( 2 ) أنواع الصدقات وعروض التجارة منها :
ذكرنا في أول تفسير الآية أن أنواع الصدقات : زكاة النقدين ، وزكاة الأنعام ، وزكاة الزروع ،
وزكاة المعدن والركاز ، وهو ما يوجد في الأرض من الكنوز المدفونة ، ولكل منها نصاب لا تجب الزكاة فيما دونه ، وهو مبين في كتب السنة والفقه ، ولعلنا نذكره في تفسير
خذ من أموالهم صدقة ( 103 ) وجمهور علماء الملة يقولون بوجوب
زكاة عروض التجارة ، وليس فيها نص قطعي من الكتاب أو السنة ، وإنما ورد فيها روايات يقوي بعضها بعضا مع الاعتبار المستند إلى النصوص ، وهو أن عروض التجارة المتداولة للاستغلال نقود لا فرق بينها وبين الدراهم والدنانير التي هي أثمانها إلا في كون النصاب يقلب ويتردد بين الثمن وهو النقد ، والمثمن وهو العروض ، فلو لم تجب الزكاة في التجارة لأمكن لجميع الأغنياء أو أكثرهم أن يتجروا بنقودهم ، ويتحروا ألا يحول على نصاب من النقدين أبدا . وبذلك تبطل الزكاة فيهما عندهم .
ورأس الاعتبار في المسألة : أن
الله تعالى فرض في أموال الأغنياء صدقة لمواساة الفقراء ومن في معناهم ، وإقامة المصالح العامة التي تقدم بيانها . وأن الفائدة في ذلك للأغنياء تطهير أنفسهم من رذيلة البخل ، وتزكيتها بفضائل الرحمة بالفقراء وسائر أصناف المستحقين ، ومساعدة الدولة والأمة في إقامة المصالح العامة الأخرى التي تقدم ذكرها ، والفائدة للفقراء وغيرهم إعانتهم على نوائب الدهر - مع ما في ذلك من سد ذريعة المفاسد في تضخم الأموال وحصرها في أناس معدودين ، وهو المشار إليه بقوله تعالى في حكمة قسمة الفيء :
كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم ( 59 : 7 ) فهل يعقل أن يخرج من هذه المقاصد الشرعية كلها التجار الذين ربما تكون معظم ثروة الأمة في أيديهم ؟ وسنذكر سائر فوائد الزكاة ومنافعها العامة والخاصة في تفسير آية :
خذ من أموالهم صدقة ( 103 ) إن شاء الله تعالى .