المسألة الثامنة ـ في الأخبار والآثار في الجماعة بمعنى الإجماع :
بينا أن لفظ
الإجماع لم يرد في الكتاب والسنة بالمعنى المعروف في اصطلاح الأصوليين ، ولكن ورد في الأخبار والآثار لفظ الجماعة بالمعنى المقصود من الإجماع الأصولي الصحيح المختار ، ويقابله الاختلاف والتفرق اللذان نهى الله عنهما ورسوله نهيا شديدا .
ومن الأخبار في ذلك حديث :
nindex.php?page=hadith&LINKID=919151من فارق الجماعة شبرا فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه رواه
أحمد وأبو داود والحاكم عن
أبي ذر ،
nindex.php?page=showalam&ids=12508وابن أبي شيبة عن
حذيفة ، ورواه
الحاكم عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر بلفظ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=919152من خرج من الجماعة قيد شبر ، فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه حتى يراجعه ، ومن مات وليس عليه إمام جماعة فإن موتته موتة جاهلية وبقريب من هذا اللفظ
nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ،
nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي عن
حذيفة بلفظ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=919153من فارق الجماعة شبرا فقد فارق الإسلام ورواه غيرهم أيضا بألفاظ متقاربة .
ومنها حديث :
nindex.php?page=hadith&LINKID=919154يد الله على الجماعة رواه
الترمذي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ،
nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني عن
عرفجة بزيادة : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=919155والشيطان مع من خالف الجماعة يركض " وحديث : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=919156لن تجتمع أمتي على ضلالة أبدا ، وإن يد الله على الجماعة " رواه بهذا اللفظ
nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ، وتقدم في المسألة الخامسة ذكر الشطر الأول منه .
قال
الحافظ ابن حجر في الفتح عند ذكر قول
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : " باب
وكذلك جعلناكم أمة وسطا ، وما أمر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بلزوم الجماعة وهم أهل العلم " ، وورد الأمر بلزوم الجماعة في عدة أحاديث منها ما أخرجه
الترمذي مصححا من حديث
الحارث بن الحارث الأشعري ، فذكر حديثا طويلا فيه :
nindex.php?page=hadith&LINKID=919157وأنا آمركم بخمس أمرني الله بهن : السمع ، والطاعة ، والجهاد ، والهجرة ، والجماعة ; فإن من فارق الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه ، وفي خطبة
عمر المشهورة التي خطبها في الجابية :
nindex.php?page=hadith&LINKID=919158عليكم بالجماعة وإياكم والفرقة فإن الشيطان [ ص: 174 ] مع الواحد وهو من الاثنين أبعد ، وفيه :
nindex.php?page=hadith&LINKID=919159من أراد بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12997ابن بطال : مراد الباب الحض على الاعتصام بالجماعة لقوله :
لتكونوا شهداء على الناس ( 2 : 143 ) ،
وشرط قبول الشهادة العدالة ، وقد ثبتت لهم هذه الصفة بقوله : وسطا والوسط العدل ، والمراد بالجماعة أهل الحل والعقد من كل عصر ، وقال
الكرماني : مقتضى الأمر بلزوم الجماعة أنه يلزم المكلف متابعة ما أجمع عليه المجتهدون وهم المراد بقوله - أي
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري - وهم أهل العلم ، والآية التي ترجم عليها احتج بها أهل الأصول لكون الإجماع حجة ؛ لأنهم عدلوا بقوله تعالى :
جعلناكم أمة وسطا ، أي عدولا ، ومقتضى ذلك أنهم عصموا من الخطأ فيما أجمعوا عليه قولا وفعلا ، انتهى ما أورده في الفتح ، وقوله : " عصموا " إلخ ، ممنوع كما تقدم .
أقول : إن التعديل للأمة ، وإنما يمثل الأمة أهل الحل والعقد ، وهم الذين يناط بهم أمرها ويجب عليها اتباعهم فيما أجمعوه وعزموه لا المجتهدون ، خاصة الذين ذكرهم جمهور المصنفين في الأصول الذين قد يكونون رجلين حرين أو عبدين أو امرأتين ، فإن هذين أو هاتين لا يصح أن يصدق عليهما نص
وكذلك جعلناكم أمة وسطا فلله در
nindex.php?page=showalam&ids=12997ابن بطال فقد جاء بالحق ، وما بعد الحق إلا الضلال .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في باب قوله تعالى :
وأمرهم شورى بينهم ( 42 : 38 ) ، من أواخر كتاب الاعتصام :
وكان الأئمة بعد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يستشيرون الأمناء من أهل العلم في الأمور المباحة ليأخذوا بأسهلها ، فإذا وضع الكتاب أو السنة لم يتعدوه إلى غيره اقتداء بالنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، وذكر قتال
أبي بكر لمانعي الزكاة من غير استشارة عملا بالنص ، ثم قال : وكان القراء أصحاب مشورة
عمر كهولا كانوا أو شبانا ، وكان وقافا عند كتاب الله عز وجل اهـ .