[ ص: 1266 ] واذكر عبدنا أيوب إذ نادى ربه أني مسني الشيطان بنصب وعذاب ( 41 )
اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب ( 42 )
ووهبنا له أهله ومثلهم معهم رحمة منا وذكرى لأولي الألباب ( 43 )
وخذ بيدك ضغثا فاضرب به ولا تحنث إنا وجدناه صابرا نعم العبد إنه أواب ( 44 )
واذكر عبادنا إبراهيم وإسحاق ويعقوب أولي الأيدي والأبصار ( 45 )
إنا أخلصناهم بخالصة ذكرى الدار ( 46 )
وإنهم عندنا لمن المصطفين الأخيار ( 47 )
واذكر إسماعيل واليسع وذا الكفل وكل من الأخيار ( 48 )
هذا ذكر وإن للمتقين لحسن مآب ( 49 )
جنات عدن مفتحة لهم الأبواب ( 50 )
متكئين فيها يدعون فيها بفاكهة كثيرة وشراب ( 51 )
وعندهم قاصرات الطرف أتراب ( 52 )
هذا ما توعدون ليوم الحساب ( 53 )
إن هذا لرزقنا ما له من نفاد ( 54 )
قوله :
واذكر عبدنا أيوب معطوف على قوله
واذكر عبدنا داود [ ص : 17 ]
وأيوب عطف بيان ، و
إذ نادى ربه بدل اشتمال من ( عبدنا )
أني مسني الشيطان قرأ الجمهور بفتح الهمزة على أنه حكاية لكلامه الذي نادى ربه به ، ولو لم يحكه لقال : إنه مسه . وقرأ
عيسى بن عمر بكسرها على إضمار القول .
وفي
قصة أيوب إرشاد لرسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - إلى الاقتداء به في الصبر على المكاره .
قرأ الجمهور بضم النون من قوله :
بنصب وسكون الصاد ، فقيل : هو جمع نصب بفتحتين نحو أسد وأسد ، وقيل : هو لغة في النصب ، نحو رشد ورشد .
وقرأ
أبو جعفر يزيد بن القعقاع وشيبة وحفص ونافع في رواية عنه بضمتين ، ورويت هذه القراءة عن
الحسن .
وقرأ
أبو حيوة ويعقوب وحفص في رواية بفتح وسكون ، وهذه القراءات كلها بمعنى واحد ، وإنما اختلفت القراءات باختلاف اللغات .
وقال
أبو عبيدة : إن النصب بفتحتين : التعب والإعياء ، وعلى بقية القراءات الشر والبلاء ، ومعنى قوله : وعذاب أي : ألم .قال
قتادة ومقاتل : النصب في الجسد ، والعذاب في المال . قال
النحاس وفيه بعد كذا قال . والأولى تفسير النصب بالمعنى اللغوي وهو التعب والإعياء ، وتفسير العذاب بما يصدق عليه مسمى العذاب وهو الألم ، وكلاهما راجع إلى البدن .
اركض برجلك هو بتقدير القول أي : قلنا له : اركض برجلك كذا قال
nindex.php?page=showalam&ids=15080الكسائي : والركض الدفع بالرجل ، يقال : ركض الدابة برجله : إذا ضربها بها .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15153المبرد : الركض التحريك . قال
nindex.php?page=showalam&ids=13721الأصمعي : يقال : ركضت الدابة ، ولا يقال : ركضت هي ، لأن الركض إنما هو تحريك راكبها رجليه ، ولا فعل لها في ذلك ، وحكى
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه : ركضت الدابة فركضت ، مثل جبرت العظم فجبر
هذا مغتسل بارد وشراب هذا أيضا من مقول القول المقدر : المغتسل هو الماء الذي يغتسل به ، والشراب الذي يشرب منه . وقيل : إن المغتسل هو المكان الذي يغتسل فيه . قال
قتادة : هما عينان بأرض
الشام في أرض يقال : لها
الجابية فاغتسل من إحداهما فأذهب الله ظاهر دائه ، وشرب من الأخرى فأذهب الله باطن دائه ، وكذا قال
الحسن .
وقال
مقاتل نبعت عين جارية فاغتسل فيها فخرج صحيحا ، ثم نبعت عين أخرى فشرب منها ماء عذبا باردا .
وفي الكلام حذف ، والتقدير : فركض برجله فنبعت عين ، فقلنا له هذا مغتسل إلخ ،
وأسند المس إلى الشيطان مع أن الله - سبحانه - هو الذي مسه بذلك : إما لكونه لما عمل بوسوسته عوقب على ذلك بذلك النصب والعذاب .
فقد قيل : إنه أعجب بكثرة ماله ، وقيل : استغاثه مظلوم فلم يغثه ، وقيل : إنه قال ذلك على طريقة الأدب ، وقيل : إنه قال ذلك لأن الشيطان وسوس إلى أتباعه ، فرفضوه وأخرجوه من ديارهم ، وقيل المراد به : ما كان يوسوسه الشيطان إليه حال مرضه وابتلائه من تحسين الجزع وعدم الصبر على المصيبة ، وقيل غير ذلك .
وقوله :
ووهبنا له أهله معطوف على مقدر كأنه قيل : فاغتسل وشرب ، فكشفنا بذلك ما به من ضر ووهبنا له أهله .
قيل : أحياهم الله بعد أن أماتهم : وقيل : جمعهم بعد تفرقهم ، وقيل : غيرهم مثلهم ، ثم زاده مثلهم معهم ، وهو معنى قوله :
ومثلهم معهم فكانوا مثلما كانوا من قبل ابتلائه ، وانتصاب قوله :
رحمة منا وذكرى لأولي الألباب على أنه مفعول لأجله أي : وهبناهم له لأجل رحمتنا إياه ، وليتذكر بحاله أولو الألباب فيصبروا على الشدائد كما صبر ، وقد تقدم في سورة الأنبياء تفسير هذه الآية مستوفى فلا نعيده .
وخذ بيدك ضغثا معطوف على اركض ، أو على وهبنا ، أو التقدير وقلنا له و
وخذ بيدك ضغثا والضغث : عثكال النخل بشماريخه ، وقيل : هو قبضة من حشيش مختلط رطبها بيابسها وقيل : الحزمة الكبيرة من القضبان وأصل المادة تدل على جمع المختلطات .
قال
الواحدي : الضغث ملء الكف من الشجر والحشيش والشماريخ
فاضرب به ولا تحنث أي : اضرب بذلك الضغث ولا تحنث في يمينك ، والحنث : الإثم ، ويطلق على فعل ما حلف على تركه ، وكان
أيوب قد حلف في مرضه أن يضرب امرأته مائة جلدة .
واختلف في سبب ذلك ، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب أنها جاءته بزيادة على ما كانت تأتيه به من الخبز فخاف خيانتها فحلف ليضربنها . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=17317يحيى بن سلام ، وغيره : إن الشيطان أغواها أن تحمل
أيوب على أن يذبح سخلة تقربا إليه ، فإنه إذا فعل ذلك برئ ، فحلف ليضربنها إن عوفي مائة جلدة . وقيل : باعت ذؤابتها برغيفين إذ لم تجد شيئا وكان
أيوب يتعلق بها إذا أراد القيام ، فلهذا حلف ليضربنها .
وقيل : جاءها إبليس في صورة طبيب فدعته لمداواة
أيوب ، فقال أداويه على أنه إذا برئ قال : أنت شفيتني ، لا أريد جزاء سواه ، قالت : نعم ، فأشارت على
أيوب بذلك فحلف ليضربنها .
وقد اختلف العلماء هل هذا خاص
بأيوب أو عام للناس كلهم ؟ وأن من حلف خرج من يمينه بمثل ذلك .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : إذا
حلف ليضربن فلانا مائة جلدة أو ضربا ولم يقل ضربا شديدا ولم ينو بقلبه فيكفيه مثل هذا الضرب المذكور في الآية ، حكاه
ابن المنذر عنه وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11956أبي ثور وأصحاب الرأي .
وقال
عطاء : هو خاص
بأيوب ورواه
ابن القاسم عن
مالك .
ثم أثنى الله - سبحانه - على
أيوب فقال :
إنا وجدناه صابرا [ ص: 1267 ] أي : على البلاء الذي ابتليناه به ، فإنه ابتلي بالداء العظيم في جسده وذهاب ماله وأهله وولده فصبر
نعم العبد أي :
أيوب إنه أواب أي : رجاع إلى الله بالاستغفار والتوبة .
واذكر عبادنا إبراهيم وإسحاق ويعقوب قرأ الجمهور عبادنا بالجمع . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ومجاهد وحميد وابن محيصن وابن كثير " عبدنا " بالإفراد .
فعلى قراءة الجمهور يكون
إبراهيم وإسحاق ويعقوب عطف بيان ، وعلى القراءة الأخرى يكون
إبراهيم عطف بيان ، وما بعده عطف على " عبدنا " لا على
إبراهيم .
وقد يقال : لما كان المراد بعبدنا الجنس جاز إبدال الجماعة منه .
وقيل : إن
إبراهيم وما بعده بدل ، أو النصب بإضمار أعني وعطف البيان أظهر ، وقراءة الجمهور أبين وقد اختارها
أبو عبيد وأبو حاتم أولي الأيدي والأبصار الأيدي ، جمع اليد التي بمعنى القوة والقدرة . قال
قتادة : أعطوا قوة في العبادة ونصرا في الدين . قال
الواحدي : وبه قال
مجاهد nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير والمفسرون . قال
النحاس : أما الأبصار فمتفق على أنها البصائر في الدين والعلم . وأما الأيدي فمختلف في تأويلها ، فأهل التفسير يقولون إنها القوة في الدين ، وقوم يقولون : الأيدي جمع يد وهي النعمة أي : هم أصحاب النعم أي : الذين أنعم الله - عز وجل - عليهم ، وقيل : هم أصحاب النعم على الناس والإحسان إليهم ، لأنهم قد أحسنوا وقدموا خيرا ، واختار هذا
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير .
قرأ الجمهور
أولي الأيدي بإثبات الياء في الأيدي . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود ،
nindex.php?page=showalam&ids=13726والأعمش ،
والحسن وعيسى الأيد بغير ياء ، فقيل : معناها معنى القراءة الأولى ، وإنما حذفت الياء لدلالة كسرة الدال عليها ، وقيل : الأيد : القوة .
وجملة
إنا أخلصناهم بخالصة ذكرى الدار تعليل لما وصفوا به .
قرأ الجمهور
بخالصة بالتنوين وعدم الإضافة على أنها مصدر بمعنى الإخلاص ، فيكون ( ذكرى ) منصوبا به ، أو بمعنى الخلوص فيكون ( ذكرى ) مرفوعا به ، أو يكون " خالصة " اسم فاعل على بابه ، و ( ذكرى ) بدل منها ، أو بيان لها ، أو بإضمار أعني ، أو مرفوعة بإضمار مبتدأ ، و ( الدار ) يجوز أن تكون مفعولا به ل ( ذكرى ) ، وأن تكون ظرفا : إما على الاتساع ، أو على إسقاط الخافض ، وعلى كل تقدير ف " خالصة " صفة لموصوف محذوف والباء للسببية أي : بسبب خصلة خالصة .
وقرأ
نافع وشيبة وأبو جعفر وهشام عن
ابن عامر بإضافة " خالصة " إلى ( ذكرى ) على أن الإضافة للبيان ، لأن الخالصة تكون ذكرى وغير ذكرى ، أو على أن " خالصة " مصدر مضاف إلى مفعوله والفاعل محذوف .
أي : بأن أخلصوا ذكرى الدار ، أو مصدر بمعنى الخلوص مضافا إلى فاعله .
قال
مجاهد : معنى الآية استصفيناهم بذكر الآخرة فأخلصناهم بذكرها . وقال
قتادة : كانوا يدعون إلى الآخرة وإلى الله . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : أخلصوا بخوف الآخرة .
قال
الواحدي : فمن قرأ بالتنوين في خالصة كان المعنى : جعلناهم لنا خالصين بأن خلصت لهم ذكرى الدار ، والخالصة مصدر بمعنى الخلوص والذكرى بمعنى التذكر أي : خلص لهم تذكر الدار ، وهو أنهم يذكرون التأهب له ويزهدون في الدنيا ، وذلك من شأن الأنبياء .
وأما من أضاف فالمعنى : أخلصنا لهم بأن خلصت لهم ذكرى الدار ، والخالصة مصدر مضاف إلى الفاعل ، والذكرى على هذا المعنى الذكر .
وإنهم عندنا لمن المصطفين الأخيار الاصطفاء : الاختيار ، والأخيار جمع خير بالتشديد والتخفيف كأموات في جمع ميت مشددا ومخففا ، والمعنى : إنهم عندنا لمن المختارين من أبناء جنسهم من الأخيار .
واذكر إسماعيل قيل : وجه إفراده بالذكر بعد ذكر أبيه وأخيه وابن أخيه للإشعار بأنه عريق في الصبر الذي هو المقصود بالتذكير هنا
واليسع وذا الكفل قد تقدم ذكر
اليسع ، والكلام فيه في الأنعام ، وتقدم ذكر
ذي الكفل والكلام فيه في سورة الأنبياء ، والمراد من ذكر هؤلاء أنهم من جملة
من صبر من الأنبياء وتحملوا الشدائد في دين الله .
أمر الله رسوله - صلى الله عليه وآله وسلم - بأن يذكرهم ليسلك مسلكهم في الصبر
وكل من الأخيار يعني الذين اختارهم الله لنبوته واصطفاهم من خلقه .
هذا ذكر الإشارة إلى ما تقدم من ذكر أوصافهم أي : هذا ذكر جميل في الدنيا وشرف يذكرون به أبدا
وإن للمتقين لحسن مآب أي : لهم مع هذا الذكر الجميل حسن مآب في الآخرة ، والمآب : المرجع ، والمعنى : أنهم يرجعون في الآخرة إلى مغفرة الله ورضوانه ونعيم جنته .
ثم بين حسن المرجع فقال :
جنات عدن قرأ الجمهور جنات بالنصب بدلا من " حسن مآب " ، سواء كان ( جنات عدن ) معرفة أو نكرة لأن المعرفة تبدل من النكرة وبالعكس ، ويجوز أن يكون ( جنات ) عطف بيان إن كانت نكرة ، ولا يجوز ذلك فيها إن كانت معرفة على مذهب جمهور النحاة وقد جوزه بعضهم . ويجوز أن يكون نصب ( جنات ) بإضمار فعل . والعدن في الأصل الإقامة ، يقال : عدن بالمكان : إذا أقام فيه وقيل : هو اسم لقصر في الجنة ، وقرئ برفع ( جنات ) على أنها مبتدأ . وخبرها ( مفتحة ) أو على أنها خبر مبتدأ محذوف أي : هن جنات عدن ، وقوله :
مفتحة لهم الأبواب حال من ( جنات ) ، والعامل فيها ما في المتقين من معنى الفعل ، و ( الأبواب ) مرتفعة باسم المفعول : كقوله :
وفتحت أبوابها [ الزمر : 73 ] والرابط بين الحال وصاحبها ضمير مقدر ، أي : منها ، أو الألف واللام لقيامه مقام الضمير ، إذ الأصل أبوابها .
وقيل : إن ارتفاع الأبواب على البدل من الضمير في " مفتحة " العائد على ( جنات ) ، وبه قال
أبو علي الفارسي أي : مفتحة هي الأبواب .
قال
الفراء : المعنى مفتحة أبوابها ، والعرب تجعل الألف واللام خلفا من الإضافة . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : المعنى مفتحة لهم الأبواب منها . قال
الحسن : إن الأبواب يقال لها : انفتحي فتنفتح انغلقي فتنغلق ، وقيل : تفتح لهم الملائكة الأبواب . وانتصاب
متكئين فيها على الحال من ضمير ( لهم ) ، والعامل فيه ( مفتحة ) ، وقيل : هو حال من يدعون قدمت على العامل فيها أي : يدعون في الجنات حال كونهم متكئين فيها
بفاكهة كثيرة أي : بألوان متعددة متكثرة
[ ص: 1268 ] من الفواكه وشراب كثير فحذف " كثيرا " لدلالة الأول عليه ، وعلى جعل " متكئين " حالا من ضمير ( لهم ) ، والعامل فيه ( مفتحة ) ، فتكون جملة ( يدعون ) مستأنفة لبيان حالهم .
وقيل : إن ( يدعون ) في محل نصب على الحال من ضمير ( متكئين ) .
وعندهم قاصرات الطرف أتراب أي : قاصرات طرفهن على أزواجهن لا ينظرن إلى غيرهم ، وقد مضى بيانه في سورة الصافات .
والأتراب : المتحدات في السن ، أو المتساويات في
الحسن .
وقال
مجاهد : معنى ( أتراب ) أنهن متواخيات لا يتباغضن ولا يتغايرن . وقيل : أترابا للأزواج . والأتراب جمع ترب ، واشتقاقه من التراب لأنه يمسهن في وقت واحد لاتحاد مولدهن .
هذا ما توعدون ليوم الحساب أي : هذا الجزاء الذي وعدتم به لأجل يوم الحساب ، فإن الحساب علة للوصول إلى الجزاء ، أو المعنى في يوم الحساب .
وقرأ الجمهور
ما توعدون بالفوقية على الخطاب . وقرأ
ابن كثير وأبو عمرو وابن محيصن ويعقوب بالتحتية على الخبر ، واختار هذه القراءة
أبو عبيد وأبو حاتم لقوله "
وإن للمتقين " فإنه خبر .
إن هذا لرزقنا أي : إن هذا المذكور من النعم والكرامات لرزقنا الذي أنعمنا به عليكم
ما له من نفاد أي : انقطاع ولا يفنى أبدا ، ومثله قوله :
عطاء غير مجذوذ [ هود : 108 ] فنعم الجنة لا تنقطع عن أهلها .
وقد أخرج
أحمد في الزهد ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم ،
nindex.php?page=showalam&ids=13359وابن عساكر عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال : إن الشيطان عرج إلى السماء ، فقال : يا رب سلطني على
أيوب ، قال الله : لقد سلطتك على ماله وولده ولم أسلطك على جسده ، فنزل فجمع جنوده ، فقال لهم : قد سلطت على
أيوب فأروني سلطانكم ، فصاروا نيرانا ثم صاروا ماء ، فبينما هم في المشرق إذا هم بالمغرب ، وبينما هم بالمغرب إذا هم بالمشرق .
فأرسل طائفة منهم إلى زرعه ، وطائفة إلى أهله ، وطائفة إلى بقره ، وطائفة إلى غنمه وقال : إنه لا يعتصم منكم إلا بالمعروف ، فأتوه بالمصائب بعضها على بعض ، فجاء صاحب الزرع فقال : يا
أيوب ألم تر إلى ربك أرسل على زرعك نارا فأحرقته ؟ ثم جاء صاحب الإبل ، فقال ، يا
أيوب ألم تر إلى ربك أرسل إلى إبلك عدوا فذهب بها ؟ ثم جاء صاحب البقر ، فقال ، يا
أيوب ألم تر إلى ربك أرسل إلى بقرك عدوا فذهب بها ثم جاءه صاحب الغنم فقال : يا
أيوب ألم تر إلى ربك أرسل على غنمك عدوا فذهب بها ؟ وتفرد هو لبنيه فجمعهم في بيت أكبرهم ، فبينما هم يأكلون ويشربون إذ هبت ريح فأخذت بأركان البيت فألقته عليهم ، فجاء الشيطان إلى
أيوب بصورة غلام بأذنيه قرطان ، فقال : يا
أيوب ألم تر إلى ربك جمع بنيك في بيت أكبرهم ، فبينما هم يأكلون ويشربون إذ هبت عليهم ريح فأخذت بأركان البيت فألقته عليهم ، فلو رأيتهم حين اختلطت دماؤهم ولحومهم بطعامهم وشرابهم ؟ فقال له
أيوب : فأين كنت ؟ قال : كنت معهم ، قال : فكيف انفلت ؟ قال : انفلت ، قال
أيوب : أنت الشيطان ، ثم قال
أيوب : أنا اليوم كيوم ولدتني أمي ، فقام فحلق رأسه وقام يصلي ، فرن إبليس رنة سمعها أهل السماء وأهل الأرض ، ثم عرج إلى السماء فقال : أي رب إنه قد اعتصم ، فسلطني عليه فإني لا أستطيعه إلا بسلطانك ، قال : قد سلطتك على جسده ولم أسلطك على قلبه ، فنزل فنفخ تحت قدمه نفخة قرح ما بين قدميه إلى قرنه ، فصار قرحة واحدة ، وألقي على الرماد حتى بدا حجاب قلبه ، فكانت امرأته تسعى عليه ، حتى قالت له : ألا ترى يا
أيوب قد نزل والله بي من الجهد والفاقة ما إن بعت قروني برغيف فأطعمتك فادع الله أن يشفيك ويريحك قال : ويحك كنا في النعيم سبعين عاما فاصبري حتى نكون في الضراء سبعين عاما ، فكان في البلاء سبع سنين ودعا فجاء
جبريل يوما فدعا بيده ، ثم قال : قم ، فقام فنحاه عن مكانه وقال : اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب فركض برجله فنبعت عين ، فقال : اغتسل ، فاغتسل منها ، ثم جاء أيضا فقال : اركض برجلك فنبعت عين أخرى فقال له : اشرب منها ، وهو قوله :
اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب وألبسه الله حلة من الجنة ، فتنحى
أيوب فجلس في ناحية وجاءت امرأته فلم تعرفه ، فقالت : يا
عبد الله أين المبتلى الذي كان هاهنا ؟ لعل الكلاب قد ذهبت به أو الذئاب ، وجعلت تكلمه ساعة ، فقال : ويحك أنا
أيوب قد رد الله علي جسدي ، ورد عليه ماله وولده عيانا ومثلهم معهم ، وأمطر عليه جرادا من ذهب ، فجعل يأخذ الجراد بيده ثم يجعله في ثوبه وينشر كساءه ويأخذه فيجعل فيه ، فأوحى الله إليه : يا
أيوب أما شبعت ؟ قال : يا رب من ذا الذي يشبع من فضلك ورحمتك .
وفي هذا نكارة شديدة فإن
الله - سبحانه - لا يمكن الشيطان من نبي من أنبيائه ويسلط عليه هذا التسليط العظيم .
وأخرج
أحمد في الزهد ،
nindex.php?page=showalam&ids=16298وعبد بن حميد ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم ،
nindex.php?page=showalam&ids=13359وابن عساكر عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال : إن إبليس قعد على الطريق وأخذ تابوتا يداوي الناس ، فقالت امرأة أيوب : يا
عبد الله إن هاهنا مبتلى من أمره كذا وكذا فهل لك أن تداويه قال : نعم بشرط إن أنا شفيته أن يقول : أنت شفيتني لا أريد منه أجرا غيره .
فأتت
أيوب فذكرت له ذلك ، فقال : ويحك ذاك الشيطان ، لله علي إن شفاني الله أن أجلدك مائة جلدة ، فلما شفاه الله أمره أن يأخذ ضغثا فيضربها به ، فأخذ عذقا فيه مائة شمراخ فضربها ضربة واحدة .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16298عبد بن حميد ،
nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير ،
وابن المنذر ، عنه في قوله :
وخذ بيدك ضغثا قال : هو الأسل . وأخرج
ابن المنذر عنه أيضا قال : الضغث القبض من المرعى الرطب . وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم ، عنه أيضا قال : الضغث الحزمة .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16298عبد بن حميد ،
nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني nindex.php?page=showalam&ids=13359وابن عساكر من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=131أبي أمامة بن سهل بن حنيف قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1021291حملت وليدة في بني ساعدة من زنى ، فقيل لها : ممن حملك ؟ قالت : من فلان المقعد ، فسئل المقعد فقال : صدقت ، فرفع ذلك إلى رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - فقال : خذوا عثكولا فيه مائة شمراخ فاضربوه به [ ص: 1269 ] ضربة واحدة .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16298عبد بن حميد ،
nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني nindex.php?page=showalam&ids=13359وابن عساكر نحوه من طريق أخرى عن
nindex.php?page=showalam&ids=131أبي أمامة بن سهل بن حنيف عن
سعيد بن سعد بن عبادة . وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني عن
nindex.php?page=showalam&ids=31سهل بن سعد نحوه .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=13359ابن عساكر عن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود قال : 1
أيوب رأس الصابرين يوم القيامة .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير ،
وابن المنذر ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود في قوله :
أولي الأيدي قال : القوة في العبادة والأبصار قال : الفقه في الدين .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16328ابن أبي حاتم عنه :
أولي الأيدي قال : النعمة .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16328ابن أبي حاتم عنه أيضا في قوله :
إنا أخلصناهم بخالصة ذكرى الدار قال : أخلصوا بذكر دار الآخرة أن يعملوا لها .