فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية

الشوكاني - محمد بن علي بن محمد الشوكاني

صفحة جزء
الله خالق كل شيء وهو على كل شيء وكيل له مقاليد السماوات والأرض والذين كفروا بآيات الله أولئك هم الخاسرون قل أفغير الله تأمروني أعبد أيها الجاهلون ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين بل الله فاعبد وكن من الشاكرين وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون وأشرقت الأرض بنور ربها ووضع الكتاب وجيء بالنبيين والشهداء وقضي بينهم بالحق وهم لا يظلمون ووفيت كل نفس ما عملت وهو أعلم بما يفعلون وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمرا حتى إذا جاءوها فتحت أبوابها وقال لهم خزنتها ألم يأتكم رسل منكم يتلون عليكم آيات ربكم وينذرونكم لقاء يومكم هذا قالوا بلى ولكن حقت كلمة العذاب على الكافرين قيل ادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها فبئس مثوى المتكبرين

قوله : الله خالق كل شيء من الأشياء الموجودة في الدنيا والآخرة كائنا ما كان من غير فرق بين شيء وشيء وقد تقدم تفسير هذه الآية في الأنعام وهو على كل شيء وكيل أي : الأشياء كلها موكولة إليه فهو القائم بحفظها وتدبيرها من غير مشارك له .

له مقاليد السماوات والأرض المقاليد : واحدها مقليد ومقلاد أو لا واحد له من لفظه كأساطير ، وهي مفاتيح السماوات والأرض والرزق والرحمة . قاله مقاتل ، وقتادة وغيرهما . وقال الليث : المقلاد : الخزانة ، ومعنى الآية : له خزائن السماوات والأرض وبه قال الضحاك والسدي . وقيل : خزائن السماوات المطر وخزائن الأرض النبات . وقيل : هي عبارة عن قدرته - سبحانه - وحفظه لها ، والأول أولى . قال الجوهري : الإقليد : المفتاح ، ثم قال : والجمع المقاليد . وقيل : هي : لا إله إلا الله والله أكبر ، وسبحان الله وبحمده ، وأستغفر الله ، ولا حول ولا قوة إلا بالله . وقيل غير ذلك .

والذين كفروا بآيات الله أولئك هم الخاسرون أي : بالقرآن وسائر الآيات الدالة على الله - سبحانه - وتوحيده ، ومعنى الخاسرون : الكاملون في الخسران لأنهم صاروا بهذا الكفر إلى النار .

قل أفغير الله تأمروني أعبد أيها الجاهلون الاستفهام للإنكار التوبيخي ، والفاء للعطف على مقدر كنظائره ، وغير منصوب بـ أعبد ، و أعبد معمول ل تأمروني على تقدير أن المصدرية ، فلما حذفت بطل عملها ، والأصل : أفتأمروني أن أعبد غير الله . قاله الكسائي وغيره .

ويجوز أن يكون غير منصوبا بتأمروني ، وأعبد بدل منه بدل اشتمال ، وأن مضمرة معه أيضا .

ويجوز أن يكون غير منصوبة بفعل مقدر أي : أفتلزموني غير الله أي : عبادة غير الله ، أو أعبد غير الله أعبد .

أمره - سبحانه - أن يقول هذا للكفار لما دعوه إلى ما هم عليه من عبادة الأصنام وقالوا هو دين آبائك .

قرأ الجمهور تأمروني بإدغام نون الرفع في نون الوقاية على خلاف بينهم في فتح الياء وتسكينها .

وقرأ نافع " تأمروني " بنون خفيفة وفتح الياء ، وقرأ ابن عامر " تأمرونني " بالفك وسكون الياء .

ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك أي : من الرسل لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين هذا الكلام من باب التعريض لغير الرسل ؛ لأن الله - سبحانه - قد عصمهم عن الشرك ، ووجه إيراده على هذا الوجه التحذير والإنذار للعباد من الشرك ؛ لأنه إذا كان موجبا لإحباط عمل الأنبياء على الفرض والتقدير فهو محبط لعمل غيرهم من أممهم بطريق الأولى .

قيل : وفي الكلام تقديم وتأخير ، والتقدير : ولقد أوحي إليك لئن أشركت وأوحي إلى الذين من قبلك كذلك .

قال مقاتل أي : أوحي إليك وإلى الأنبياء قبلك بالتوحيد ، والتوحيد محذوف ، ثم قال : لئن أشركت يا محمد ليحبطن عملك ، وهو خطاب للنبي - صلى الله عليه وآله وسلم - خاصة .

وقيل : إفراد الخطاب في قوله : لئن أشركت باعتبار كل واحد من الأنبياء : كأنه قيل : أوحي إليك وإلى كل واحد من الأنبياء هذا الكلام ، وهو لئن أشركت ، وهذه الآية مقيدة بالموت على الشرك كما في الآية الأخرى ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم [ البقرة : 217 ] وقيل : هذا خاص بالأنبياء لأن الشرك منهم أعظم ذنبا من الشرك من غيرهم ، والأول أولى .

ثم أمر الله - سبحانه - رسوله - صلى الله عليه وآله وسلم - بتوحيده ، فقال : بل الله فاعبد وفي هذا رد على المشركين حيث أمروه بعبادة الأصنام . ووجه الرد ما يفيده التقديم من القصر .

قال الزجاج : لفظ اسم الله منصوب بـ اعبد قال : ولا اختلاف في هذا بين البصريين والكوفيين .

وقال الفراء : هو منصوب بإضمار فعل ، وروي مثله عن الكسائي ، والأول أولى . قال الزجاج : والفاء في فاعبد للمجازاة . وقال الأخفش : زائدة . قال عطاء ومقاتل معنى فاعبد : وحد ؛ لأن عبادته لا تصح إلا بتوحيده وكن من الشاكرين لإنعامه عليك بما هداك إليه من التوحيد والدعاء إلى دينه واختصك به من الرسالة .

وما قدروا الله حق قدره قال المبرد أي : ما عظموه حق عظمته ، من قولك فلان عظيم القدر ، وإنما وصفهم بهذا لأنهم عبدوا غير الله وأمروا رسوله بأن يكون مثلهم في الشرك .

وقرأ الحسن ، وأبو حيوة ، وعيسى بن عمر " قدروا " بالتشديد .

والأرض جميعا قبضته يوم القيامة القبضة في اللغة : ما قبضت عليه بجميع كفك ، فأخبر - سبحانه - عن عظيم قدرته بأن الأرض كلها مع عظمها وكثافتها في مقدوره كالشيء الذي يقبض عليه القابض بكفه كما يقولون : هو في يد فلان وفي قبضته ، للشيء الذي يهون عليه التصرف فيه وإن لم يقبض عليه ، وكذا قوله : [ ص: 1291 ] والسماوات مطويات بيمينه فإن ذكر اليمين للمبالغة في كمال القدرة كما يطوي الواحد منا الشيء المقدور له طيه بيمينه ، واليمين في كلام العرب قد تكون بمعنى القدرة والملك .

قال الأخفش بيمينه يقول في قدرته ، نحو قوله : أو ما ملكت أيمانكم [ النساء : 3 ] أي : ما كانت لكم قدرة عليه ، وليس الملك لليمين دون الشمال وسائر الجسد ، ومنه قوله - سبحانه - : لأخذنا منه باليمين [ الحاقة : 45 ] أي : بالقوة والقدرة ، ومنه قول الشاعر :


إذا ما راية نصبت لمجد تلقاها عرابة باليمين



وقول الآخر :


ولما رأيت الشمس أشرق نورها     تناولت منها حاجتي بيمين



وقول الآخر :


عطست بأنف شامخ وتناولت     يداي الثريا قاعدا غير قائم



وجملة والأرض جميعا قبضته في محل نصب على الحال : أي : ما عظموه حق تعظيمه ، والحال أنه متصف بهذه الصفة الدالة على كمال القدرة .

قرأ الجمهور برفع قبضته على أنها خبر المبتدأ ، وقرأ الحسن بنصبها ، ووجهه ابن خالويه بأنه على الظرفية أي : في قبضته .

وقرأ الجمهور مطويات بالرفع على أنها خبر المبتدأ ، والجملة في محل نصب على الحال كالتي قبلها ، و بيمينه متعلق بـ مطويات ، أو حال من الضمير في مطويات ، أو خبر ثان ، وقرأ عيسى ، والجحدري بنصب " مطويات " ووجه ذلك أن السماوات معطوفة على الأرض ، وتكون قبضته خبرا عن الأرض والسماوات ، وتكون مطويات حالا ، أو تكون مطويات منصوبة بفعل مقدر ، و بيمينه الخبر ، وخص يوم القيامة بالذكر وإن كانت قدرته شاملة ؛ لأن الدعاوى تنقطع فيه كما قال - سبحانه - الملك يومئذ لله [ الحج : 56 ] وقال مالك يوم الدين [ الفاتحة : 4 ] ثم نزه - سبحانه - نفسه فقال : سبحانه وتعالى عما يشركون به من المعبودات التي يجعلونها شركاء له مع هذه القدرة العظيمة والحكمة الباهرة .

ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض هذه هي النفخة الأولى ، والصور : هو القرن الذي ينفخ فيه إسرافيل ، وقد تقدم غير مرة ، ومعنى صعق : زالت عقولهم فخروا مغشيا عليهم ، وقيل : ماتوا .

قال الواحدي : قال المفسرون : مات من الفزع وشدة الصوت أهل السماوات والأرض .

قرأ الجمهور الصور بسكون الواو ، وقرأ قتادة وزيد بن علي بفتحها جمع صورة ، والاستثناء في قوله : إلا من شاء الله متصل ، والمستثنى جبريل وميكائيل وإسرافيل ، وقيل : رضوان وحملة العرش وخزنة الجنة والنار ثم نفخ فيه أخرى يجوز أن يكون أخرى في محل رفع على النيابة وهي صفة لمصدر محذوف أي : نفخة أخرى ، ويجوز أن يكون في محل نصب والقائم مقام الفاعل فيه فإذا هم قيام ينظرون يعني : الخلق كلهم قيام على أرجلهم ينظرون ما يقال لهم أو ينتظرون ذلك .

قرأ الجمهور قيام بالرفع على أنه خبر ، و ينظرون في محل نصب على الحال وقرأ زيد بن علي بالنصب على أنه حال ، والخبر ينظرون ، والعامل في الحال ما عمل في إذا الفجائية .

قال الكسائي : كما تقول خرجت فإذا زيد جالسا .

وأشرقت الأرض بنور ربها الإشراق : الإضاءة ، يقال : أشرقت الشمس : إذا أضاءت ، وشرقت : إذا طلعت ، ومعنى بنور ربها : بعدل ربها ، قاله الحسن وغيره .

وقال الضحاك : بحكم ربها ، والمعنى : أن الأرض أضاءت وأنارت بما أقامه الله من العدل بين أهلها ، وما قضى به من الحق فيهم ، فالعدل نور والظلم ظلمات .

وقيل : إن الله يخلق نورا يوم القيامة يلبسه وجه الأرض فتشرق به غير نور الشمس والقمر ، ولا مانع من الحمل على المعنى الحقيقي ، فإن الله - سبحانه - هو نور السماوات والأرض .

قرأ الجمهور أشرقت مبنيا للفاعل ، وقرأ ابن عباس وأبو الجوزاء وعبيد بن عمير على البناء للمفعول ووضع الكتاب قيل : هو اللوح المحفوظ . وقال قتادة : يعني : الكتب والصحف التي فيها أعمال بني آدم فآخذ بيمينه وآخذ بشماله ، وكذا قال مقاتل . وقيل : هو من وضع المحاسب كتاب المحاسبة بين يديه أي : وضع الكتاب للحساب وجيء بالنبيين أي : جيء بهم إلى الموقف فسئلوا عما أجابتهم به أممهم والشهداء الذين يشهدون على الأمم من أمة محمد - صلى الله عليه وآله وسلم - كما في قوله : وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس [ البقرة : 143 ] وقيل : المراد بالشهداء الذين استشهدوا في سبيل الله ، فيشهدون يوم القيامة لمن ذب عن دين الله .

وقيل : هم الحفظة كما قال - تعالى - : وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد [ ق : 21 ] .

وقضي بينهم بالحق وهم لا يظلمون أي : وقضي بين العباد بالعدل والصدق ، والحال أنهم لا يظلمون أي : لا ينقصون من ثوابهم ولا يزاد على ما يستحقونه من عقابهم .

ووفيت كل نفس ما عملت من خير وشر وهو أعلم بما يفعلون في الدنيا لا يحتاج إلى كاتب ولا حاسب ولا شاهد ، وإنما وضع الكتاب وجيء بالنبيين والشهداء لتكميل الحجة وقطع المعذرة .

ثم ذكر - سبحانه - تفصيل ما ذكره من توفية كل نفس ما كسبت فقال : وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمرا أي : سيق الكافرون إلى النار حال كونهم زمرا أي : جماعات متفرقة بعضها يتلو بعضا .

قال أبو عبيدة والأخفش ، زمرا جماعات متفرقة بعضها إثر بعض ، ومنه قول الشاعر :


وترى الناس إلى أبوابه     زمرا تنتابه بعد زمر



واشتقاقه من الزمر ، وهو الصوت ، إذ الجماعة لا تخلو عنه حتى إذا جاءوها فتحت أبوابها أي : فتحت أبواب النار ليدخلوها ، وهي سبعة أبواب ، وقد مضى بيان ذلك في سورة الحجر وقال لهم خزنتها جمع خازن ؛ نحو سدنة وسادن ألم يأتكم رسل منكم أي : من أنفسكم يتلون عليكم آيات ربكم التي أنزلها عليهم وينذرونكم لقاء يومكم هذا أي : يخوفونكم لقاء هذا اليوم الذي صرتم فيه ، قالوا لهم هذا القول تقريعا وتوبيخا ، فأجابوا بالاعتراف ولم [ ص: 1292 ] يقدروا على الجدل الذي كانوا يتعللون به في الدنيا لانكشاف الأمر وظهوره ، ولهذا قالوا بلى أي : قد أتتنا الرسل بآيات الله وأنذرونا بما سنلقاه ولكن حقت كلمة العذاب على الكافرين وهي لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين [ هود : 119 ] .

فلما اعترفوا هذا الاعتراف قيل ادخلوا أبواب جهنم التي قد فتحت لكم لتدخلوها ، وانتصاب خالدين على الحال أي : مقدرين الخلود فبئس مثوى المتكبرين المخصوص بالذم محذوف أي : بئس مثواهم جهنم ، وقد تقدم تحقيق المثوى في غير موضع .

وقد أخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن ابن عباس في قوله : مقاليد السماوات والأرض قال : مفاتيحها .

وأخرج أبو يعلى ويوسف القاضي في سننه وأبو الحسن القطان وابن السني وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه عن عثمان بن عفان قال : " سألت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن قول الله : له مقاليد السماوات والأرض فقال لي : يا عثمان لقد سألتني عن مسألة لم يسألني عنها أحد قبلك ، مقاليد السماوات والأرض : لا إله إلا الله ، والله أكبر ، وسبحان الله ، والحمد لله ، وأستغفر الله الذي لا إله إلا هو ، الأول والآخر ، والظاهر والباطن ، يحيي ويميت وهو حي لا يموت ، بيده الخير وهو على كل شيء قدير ، ثم ذكر فضل هذه الكلمات " .

وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس عن عثمان قال : جاء إلى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فقال له : أخبرني عن مقاليد السماوات والأرض ، فذكره .

وأخرجه الحارث بن أبي أسامة ، وابن مردويه عن أبي هريرة عن عثمان .

وأخرجه العقيلي ، والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عمر عن عثمان .

وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس أن قريشا دعت رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - أن يعطوه مالا فيكون أغنى رجل بمكة ويزوجوه ما أراد من النساء ويطئون عقبه ، فقالوا له : هذا لك يا محمد وتكف عن شتم آلهتنا ولا تذكرها بسوء ، قال : حتى أنظر ما يأتيني من ربي ، فجاء بالوحي قل ياأيها الكافرون إلى آخر السورة ، وأنزل الله عليه قل أفغير الله تأمروني أعبد أيها الجاهلون إلى قوله : من الخاسرين .

وأخرج البخاري ، ومسلم وغيرهما عن ابن مسعود قال : جاء حبر من الأحبار إلى رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - فقال : يا محمد إنا نجد أن الله يحمل السماوات يوم القيامة على إصبع والشجر على إصبع والماء والثرى على إصبع ، وسائر الخلق على إصبع ، فيقول أنا الملك ، فضحك رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - حتى بدت نواجذه تصديقا لقول الحبر ثم قرأ رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة .

وأخرج البخاري ، ومسلم وغيرهما من حديث أبي هريرة سمعت رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - يقول : يقبض الله الأرض يوم القيامة ويطوي السماء بيمينه ثم يقول : أنا الملك أين ملوك الأرض ؟ .

وفي الباب أحاديث وآثار تقتضي حمل الآية على ظاهرها من دون تكلف لتأويل ولا تعسف لقال وقيل .

وأخرج البخاري ، ومسلم وغيرهما عن أبي هريرة قال : قال رجل من اليهود بسوق المدينة : والذي اصطفى موسى على البشر ، فرفع رجل من الأنصار يده فلطمه ، فقال : أتقول هذا وفينا رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - فذكرت ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - فقال : قال الله : ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون فأكون أول من يرفع رأسه ، فإذا أنا بموسى آخذ بقائمة من قوائم العرش فلا أدري أرفع رأسه قبلي ، أو كان ممن استثنى الله .

وأخرج أبو يعلى والدارقطني في الإفراد وابن المنذر والحاكم وصححه ، وابن مردويه ، والبيهقي في البعث عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - في قوله : إلا من شاء الله قال : هم الشهداء متقلدون أسيافهم حول عرشه تتلقاهم الملائكة يوم القيامة الحديث .

وأخرجه سعيد بن منصور ، وعبد بن حميد من أقوال أبي هريرة .

وأخرج الفريابي ، وابن جرير وأبو نصر السجزي في الإبانة ، وابن مردويه عن أنس أنه سأل رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - عن قوله : إلا من شاء الله فقال : جبريل وميكائيل وملك الموت وإسرافيل وحملة العرش .

وأخرج ابن المنذر عن جابر في قوله : إلا من شاء الله قال : موسى ؛ لأنه كان صعق قبل . والأحاديث الواردة في كيفية نفخ الصور كثيرة .

وأخرج ، عبد بن حميد عن ابن عباس في قوله : وجيء بالنبيين والشهداء قال : النبيين الرسل ، والشهداء الذين يشهدون لهم بالبلاغ ليس فيهم طعان ولا لعان .

وأخرج ابن جرير ، وابن مردويه عنه في الآية قال : يشهدون بتبليغ الرسالة وتكذيب الأمم إياهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية