إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون
قيل : إن المراد بالذين آمنوا المنافقون ، بدلالة جعلهم مقترنين
باليهود والنصارى والصابئين : أي آمنوا في الظاهر .
والأولى أن يقال : إن المراد الذين صدقوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم وصاروا من جملة أتباعه ، وكأنه سبحانه أراد أن يبين أن حال هذه الملة الإسلامية وحال من قبلها من سائر الملل يرجع إلى شيء واحد ، وهو أن من آمن منهم بالله واليوم الآخر وعمل صالحا استحق ما ذكره الله من الأجر ، ومن فاته ذلك فاته الخير كله والأجر دقه وجله .
والمراد بالإيمان هاهنا هو ما بينه رسول الله من قوله لما سأله
جبريل عن الإيمان فقال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1019338أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله والقدر خيره وشره ولا يتصف بهذا الإيمان إلا من دخل في الملة الإسلامية ، فمن لم يؤمن
بمحمد صلى الله عليه وآله وسلم ولا بالقرآن فليس بمؤمن ، ومن آمن بهما صار مسلما مؤمنا ولم يبق يهوديا ولا نصرانيا ولا مجوسيا .
وقوله :
هادوا معناه صاروا يهودا ، قيل : هو نسبة لهم إلى
يهوذا بن يعقوب بالذال المعجمة فقلبتها العرب دالا مهملة ، وقيل : معنى هادوا : تابوا لتوبتهم عن عبادة العجل ، ومنه قوله تعالى :
إنا هدنا إليك [ الأعراف : 156 ] أي تبنا ، وقيل : إن معناه السكون والموادعة .
وقال في الكشاف : إن معناه دخل في اليهودية .
[ ص: 64 ] والنصارى قال
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه : مفرده نصران ونصرانة كندمان وندمانة ، وأنشد شاهدا على ذلك قول الشاعر :
تراه إذا زار العشا متخففا ويضحي لديه وهو نصران شامس
وقال الآخر :
فكلتاهما خرت وأسجد رأسها كما سجدت نصرانة لم تحنف
قال : ولكن لا يستعمل إلا بياء النسب فيقال : رجل نصراني وامرأة نصرانية .
وقال
الخليل : واحد
النصارى نصري .
وقال
الجوهري :
ونصران قرية
بالشام تنسب إليها
النصارى ، ويقال : ناصرة ، وعلى هذا فالياء للنسب .
وقال في الكشاف : إن الياء للمبالغة كالتي في أحمري ، سموا بذلك لأنهم نصروا
المسيح .
والصابين جمع صابي ، وقيل : صاب .
وقد اختلف فيه القراء فهمزوه جميعا إلا نافعا ، فمن همزه جعله من صبأت النجوم : إذا طلعت ، وصبأت ثنية الغلام : إذا خرجت .
ومن لم يهمزه جعله من صبا يصبو : إذا مال ، والصابئ في اللغة : من خرج ومال من دين إلى دين ، ولهذا كانت العرب تقول لمن أسلم قد صبأ ، وسموا هذه الفرقة صابئة ، لأنها خرجت من دين
اليهود والنصارى وعبدوا الملائكة .
وقوله :
من آمن بالله في موضع نصب بدلا من الذين آمنوا وما بعده ، وقد تقدم معنى الإيمان ، ويكون خبر إن قوله :
فلهم أجرهم ويجوز أن يكون قوله
من آمن بالله في محل رفع على أنه مبتدأ خبره قوله : فلهم أجرهم وهما جميعا خبر " إن " والعائد مقدر في الجملة الأولى : أي من آمن منهم ، ودخلت الفاء في الخبر لتضمن المبتدأ معنى الشرط .
وقد تقدم تفسير قوله تعالى :
فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون [ البقرة : 38 ] .
وقد أخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16328ابن أبي حاتم عن
سلمان قال : سألت النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن أهل دين كنت معهم فذكرت من صلاتهم وعبادتهم ، فنزلت
إن الذين آمنوا والذين هادوا الآية .
وأخرج
الواحدي عن
مجاهد نحو ذلك .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي في ذكر السبب بنحو ما سبق ، وحكى قصة طويلة .
وأخرج
أبو داود في الناسخ والمنسوخ
nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس في قوله :
إن الذين آمنوا والذين هادوا قال : فأنزل الله بعد هذا
ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين [ آل عمران : 85 ] .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم عن
علي قال : إنما سميت
اليهود لأنهم قالوا :
إنا هدنا إليك [ الأعراف : 156 ] .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16328ابن أبي حاتم عن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود قال : نحن أعلم من أين سميت
اليهود باليهودية ، من كلمة
موسى عليه السلام إنا هدنا إليك ولم تسمت
النصارى بالنصرانية ، من كلمة
عيسى عليه السلام كونوا أنصار الله [ الصف : 14 ] وأخرج
أبو الشيخ نحوه عنه .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير عن
قتادة : إنما تسموا نصارى بقرية يقال لها
ناصرة .
وأخرج
ابن سعد في طبقاته
nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال : إنما سميت النصارى لأن قرية
عيسى كانت تسمى
ناصرة . وأخرج
عبد الرزاق nindex.php?page=showalam&ids=16298وعبد بن حميد nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم عن
مجاهد قال :
الصابئون فرقة بين
اليهود والنصارى والمجوس ليس لهم دين .
وأخرج
عبد الرزاق عنه قال : قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : فذكر نحوه .
وقد روي في تفسير
الصابئين غير هذا .