وهو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات والنخل والزرع مختلفا أكله والزيتون والرمان متشابها وغير متشابه كلوا من ثمره إذا أثمر وآتوا حقه يوم حصاده ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين ومن الأنعام حمولة وفرشا كلوا مما رزقكم الله ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين هذا فيه تذكير لهم ببديع قدرة الله وعظيم صنعه " أنشأ " أي خلق ، والجنات : البساتين معروشات مرفوعات على الأعمدة
وغير معروشات غير مرفوعات عليها ، وقيل : المعروشات ، ما انبسط على وجه الأرض مما يعرش مثل الكرم والزرع والبطيخ ، وغير المعروشات : ما قام على ساق مثل النخل وسائر الأشجار ، وقيل : المعروشات : ما أنبته الناس وعرشوه ، وغير المعروشات : ما نبت في البراري والجبال .
قوله :
والنخل والزرع معطوف على جنات ، وخصهما بالذكر مع دخولهما في الجنات لما فيها من
[ ص: 452 ] الفضيلة مختلفا أكله أي حال كونه مختلفا أكله في الطعم والجودة والرداءة .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : وهذه مسألة مشكلة في النحو ، يعني انتصاب مختلفا على الحال لأنه يقال : قد أنشأها ولم يختلف أكلها ، فالجواب أن الله سبحانه أنشأها مقدرا فيها الاختلاف ، وقد بين هذا
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه بقوله : مررت برجل معه صقر صائدا به غدا : أي مقدرا للصيد به غدا ، كما تقول : لتدخلن الدار آكلين شاربين : أي مقدرين ذلك ، وهذه هي الحال المقدرة المشهورة عند النحاة المدونة في كتب النحو .
وقال :
مختلفا أكله ولم يقل أكلهما اكتفاء بإعادة الذكر على أحدهما كقوله :
وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها ( الجمعة : 11 ) أو الضمير بمنزلة اسم الإشارة : أي : أكل ذلك .
قوله :
والزيتون والرمان معطوف على جنات : أي وأنشأ الزيتون والرمان حال كونه متشابها وغير متشابه ، وقد تقدم الكلام على تفسير هذا
كلوا من ثمره أي من ثمر كل واحد منهما ، أو من ثمر ذلك
إذا أثمر أي إذا حصل فيه الثمر وإن لم يدرك ويبلغ حد الحصاد .
قوله :
وآتوا حقه يوم حصاده .
وقد اختلف أهل العلم : هل هذه محكمة أو منسوخة أو محمولة على الندب ، فذهب
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر وعطاء ومجاهد nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير ، إلى أن الآية محكمة ، وأنه يجب على
المالك يوم الحصاد أن يعطي من حضر من المساكين القبضة والضغث ونحوهما .
وذهب
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، nindex.php?page=showalam&ids=12691ومحمد ابن الحنفية والحسن والنخعي nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوس وأبو الشعثاء وقتادة ، والضحاك ، nindex.php?page=showalam&ids=13036وابن جريج أن هذه الآية منسوخة بالزكاة .
واختاره
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير ، ويؤيده أن هذه الآية مكية وآية الزكاة مدنية في السنة الثانية بعد الهجرة ، وإلى هذا ذهب جمهور أهل العلم من السلف والخلف .
وقالت طائفة من العلماء : إن الآية محمولة على الندب لا على الوجوب .
قوله :
ولا تسرفوا أي في التصدق ، وأصل
الإسراف في اللغة : الخطأ ، والإسراف في النفقة : التبذير ، وقيل : هو خطاب للولاة يقول لهم : لا تأخذوا فوق حقكم ، وقيل : المعنى : لا تأخذوا الشيء بغير حقه وتضعونه في غير مستحقه .
قوله :
ومن الأنعام حمولة وفرشا معطوف على جنات : أي وأنشأ لكم من الأنعام حمولة وفرشا ، والحمولة ما يحمل عليها ، وهو يختص بالإبل فهي فعولة بمعنى فاعلة ، والفرش : ما يتخذ من الوبر والصوف والشعر فراشا يفترشه الناس ، وقيل : الحمولة الإبل ، والفرش : الغنم : وقيل : الحمولة : كل ما حمل عليه من الإبل والبقر والخيل والبغال والحمير ، والفرش : الغنم ، وهذا لا يتم إلا على فرض صحة إطلاق اسم الأنعام على جميع هذه المذكورات ، وقيل : الحمولة : ما تركب ، والفرش : ما يؤكل لحمه
كلوا مما رزقكم من هذه الأشياء
ولا تتبعوا خطوات الشيطان كما فعل المشركون من تحريم ما لم يحرمه الله وتحليل ما لم يحلله إنه أي
إنه لكم عدو مبين مظهر للعداوة ومكاشف بها .
وقد أخرج
ابن المنذر ، nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، في قوله :
وهو الذي أنشأ جنات معروشات قال : المعروشات ما عرش الناس
وغير معروشات ما خرج في الجبال والبرية من الثمار .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16298عبد بن حميد ، عن
قتادة ، قال : معروشات بالعيدان والقصب وغير معروشات قال :
الضاحي .
وأخرج
أبو الشيخ ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، معروشات قال : الكرم خاصة .
وأخرج
ابن المنذر ، والنحاس ، وأبو الشيخ ، وابن مردويه ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - في قوله : وآتوا حقه يوم حصاده قال : ما سقط من السنبل .
وأخرج
أبو عبيد nindex.php?page=showalam&ids=12508وابن أبي شيبة ، وابن المنذر ، والنحاس ، nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني وأبو الشيخ ، وابن مردويه ، والبيهقي في سننه عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر في قوله :
وآتوا حقه يوم حصاده قال : كانوا يعطون من اعتز بهم شيئا سوى الصدقة .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16000سعيد بن منصور ، nindex.php?page=showalam&ids=12508وابن أبي شيبة ، nindex.php?page=showalam&ids=16298وعبد بن حميد ، وابن المنذر ، nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، والبيهقي عن
مجاهد في الآية قال : إذا حصدت فحضرك المساكين فاطرح لهم من السنبل .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة ، nindex.php?page=showalam&ids=16298وعبد بن حميد ، وابن المنذر ، وأبو الشيخ ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17188ميمون بن مهران nindex.php?page=showalam&ids=17354ويزيد الأصم قال : كان
أهل المدينة إذا صرموا النخل يجيئون بالعذق فيضعونه في المسجد فيجيء السائل فيضربه بالعصا فيسقط منه ، فهو قوله :
وآتوا حقه يوم حصاده .
وأخرج
أحمد ، وأبو داود في سننه من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1020176أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أمر من كل حادي عشرة أوسق من التمر بقنو يعلق في المسجد للمساكين .
وإسناده جيد .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16000سعيد بن منصور ، nindex.php?page=showalam&ids=12508وابن أبي شيبة ، وابن المنذر ، nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم ، والنحاس ، والبيهقي في سننه عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، قال :
وآتوا حقه يوم حصاده نسخها العشر ونصف العشر .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة ، nindex.php?page=showalam&ids=16298وعبد بن حميد ، وأبو داود في ناسخه
وابن المنذر ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي ، نحوه .
وأخرج
النحاس وأبو الشيخ ، والبيهقي عن
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير ، نحوه .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16328ابن أبي حاتم ، عن
عكرمة نحوه .
وأخرج
أبو عبيد nindex.php?page=showalam&ids=12508وابن أبي شيبة ، nindex.php?page=showalam&ids=16298وعبد بن حميد ، وابن المنذر ، عن
الضحاك ، نحوه .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16000سعيد بن منصور ، وابن المنذر ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي ، قال : إن في المال حقا سوى الزكاة .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة ، nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير ، nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عن
أبي العالية قال : ما كانوا يعطون شيئا سوى الزكاة ، ثم إنهم تباذروا وأسرفوا ، فأنزل الله :
ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير ، nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج قال : نزلت في
nindex.php?page=showalam&ids=215ثابت بن قيس بن شماس جد نخلا فقال : لا يأتيني اليوم أحد إلا أطعمته ، فأطعم حتى أمسى وليس له تمرة ، فأنزل الله :
ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16328ابن أبي حاتم ، عن
مجاهد قال : لو أنفقت مثل
أبي قبيس ذهبا في طاعة الله لم يكن إسرافا ، ولو أنفقت صاعا في معصية الله كان إسرافا ، وللسلف في هذا
[ ص: 453 ] مقالات طويلة .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=14906الفريابي وأبو عبيد nindex.php?page=showalam&ids=16298وعبد بن حميد ، وابن المنذر ، nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم ، nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني وأبو الشيخ ، والحاكم وصححه عن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود قال : الحمولة ما حمل عليه من الإبل ، والفرش صغار الإبل التي لا تحمل .
وأخرج
أبو الشيخ ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، قال : الحمولة الكبار من الإبل ، والفرش الصغار من الإبل .
وأخرج
أبو الشيخ ، عنه قال : الحمولة ما حمل عليه ، والفرش ما أكل منه .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير ، وابن المنذر ، nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم ، عنه أيضا قال : الحمولة الإبل والخيل والبغال والحمير وكل شيء يحمل عليه ، والفرش الغنم .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16298عبد بن حميد ، عن
أبي العالية قال : الحمولة الإبل والبقر ، والفرش الضأن والمعز .