( 6 -
إنفاق المال آية الإيمان والوسيلة لحياة الأمة وعزة الدولة ) .
هذا هو القطب الأعظم من أقطاب الآيات المنزلة في المال وأكثرها فيه ، وما ذكر قبله وسائل له ، وما بعده بيان للعمل به ، وأظهر الشواهد فيه أن الله تعالى جعله هو الفصل بين الإسلام الصحيح المقترن بالإذعان ، المبني على أساس الإيمان ، وأن دعوى الإيمان بدون شهادته باطلة ، وإن كانت دعوى الإسلام تقبل مطلقا ؛ لأن أحكامه العملية تبنى على الظواهر والله تعالى هو الذي يحاسب على السرائر .
والأصل في هذه المسألة قوله تعالى : (
قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ) ( 49 : 14 و 15 ) إلى آخر الآيتين ، فقدم الجهاد بالمال على الجهاد بالنفس في تحقيق صحة الإيمان . ويلي هذا الشاهد آية البر الناطقة بأن بذل المال على حبه بالاختيار ، أول آيات الإيمان : (
ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ) ( 2 : 177 ) إلخ .
ومن الآيات في تفضيل المؤمنين المنفقين على غيرهم وتفاوتهم في ذلك قوله تعالى : (
لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر ، والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة وكلا وعد الله الحسنى ) ( 4 : 95 ) اقرأ تتمة الآية وما بعدها . وقال تعالى : (
وما لكم ألا تنفقوا في سبيل الله ولله ميراث السماوات والأرض لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلا وعد الله الحسنى ) ( 57 : 10 ) والآيات في هذا الموضوع كثيرة ، ويراجع تفصيلها في تفسير الجزء الثاني والجزء العاشر وهذا الجزء ( 11 ) من التفسير .
ومن الآيات البليغة في الترغيب فيه ومضاعفة ثوابه ، وبيان آدابه ، عشرون آية
[ ص: 227 ] من أواخر سورة البقرة هي من أواخر ما نزل من القرآن يتخللها الوعيد الشديد على أكل الربا فراجعها من آية 261 - 281 مع تفسيرها من جزء التفسير الثالث .
ثم راجع في فهرس الجزء العاشر كلمة ( المال : الجهاد به أقوى آيات الإيمان وقوام الدين والدولة ) يرشدك إلى عشر صفحات متفرقة فصلنا فيها هذه المسألة .