[ ص: 13 ] معنى الفاتحة في الأصل أول ما من شأنه أن يفتتح به ، ثم أطلقت على أول كل شيء كالكلام ، والتاء للنقل من الوصفية إلى الاسمية ، فسميت هذه السورة فاتحة الكتاب لكونه افتتح بها ، إذ هي أول ما يكتبه الكاتب من المصحف ، وأول ما يتلوه التالي من الكتاب العزيز ، وإن لم تكن أول ما نزل من القرآن .  
وقد اشتهرت هذه السورة الشريفة بهذا الاسم في أيام النبوة .  
قيل هي مكية ، وقيل مدنية . 
وقد أخرج الواحدي  في أسباب النزول ، والثعلبي  في تفسيره عن علي  رضي الله عنه قال : نزلت فاتحة الكتاب  بمكة  من كنز تحت العرش    . 
وأخرج  ابن أبي شيبة  في المصنف ، وأبو نعيم  والبيهقي  كلاهما في دلائل النبوة ، والثعلبي  والواحدي  من حديث عمر بن شرحبيل  أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لما شكا إلى   خديجة  ما يجده عند أوائل الوحي ، فذهبت به إلى  ورقة  فأخبره فقال له : إذا خلوت وحدي سمعت نداء خلفي : يا  محمد  يا محمد  يا محمد  فأنطلق هاربا في الأرض ، فقال : لا تفعل ، إذا أتاك فاثبت حتى تسمع ما يقول ثم ائتني فأخبرني ، فلما خلا ناداه يا  محمد  قل : بسم الله الرحمن الرحيم   ، حتى بلغ ولا الضالين  الحديث . 
وأخرج أبو نعيم  في الدلائل عن رجل من بني سلمة  قال : لما أسلمت فتيان  بني سلمة  وأسلم ولد  عمرو بن الجموح  قالت امرأة  عمرو  له : هل لك أن تسمع من أبيك ما روي عنه ؟ فسأله فقرأ عليه : (  الحمد لله رب العالمين    ) ، وكان ذلك قبل الهجرة     . 
وأخرج  أبو بكر بن الأنباري  في المصاحف عن عبادة  قال : فاتحة الكتاب نزلت  بمكة     . 
فهذا جملة ما استدل به من قال إنها نزلت بمكة      . 
واستدل من قال إنها نزلت بالمدينة  بما أخرجه  ابن أبي شيبة  في المصنف ،  وأبو سعيد بن الأعرابي  في معجمه ،  والطبراني  في الأوسط من طريق مجاهد بن أبي هريرة     " رن إبليس حين أنزلت فاتحة الكتاب     " وأنزلت بالمدينة     . 
وأخرج  ابن أبي شيبة  في المصنف ،  وعبد بن حميد ،  وابن المنذر ،  وأبو نعيم  في الحلية وغيرهم من طرق عن مجاهد  قال : نزلت فاتحة الكتاب  بالمدينة  ، وقيل : إنها نزلت مرتين مرة بمكة  ومرة  بالمدينة   جمعا بين هذه الروايات . 
				
						
						
