للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر فإن فاءوا فإن الله غفور رحيم
قوله : يؤلون أي يحلفون : والمصدر إيلا وألية وإلوة ، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : " الذين آلوا " يقال : آلى يؤالي ويأتلي بالتاء ائتلاء : أي حلف ، ومنه :
ولا يأتل أولو الفضل منكم [ النور : 22 ] ، ومنه :
قليل الألايا حافظ ليمينه
البيت .
وقد
اختلف أهل العلم في الإيلاء ، فقال الجمهور : إن الإيلاء هو أن يحلف أن لا يطأ امرأته أكثر من أربعة أشهر ، فإن حلف على أربعة أشهر فما دونهما لم يكن موليا وكانت عندهم يمينا محضا ، وبهذا قال
مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي وأحمد nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري والكوفيون : الإيلاء أن يحلف على أربعة أشهر فصاعدا ، وهو قول عطاء .
وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أنه لا يكون موليا حتى يحلف أن لا يمسها أبدا .
وقالت طائفة : إذا حلف أن لا يقرب امرأته يوما أو أقل أو أكثر ثم لم يطأ أربعة أشهر بانت منه بالإيلاء .
وبه قال
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود والنخعي nindex.php?page=showalam&ids=12526وابن أبي ليلى والحكم nindex.php?page=showalam&ids=15741وحماد بن أبي سليمان وقتادة وإسحاق .
قال
ابن المنذر : وأنكر هذا القول كثير من أهل العلم .
قوله :
من نسائهم يشمل الحرائر والإماء إذا كن زوجات ، وكذلك
يدخل تحت قوله : للذين يؤلون العبد إذا حلف من زوجته ، وبه قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وأحمد nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور قالوا : وإيلاؤه كالحر .
وقال
مالك nindex.php?page=showalam&ids=12300والزهري وعطاء وأبو حنيفة وإسحاق : إن أجله شهران .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي :
إيلاء الأمة نصف إيلاء الحرة .
والتربص : التأني والتأخر ، قال الشاعر :
تربص بها ريب المنون لعلها تطلق يوما أو يموت حليلها
وقت الله سبحانه بهذه المدة دفعا للضرار عن الزوجة .
وقد كان أهل الجاهلية يؤلون السنة والسنتين وأكثر من ذلك يقصدون بذلك ضرار النساء .
وقد قيل : إن الأربعة الأشهر هي التي لا تطيق المرأة الصبر عن زوجها زيادة عليها .
قوله :
فإن فاءوا أي رجعوا ومنه :
حتى تفيء إلى أمر الله [ الحجرات : 9 ] أي ترجع ، ومنه قيل للظل بعد الزوال فيء لأنه رجع عن جانب المشرق إلى جانب المغرب ، يقال : فاء يفيء فيئة وفيوءا ، وإنه لسريع الفيئة : أي الرجعة ،
[ ص: 150 ] ومنه قول الشاعر :
ففاءت ولم تقض الذي أقبلت له ومن حاجة الإنسان ما ليس قاضيا
قال
ابن المنذر : وأجمع كل من يحفظ عنه العلم على أن الفيء الجماع لمن لا عذر له ، فإن كان له عذر مرض أو سجن فهي امرأته ، فإذا زال العذر فأبى الوطء ، فرق بينهما إن كانت المدة قد انقضت ، قاله
مالك ، وقالت طائفة : إذا أشهد على فيئته بقلبه في حال العذر أجزأه .
وبه قال
الحسن وعكرمة والنخعي nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد بن حنبل .
وقد أوجب الجمهور على
المولي إذا فاء بجماع امرأته الكفارة .
وقال
الحسن والنخعي : لا كفارة عليه .
قوله :
وإن عزموا الطلاق العزم : العقد على الشيء ، ويقال عزم يعزم عزما وعزيمة وعزمانا ، واعتزم اعتزاما ، فمعنى عزموا الطلاق : عقدوا عليه قلوبهم .
والطلاق من طلقت المرأة تطلق ، كنصر ينصر ، طلاقا فهي طالق وطالقة أيضا ويجوز طلقت بضم اللام ، مثل عظم يعظم ، وأنكره الأخفش .
والطلاق : حل عقدة النكاح ، وفي ذلك دليل على أنها لا تطلق بمضي أربعة أشهر كما قال
مالك ، ما لم يقع إنشاء تطليق بعد المدة ، وأيضا فإنه قال : سميع ، وسميع يقتضي مسموعا بعد المضي .
وقال
أبو حنيفة : سميع لإيلائه عليم بعزمه الذي دل عليه مضي أربعة أشهر .
واعلم أن أهل كل مذهب قد فسروا هذه الآية بما يطابق مذهبهم وتكلفوا بما لم يدل عليه اللفظ ، ولا دليل آخر ، ومعناها ظاهر واضح ، وهو أن الله جعل الأجل لمن يولي : أي يحلف من امرأته - أربعة أشهر .
ثم قال مخبرا لعباده بحكم هذا المولي بعد هذه المدة فإن فاءوا رجعوا إلى بقاء الزوجية واستدامة النكاح
فإن الله غفور رحيم أي لا يؤاخذهم بتلك اليمين بل يغفر لهم ويرحمهم
وإن عزموا الطلاق أي وقع العزم منهم عليه والقصد له
فإن الله سميع لذلك منهم عليم به ، فهذا معنى الآية الذي لا شك فيه ولا شبهة ، فمن
حلف أن يطأ امرأته ولم يقيد بمدة أو قيد بزيادة على أربعة أشهر كان علينا إمهاله أربعة أشهر ، فإذا مضت فهو بالخيار إما رجع إلى نكاح امرأته ، وكانت زوجته بعد مضي المدة كما كانت زوجته قبلها ، أو طلقها وكان له حكم المطلق لامرأته ابتداء ، وأما إذا وقت بدون أربعة أشهر فإن أراد أن يبر في يمينه اعتزل امرأته التي حلف منها حتى تنقضي المدة كما فعل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حين آلى من نسائه شهرا فإنه اعتزلهن حتى مضى الشهر ، وإن أراد أن يطأ امرأته قبل مضي تلك المدة التي هي دون أربعة أشهر حنث في يمينه ولزمته الكفارة ، وكان ممتثلا لما صح عنه صلى الله عليه وآله وسلم من قوله :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1019609من حلف على شيء فرأى غيره خيرا منه فليأت الذي هو خير منه وليكفر عن يمينه .
وقد أخرج
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وعبد الرزاق nindex.php?page=showalam&ids=16298وعبد بن حميد وابن المنذر والبيهقي في سننه عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال : الإيلاء أن يحلف أنه لا يجامعها أبدا .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير وابن المنذر nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عنه في قوله :
للذين يؤلون من نسائهم قال : هو الرجل يحلف لامرأته بالله لا ينكحها فتتربص أربعة أشهر فإن هو نكحها كفر عن يمينه ، فإن مضت أربعة أشهر قبل أن ينكحها خيره السلطان إما أنه يفيء وإما أن يعزم فيطلق كما قال الله سبحانه .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16000سعيد بن منصور nindex.php?page=showalam&ids=16298وعبد بن حميد nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني والبيهقي عنه قال : كان إيلاء الجاهلية السنة والسنتين وأكثر من ذلك ، فوقت الله لهم أربعة أشهر فإن
كان إيلاؤه أقل من أربعة أشهر فليس بإيلاء .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16298عبد بن حميد عن
علي قال : الإيلاء إيلاءان : إيلاء في الغضب ، وإيلاء في الرضا ، فأما الإيلاء في الغضب : فإذا مضت أربعة أشهر فقد بانت منه ، وأما ما كان في الرضا فلا يؤاخذ به .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال : لا إيلاء إلا بغضب .
وأخرج
أبو عبيد في فضائله
وابن المنذر عن
nindex.php?page=showalam&ids=34أبي بن كعب أنه قرأ " فإن فاءوا فيهن فإن الله غفور رحيم " .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16298عبد بن حميد عن
علي قال :
الفيء الجماع .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16000سعيد بن منصور nindex.php?page=showalam&ids=16298وعبد بن حميد nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير وابن المنذر nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه من طرق عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس مثله .
وأخرج
ابن المنذر عن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود مثله .
وأخرج
ابن المنذر عن
علي قال : الفيء الرضا .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16328ابن أبي حاتم عن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود مثله .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16298عبد بن حميد عن
الحسن ، قال : الفيء الإشهاد ، وأخرج
عبد الرزاق عنه قال :
الفيء الجماع ، فإن كان له عذر أجزأه أن يفيء بلسانه .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16328ابن أبي حاتم عن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود قال : إذا حال بينه وبينها مرض أو سفر أو حبس أو شيء يعذر به فإشهاده فيء .
وللسلف في الفيء أقوال مختلفة ، فينبغي الرجوع إلى معنى الفيء لغة ، وقد بيناه .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير عن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب أنه قال في الإيلاء : إذا مضت أربعة أشهر لا شيء عليه حتى يوقف فيطلق أو يمسك .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير والبيهقي عن
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان بن عفان نحوه .
وأخرج
مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي nindex.php?page=showalam&ids=16298وعبد بن حميد nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير والبيهقي عن
علي نحوه .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=16298وعبد بن حميد عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر نحوه أيضا .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير والبيهقي عن
عائشة نحوه .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير nindex.php?page=showalam&ids=14269والدارقطني والبيهقي من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16068سهيل بن أبي صالح عن أبيه قال : سألت اثني عشر رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن الرجل يولي من امرأته فكلهم يقول : ليس عليه شيء حتى تمضي الأربعة الأشهر فتوقف فإن فاء وإلا طلق .
وأخرج
البيهقي عن
ثابت بن عبيدة مولى زيد بن ثابت عن اثني عشر رجلا من الصحابة نحوه .
وأخرج
عبد الرزاق nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم والبيهقي عن
عمر وعثمان وعلي nindex.php?page=showalam&ids=47وزيد بن ثابت nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس قالوا : الإيلاء تطليقة بائنة إذا مرت أربعة أشهر ، قبل أن يفيء فهي أملك بنفسها ، وللصحابة والتابعين في هذا أقوال مختلفة متناقضة ، والمتعين الرجوع إلى ما في الآية الكريمة ، وهو ما عرفناك فاشدد عليه يديك .
وأخرج
عبد الرزاق عن
عمر قال : إيلاء العبد شهران .
وأخرج
مالك عن
nindex.php?page=showalam&ids=13283ابن شهاب قال : إيلاء العبد
[ ص: 150 ] نحو إيلاء الحر .