( 4 )
حب الزوجية ضرب خاص من شعور النفس ليس له في أنواعها ضريب ، فهو الذي يسكن به اضطراب النفس من ثورة الطبيعة التي تهيجها داعية النسل ، وغريزة بقاء النوع ، وهو الذي يتحد به بشران فيكون كل منهما متمما لوجود الآخر ينتجان باتحادهما بشرا مثلهما ، وقد بيناه في تفسير :
زين للناس حب الشهوات من النساء ( 3 : 14 ) إلى آخره وفي مقالات ( الحياة الزوجية ) من المنار ( المجلد الثامن ) وإنما قدمه هنالك على حب البنين ; لأن الكلام في الآية على حب الشهوات ، وهو أقوى الشهوات البشرية على الإطلاق ، وأخره هنا; لأن الكلام في الحب المعارض لحب الله ورسوله والجهاد في سبيله ، وما يخشى من حمله على موالاة أهل الكفر في الحرب على المؤمنين ، وقلما تكون زوج الرجل معارضة له في دينه وولاية من يدين الله بولايته ، كما يعارضه أبوه وابنه وأخوه من أهل الحرب دون امرأته . وروعي الترتيب الطبيعي في علاقة هذه الأصناف الخمسة بالمرء ، ودرجات لصوقها به في الحياة على طريقة الترقي في قوله تعالى :
يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه
[ ص: 207 ] ( 80 : 34 - 36 ) وهذه الفروق في الترتيب بين الأشياء واختلافها في المقامات المختلفة هي من دقائق بلاغة القرآن ، التي تند عن سلائق البشر ، ومعارفهم في بلاغة الكلام .