لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم وكان الله سميعا عليما إن تبدوا خيرا أو تخفوه أو تعفوا عن سوء فإن الله كان عفوا قديرا
نفى الحب كناية عن البغض ، وقراءة الجمهور
إلا من ظلم على البناء للمجهول ، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم ،
وابن أبي إسحاق ،
والضحاك ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس ،
nindex.php?page=showalam&ids=13033وابن جبير ،
nindex.php?page=showalam&ids=16571وعطاء بن السائب ( إلا من ظلم ) على البناء للمعلوم ، وهو على القراءة الأولى استثناء متصل بتقدير مضاف محذوف ؛ أي : إلا جهر من ظلم ، وقيل : إنه على القراءة الأولى أيضا منقطع ؛ أي : لكن من ظلم فله أن يقول : ظلمني فلان .
واختلف أهل العلم في
كيفية الجهر بالسوء الذي يجوز لمن ظلم ، فقيل : هو أن يدعو على من ظلمه ، وقيل : لا بأس أن يجهر بالسوء من القول على من ظلمه بأن يقول : فلان ظلمني أو هو ظالم أو نحو ذلك ، وقيل : معناه : إلا من أكره على أن يجهر بسوء من القول من كفر أو نحوه فهو مباح له ، والآية على هذا في الإكراه ، وكذا قال
قطرب ، قال : ويجوز أن يكون على البدل كأنه قال : لا يحب الله إلا من ظلم ؛ أي : لا يحب الظالم بل يحب المظلوم ، والظاهر من الآية أنه يجوز لمن ظلم أن يتكلم بالكلام الذي هو من السوء في جانب من ظلمه ، ويؤيده الحديث الثابت في الصحيح بلفظ
nindex.php?page=hadith&LINKID=1019993لي الواجد ظلم يحل عرضه وعقوبته وأما على القراءة الثانية فالاستثناء منقطع ؛ أي : إلا من ظلم في فعل أو قول فاجهروا له بالسوء من القول في معنى النهي عن فعله والتوبيخ له .
وقال قوم : معنى الكلام : لا يحب الله أن يجهر أحد بالسوء من القول ، لكن من ظلم فإنه يجهر بالسوء ظلما وعدوانا وهو ظالم في ذلك ، وهذا شأن كثير من
[ ص: 340 ] الظلمة فإنهم مع ظلمهم يستطيلون بألسنتهم على من ظلموه وينالون من عرضه ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : يجوز أن يكون المعنى إلا من ظلم فقال سوءا ، فإنه ينبغي أن يأخذوا على يديه ويكون استثناء ليس من الأول
وكان الله سميعا عليما هذا تحذير للظالم بأن الله يسمع ما يصدر منه ويعلم به ، ثم بعد أن أباح للمظلوم أن يجهر بالسوء ندب إلى ما هو الأولى والأفضل ،
فقال :
إن تبدوا خيرا أو تخفوه أو تعفوا عن سوء تصابون به
فإن الله كان عفوا عن عباده قديرا على الانتقام منهم بما كسبت أيديهم فاقتدوا به سبحانه فإنه يعفو مع القدرة ، وقد أخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير ،
وابن المنذر ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس في قوله :
لا يحب الله الجهر بالسوء من القول قال : لا يحب الله أن يدعو أحد على أحد إلا أن يكون مظلوما فإنه رخص له أن يدعو على من ظلمه وأن يصبر فهو خير له .
وأخرج
عبد الرزاق ،
nindex.php?page=showalam&ids=16298وعبد بن حميد ،
nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير ، عن
مجاهد في الآية قال : نزلت في رجل ضاف رجلا بفلاة من الأرض فلم يضفه ، ثم ذكر أنه لم يضفه لم يزد على ذلك . وأخرج
ابن المنذر ، عن
إسماعيل لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم قال : كان
nindex.php?page=showalam&ids=14676الضحاك بن مزاحم يقول : هذا على التقديم والتأخير ، يقول الله : ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم إلا من ظلم ، وكان يقرؤها كذلك ، ثم قال :
لا يحب الله الجهر بالسوء من القول أي : على كل حال ، هكذا قال ، وهو قريب من التحريف لمعنى الآية .
وقد أخرج
nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة والترمذي ، عن
عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1019994من دعا على من ظلمه فقد انتصر وروى نحوه
أبو داود عنها من وجه آخر ، وقد أخرج
أبو داود من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1019995المتسابان ما قالاه ، فعلى البادئ منهما ما لم يعتد المظلوم .