ بِشَفَاعَتِهِمْ
[ ص: 439 ] فِي أَوْقَاتِ الرَّخَاءِ ، الَّتِي لَا يَشْعُرُ فِيهَا الْإِنْسَانُ بِالْحَاجَةِ إِلَى الدُّعَاءِ
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=65فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ ( 29 : 65 ) وَمِنْهُ الدُّعَاءُ بِالْوَلَدِ الصَّالِحِ عِنْدَ قُرْبِ وَضْعِ الْحَامِلِ ، وَالشِّرْكُ بَعْدَ وُجُودِ الْوَلَدِ الصَّالِحِ ، فَالتَّعْبِيرُ بِالْوَصْفِ ( صَامِتُونَ ) لِإِفَادَةِ كَوْنِ إِحْدَاثِ الدُّعَاءِ ، وَاسْتِصْحَابِ الْحَالِ الثَّابِتَةِ قَبْلَهُ وَاسْتِمْرَارِهَا سَوَاءٌ ، وَهِيَ تَصْدِيقٌ بِنَفْيِ شُعُورِهِمْ بِالْحَاجَةِ إِلَى دُعَائِهِمْ ، وَعَدَمِ خُطُورِهِمْ بِالْبَالِ عِنْدَ الشَّدَائِدِ ، وَالشُّعُورِ بِحَاجَةِ الْمَخْلُوقِ إِلَى الرَّبِّ الْخَالِقِ ، وَلَوْ قَالَ : " أَمْ صَمَتُّمْ " أَوْ " أَمْ أَنْتُمْ تَصْمُتُونَ " لَمَّا كَانَتِ الْمُقَابَلَةُ بَيْنَ وُجُودٍ وَعَدَمٍ ، وَإِيجَابٍ وَسَلْبٍ ; لِأَنَّهُ يَصْدُقُ بِتَكَلُّفِ الصَّمْتِ ، وَكَفِّ النَّفْسِ عَنْ دُعَائِهِمْ وَلَوْ لِلتَّجْرِبَةِ مَعَ الشُّعُورِ بِالْحَاجَةِ إِلَى الدُّعَاءِ ، وَالْأَوَّلُ أَبْلَغُ فِي الْمُرَادِ مِنْ كَوْنِ وُجُودِ هَذِهِ الْأَصْنَامِ وَعَدَمِهَا سَوَاءٌ ، وَمِنْ كَوْنِ دُعَائِهَا مُسَاوِيًا لِتَرْكِ الدُّعَاءِ ، وَلَوْ مَعَ انْصِرَافِ الْقَلْبِ عَنْهَا ، وَلَوْ كَانَتْ وَسَائِلُ تَشْفَعُ عِنْدَ اللَّهِ وَتُقَرِّبُ إِلَيْهِ زُلْفَى كَمَا كَانَ يَقُولُ أُولُو الْوَثَنِيَّةِ الْكَاسِيَةِ الْحَالِيَّةِ ، أَوْ تَنْفَعُ وَتَضُرُّ بِنَفْسِهَا أَوْ بِمَا أَعْطَاهَا اللَّهُ تَعَالَى مِنَ التَّصَرُّفِ فِي الْكَوْنِ بِاسْتِقْلَالِهَا ، كَمَا يَعْتَقِدُ أَصْحَابُ الْوَثَنِيَّةِ الْعَارِيَةِ الْعَاطِلَةِ - لَكَانَ الْإِعْرَاضُ عَنْ دُعَائِهَا ضَارًّا بِهِمْ ، أَوْ مُضَيِّعًا بَعْضَ الْمَنَافِعِ عَلَيْهِمْ .
وَقَدْ يَظُنُّ مَنْ أَشْرَكَ بَعْضَ الْأَوْلِيَاءِ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى هَذَا النَّوْعَ مِنَ الْإِشْرَاكِ أَنَّ هَذَا التَّوْبِيخَ لَا يُوَجَّهُ إِلَيْهِمْ ، وَأَنَّ هَذِهِ الْحُجَّةَ لَا تَقُومُ عَلَيْهِمْ ; لِأَنَّ أُولَئِكَ كَانُوا يَدْعُونَ جَمَادًا أَوْ شَجَرًا لَا يَعْقِلُ ، وَهُمْ يَدْعُونَ أَوْلِيَاءَ وَصُلَحَاءَ ، لِأَمْوَاتِهِمْ حُكْمُ الشُّهَدَاءِ فِي الْحَيَاةِ ، وَهُمْ يَقْصِدُونَ قُبُورَهُمْ وَيُعَظِّمُونَهَا ; لِأَنَّ لِأَرْوَاحِهِمُ اتِّصَالًا بِهَا ، وَإِنَّمَا جَاءَتْ هَذِهِ التَّفْرِقَةُ مِنْ جَهْلِهِمْ بِأَنَّ أَكْثَرَ هَذِهِ الْأَصْنَامِ لَمْ تُنْصَبْ إِلَّا لِلتَّذْكِيرِ بِأُنَاسٍ مِنَ الْأَوْلِيَاءِ الصَّالِحِينَ ، كَمَا رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْن عَبَّاسٍ فِي أَصْنَامِ قَوْمِ
نُوحٍ الَّتِي انْتَقَلَتْ إِلَى الْعَرَبِ ، وَقَدْ كَانَتِ اللَّاتُ صَخْرَةً لِرَجُلٍ يَلُتُّ عَلَيْهَا السَّوِيقَ وَيُطْعِمُهُ لِلنَّاسِ ، فَالْأَصْنَامُ وَالتَّمَاثِيلُ وَالْقُبُورُ الَّتِي تُعَظَّمُ تَعْظِيمًا دِينِيًّا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ ، كُلُّهَا سَوَاءٌ فِي كَوْنِهَا وُضِعَتْ لِلتَّذْكِيرِ بِأُنَاسٍ عُرِفُوا بِالصَّلَاحِ ، وَكَانُوا هُمُ الْمَقْصُودِينَ بِالدُّعَاءِ ، لِمَا تَخَيَّلُوا فِيهِمْ مِنَ التَّأْثِيرِ فِي إِرَادَةِ اللَّهِ ، أَوِ التَّصَرُّفِ الْغَيْبِيِّ فِي مُلْكِ اللَّهِ ، وَهُوَ أَفْحَشُ الشِّرْكِ بِاللَّهِ ، عَلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الْمَسْأَلَةِ بَيْنَ إِشْرَاكِ الصَّنَمِ وَالْوَثَنِ ، وَإِشْرَاكِ الْوَلِيِّ أَوِ النَّبِيِّ أَوِ الْمَلَكِ ، فَاقْرَأِ الْآيَاتِ فِي اتِّخَاذِ الْوَلَدِ لِلَّهِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَالْمَسِيحِ فِي سُورَةِ الْأَنْبِيَاءِ ( 21 : 26 - 29 )