وقالوا اتخذ الله ولدا سبحانه بل له ما في السماوات والأرض كل له قانتون بديع السماوات والأرض وإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون وقال الذين لا يعلمون لولا يكلمنا الله أو تأتينا آية كذلك قال الذين من قبلهم مثل قولهم تشابهت قلوبهم قد بينا الآيات لقوم يوقنون
قوله : وقالوا هم
اليهود والنصارى وقيل
اليهود ، أي قالوا :
عزير ابن الله وقيل
النصارى ، أي قالوا :
المسيح ابن الله وقيل : هم كفار العرب ، أي قالوا : الملائكة بنات الله .
وقوله : سبحانه قد تقدم تفسيره ، والمراد هنا تبرؤ الله تعالى عما نسبوه إليه من اتخاذ الولد .
وقوله :
بل له ما في السماوات والأرض رد على القائلين بأنه اتخذ ولدا ، أي بل هو مالك لما في السماوات والأرض ، وهؤلاء القائلون داخلون تحت ملكه ، والولد من جنسهم لا من جنسه ، ولا يكون الولد إلا من جنس الوالد .
والقانت : المطيع الخاضع ، أي كل من في السماوات والأرض مطيعون له خاضعون لعظمته خاشعون لجلاله ،
والقنوت في أصل اللغة القيام .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : فالخلق قانتون أي قائمون بالعبودية إما إقرارا وإما أن يكونوا على خلاف ذلك ، فأثر الصنعة بين عليهم ، وقيل : أصله الطاعة ، ومنه
والقانتين والقانتات وقيل : السكون ، ومنه قوله :
وقوموا لله قانتين ولهذا قال
nindex.php?page=showalam&ids=68زيد بن أرقم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1019454كنا نتكلم في الصلاة حتى نزلت وقوموا لله قانتين فأمرنا بالسكوت ونهينا عن الكلام ، وقيل القنوت : الصلاة ، ومنه قول الشاعر :
قانتا لله يتلو كتبه وعلى عمد من الناس اعتزل
والأولى أن القنوت لفظ مشترك بين معان كثيرة ، قيل : هي ثلاثة عشر معنى ، وهي مبينة .
وقد نظمها بعض أهل العلم كما أوضحت ذلك في شرحي علم المنتقى .
و ( بديع ) : فعيل للمبالغة وهو خبر مبتدأ محذوف ، أي هو بديع سماواته وأرضه ، أبدع الشيء : أنشأه لا عن مثال ، وكل من أنشأ ما لم يسبق إليه قيل له مبدع .
وقوله :
وإذا قضى أمرا أي أحكمه وأتقنه .
قال
الأزهري : ( قضى ) في اللغة على وجوه : مرجعها إلى انقطاع الشيء وتمامه ، قيل : هو مشترك بين معان ، يقال : قضى بمعنى خلق ، ومنه :
فقضاهن سبع سماوات وبمعنى أعلم ، ومنه
وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب وبمعنى أمر ، ومنه
وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبمعنى ألزم ، ومنه : قضى عليه القاضي ، وبمعنى أوفاه ، ومنه :
فلما قضى موسى الأجل وبمعنى أراد ومنه :
فإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون .
والأمر : واحد الأمور .
وقد ورد في القرآن على أربعة عشر معنى :
الأول : الدين ، ومنه :
حتى جاء الحق وظهر أمر الله
الثاني : بمعنى القول ، ومنه :
فإذا جاء أمرنا .
الثالث : العذاب ، ومنه :
لما قضي الأمر
الرابع :
عيسى ، ومنه :
فإذا قضى أمرا أي أوجد
عيسى عليه السلام .
الخامس : القتل ، ومنه :
فإذا جاء أمر الله
السادس : فتح
مكة ، ومنه
فتربصوا حتى يأتي الله بأمره .
السابع : قتل
بني قريظة وإجلاء
النضير ، ومنه
فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره .
الثامن : القيامة ، ومنه
أتى أمر الله .
التاسع : القضاء ، ومنه
يدبر الأمر .
العاشر : الوحي ، ومنه :
يتنزل الأمر بينهن .
الحادي عشر : أمر الخلائق ، ومنه :
ألا إلى الله تصير الأمور .
الثاني عشر : النصر ، ومنه :
هل لنا من الأمر من شيء .
الثالث عشر : الذنب ، ومنه :
فذاقت وبال أمرها
الرابع عشر : الشأن ، ومنه :
وما أمر فرعون برشيد
هكذا أورد هذه المعاني بأطول من هذا بعض المفسرين وليس تحت ذلك كثير فائدة ، وإطلاقه على الأمور المختلفة لصدق اسم الأمر عليها .
وقوله :
فإنما يقول له كن فيكون الظاهر في هذا المعنى الحقيقي ، وأنه يقول سبحانه هذا اللفظ ، وليس في ذلك مانع ولا جاء ما يوجب تأويله ، ومنه قوله تعالى :
إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون وقال تعالى :
إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون وقال :
وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر ومنه قول الشاعر :
إذا ما أراد الله أمرا فإنما يقول له كن قوله فيكون
وقد قيل : إن ذلك مجاز ، وأنه لا قول ، وإنما هو قضاء يقضيه ، فعبر عنه بالقول ، ومنه قول الشاعر ، وهو
عمر بن حممة الدوسي :
فأصبحت مثل النسر طارت فراخه إذا رام تطيارا يقال له قع
وقال آخر :
قالت جناحاه لساقيه الحقا ونجيا لحكمكما أن يمزقا
والمراد بقوله :
وقال الذين لا يعلمون اليهود ، وقيل :
النصارى ، ورجحه
ابن جرير لأنهم المذكورون في الآية ، وقيل : مشركو العرب ، و لولا حرف تحضيض ، أي هلا
يكلمنا الله بنبوة
محمد فنعلم أنه نبي أو تأتينا
[ ص: 89 ] بذلك علامة على نبوته .
والمراد بقوله :
قال الذين من قبلهم قيل : هم
اليهود والنصارى في قول من جعل
الذين لا يعلمون كفار العرب ، أو الأمم السالفة في قول من جعل
الذين لا يعلمون اليهود والنصارى ، أو
اليهود في قول من جعل
الذين لا يعلمون النصارى : تشابهت أي في التعنت والاقتراح ، وقال
الفراء : تشابهت في اتفاقهم على الكفر .
قد بينا الآيات لقوم يوقنون أي يعترفون بالحق وينصفون في القول ويذعنون لأوامر الله سبحانه لكونهم مصدقين له سبحانه مؤمنين بآياته متبعين لما شرعه لهم .
وقد أخرج
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1019455قال الله تعالى : كذبني ابن آدم وشتمني ، فأما تكذيبه إياي فيزعم أني لا أقدر أن أعيده كما كان ، وأما شتمه إياي فقوله : لي ولد ، فسبحاني أن أتخذ صاحبة أو ولدا .
وأخرج نحوه أيضا من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، وفي الباب أحاديث .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16298عبد بن حميد nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس في قوله :
سبحان الله قال : تنزيه الله نفسه عن السوء .
وأخرج
عبد الرزاق nindex.php?page=showalam&ids=16298وعبد بن حميد nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير وابن المنذر والبيهقي في الأسماء والصفات عن
nindex.php?page=showalam&ids=17176موسى بن طلحة عن النبي صلى الله عليه وسلم
أنه سئل عن التسبيح أن يقول الإنسان : سبحان الله ، قال : براءة الله من السوء .
وأخرجه
الحاكم وصححه ،
وابن مردويه ،
والبيهقي من طريق
طلحة بن يحيى بن طلحة عن أبيه عن جده
nindex.php?page=showalam&ids=55طلحة بن عبيد الله قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1019457سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تفسير سبحان الله ، فقال : هو تنزيه الله من كل سوء .
وأخرجه
ابن مردويه عنه من طريق أخرى مرفوعا .
وأخرج
أحمد ،
nindex.php?page=showalam&ids=16298وعبد بن حميد ،
وأبو يعلى ، nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير ،
وابن المنذر ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم ،
nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان ،
nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني في الأوسط
وأبو نعيم في الحلية
والضياء في المختارة عن
أبي سعيد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1019458كل حرف في القرآن يذكر فيه القنوت فهو الطاعة .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير وابن المنذر عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس في قوله :
كل له قانتون قال : مطيعون .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم عن
أبي العالية في قوله :
بديع السماوات والأرض يقول : ابتدع خلقهما ولم يشركه في خلقهما أحد .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال :
قال رافع بن حريملة لرسول الله صلى الله عليه وسلم : يا محمد إن كنت رسولا من الله كما تقول فقل لله فليكلمنا حتى نسمع كلامه ، فأنزل الله في ذلك : وقال الذين لا يعلمون الآية .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16298عبد بن حميد nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير عن
قتادة أنهم كفار العرب .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16298عبد بن حميد nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير عن
مجاهد قال : هم
النصارى ، والذين من قبلهم :
يهود .