يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم إلى الله مرجعكم جميعا فينبئكم بما كنتم تعملون
أي الزموا أنفسكم أو احفظوها كما تقول : عليك زيدا ; أي : الزمه ، قرئ لا يضركم بالجزم على أنه جواب الأمر الذي يدل عليه اسم الفعل .
وقرأ
نافع وغيره بالرفع على أنه مستأنف ، كقول الشاعر :
فقال رائدهم أرسوا نزاولها
أو على أن ضم الراء للاتباع ، وقرئ ( لا يضركم ) بكسر الضاد ، وقرئ لا يضيركم والمعنى : لا يضركم ضلال من ضل من الناس إذا اهتديتم للحق أنتم في أنفسكم ، وليس في الآية ما يدل على سقوط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فإن من تركه مع كونه من أعظم الفروض الدينية فليس بمهتد . وقد قال الله سبحانه :
إذا اهتديتم وقد دلت الآيات القرآنية ، والأحاديث المتكاثرة على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وجوبا مضيقا متحتما ، فتحمل هذه الآية على من لا يقدر على القيام بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، أو لا يظن التأثير بحال من الأحوال ، أو يخشى على نفسه أن يحل به ما يضره ضررا يسوغ له معه الترك إلى الله مرجعكم يوم القيامة فينبئكم بما كنتم تعملون في الدنيا فيجازي المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته .
وقد أخرج
nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة وأحمد nindex.php?page=showalam&ids=16298وعبد بن حميد وأبو داود nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي وصححه ،
nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير وابن المنذر nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان nindex.php?page=showalam&ids=14269والدارقطني والضياء في المختارة وغيرهم ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16834قيس بن أبي حازم قال : قام
أبو بكر فحمد الله وأثنى عليه وقال : يا أيها الناس إنكم تقرءون هذه الآية
ياأيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم وإنكم تضعونها على غير مواضعها ، وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1020102إن الناس إذا رأوا المنكر ولم يغيروه أوشك أن يعمهم الله بعقاب . وفي لفظ
nindex.php?page=showalam&ids=16935لابن جرير عنه : والله لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليعمنكم الله منه بعقاب .
وأخرج
الترمذي وصححه ،
nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير والبغوي في معجمه ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني وأبو الشيخ والحاكم وصححه ،
وابن مردويه والبيهقي في الشعب عن أبي
أمية الشعثاني قال : ( أتيت
nindex.php?page=showalam&ids=1500أبا ثعلبة الخشني فقلت له : كيف تصنع في هذه الآية ؟ قال : أية آية ؟ قلت : قوله :
ياأيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم قال : أما والله لقد سألت عنها خبيرا ، سألت عنها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1020103بل ائتمروا بالمعروف وتناهوا عن المنكر حتى إذا رأيت شحا مطاعا وهوى متبعا ودنيا مؤثرة وإعجاب كل ذي رأي برأيه فعليك بخاصة نفسك ودع عنك أمر العوام ، فإن من ورائكم أياما الصبر فيهن مثل القبض على الجمر ، للعامل فيهن أجر خمسين رجلا يعملون مثل عملكم . وفي لفظ قيل : يا رسول الله أجر خمسين رجلا منا أو منهم ؟ قال : بل أجر خمسين منكم .
وأخرج
أحمد nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني وابن مردويه (
nindex.php?page=hadith&LINKID=1020104عن عامر الأشعري أنه كان فيهم أعمى ، فاحتبس على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثم أتاه فقال : ما حبسك ؟ قال : يا رسول الله قرأت هذه الآية ياأيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم قال : فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم : أين ذهبتم ؟ إنما هي لا يضركم من ضل إذا اهتديتم ) . وأخرج
عبد الرزاق nindex.php?page=showalam&ids=16000وسعيد بن منصور nindex.php?page=showalam&ids=16298وعبد بن حميد nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير وابن المنذر nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني وأبو الشيخ عن
الحسن : أن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود سأله رجل عن قوله :
عليكم أنفسكم فقال : يا أيها الناس إنه ليس بزمانها إنها اليوم مقبولة ، ولكنه قد أوشك أن يأتي زمان تأمرون بالمعروف فيصنع بكم كذا وكذا ، أو قال : فلا يقبل منكم ، فحينئذ عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16000سعيد بن منصور nindex.php?page=showalam&ids=16298وعبد بن حميد عنه في الآية قال : ( مروا بالمعروف وانهوا عن المنكر ما لم يكن من دون ذلك السوط والسيف ، فإذا كان كذلك فعليكم أنفسكم ) . وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير وابن مردويه عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر أنه قال في هذه الآية : إنها لأقوام يجيئون من بعدنا إن قالوا لم يقبل منهم .
وأخرج
عبد الرزاق nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير عن رجل قال : كنت في خلافة
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب بالمدينة في حلقة فيهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فإذا فيهم شيخ حسبت أنه قال
nindex.php?page=showalam&ids=34أبي بن كعب ، فقرأ
عليكم أنفسكم فقال : إنما تأويلها في آخر الزمان . وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16298عبد بن حميد nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير وأبو الشيخ عن
أبي مازن قال : انطلقت على عهد
عثمان إلى
المدينة فإذا قوم جلوس فقرأ أحدهم
عليكم أنفسكم فقال أكثرهم : لم يجئ تأويل هذه الآية اليوم .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير عن
nindex.php?page=showalam&ids=15622جبير بن نفير قال : كنت في حلقة فيها أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم وإني لأصغر القوم ، فتذاكروا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فقلت : أليس الله يقول :
عليكم أنفسكم ؟ فأقبلوا علي بلسان واحد فقالوا : تنزع آية من القرآن لا نعرفها ولا ندري ما تأويلها ؟ حتى تمنيت أني لم أكن تكلمت ، ثم أقبلوا يتحدثون ، فلما حضر قيامهم قالوا : إنك غلام حدث السن ، وإنك نزعت آية لا ندري ما هي ؟ وعسى أن تدرك ذلك
[ ص: 400 ] الزمان : إذا رأيت شحا مطاعا وهوى متبعا وإعجاب كل ذي رأي برأيه ، فعليك بنفسك لا يضرك من ضل إذا اهتديت . وأخرج
ابن مردويه عن
nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ بن جبل عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بنحو حديث
nindex.php?page=showalam&ids=1500أبي ثعلبة الخشني المتقدم ، وفي آخره : كأجر خمسين رجلا منكم .
وأخرج
ابن مردويه عن
nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري قال :
ذكرت هذه الآية عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : لم يجئ تأويلها ، لا يجيء تأويلها حتى يهبط عيسى ابن مريم عليه السلام . والروايات في هذا الباب كثيرة ، وفيما ذكرناه كفاية ، ففيه ما يرشد إلى ما قدمناه من الجمع بين هذه الآية وبين الآيات والأحاديث الواردة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .