انتصب ( صراط ) على أنه بدل من الأول ، وفائدته التوكيد لما فيه من التثنية والتكرير ، ويجوز أن يكون عطف بيان ، وفائدته الإيضاح ، والذين أنعم الله عليهم هم المذكورون في سورة النساء حيث قال :
ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا ذلك الفضل من الله وكفى بالله عليما [ النساء : 69 ، 70 ] وأطلق الإنعام ليشمل كل إنعام ، و
غير المغضوب عليهم بدل من
الذين أنعمت عليهم على معنى أنهم جمعوا بين النعمتين نعمة الإيمان والسلامة من ذلك ، وصح جعله صفة للمعرفة مع كون غير لا تتعرف بالإضافة إلى المعارف لما فيها من الإبهام ، لأنها هنا غير مبهمة لاشتهار المغايرة بين الجنسين .
والغضب في اللغة قال
القرطبي : الشدة ، ورجل غضوب : أي شديد الخلق ، والغضوب : الحية الخبيثة لشدتها .
قال :
ومعنى الغضب في صفة الله : إرادة العقوبة فهو صفة ذاته ، أو نفس العقوبة ، ومنه الحديث :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1019300إن الصدقة لتطفئ غضب الرب فهو صفة فعله .
قال في الكشاف : هو إرادة الانتقام من العصاة وإنزال العقوبة بهم ، وأن يفعل بهم ما يفعله الملك إذا غضب على من تحت يده ، والفرق بين عليهم الأولى وعليهم الثانية ، أن الأولى في محل نصب على المفعولية ، والثانية في محل رفع على النيابة عن الفاعل .
و " لا " في قوله
ولا الضالين تأكيد للنفي المفهوم من ( غير ) ، والضلال في لسان العرب قال
القرطبي : هو الذهاب عن سنن القصد وطريق الحق ، ومنه ضل اللبن في الماء : أي غاب ، ومنه
أئذا ضللنا في الأرض [ السجدة : 10 ] أي غبنا بالموت وصرنا ترابا .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع وأبو سعيد nindex.php?page=showalam&ids=16000وسعيد بن منصور nindex.php?page=showalam&ids=16298وعبد بن حميد وابن المنذر عن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب أنه كان يقرأ " صراط من أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم وغير الصالحين " وأخرج
أبو عبيد nindex.php?page=showalam&ids=16298وعبد بن حميد أن
عبد الله بن الزبير قرأ كذلك .
وأخرج
الأنباري ، عن
الحسن أنه كان يقرأ عليهمي بكسر الهاء والميم وإثبات الياء .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=12590ابن الأنباري عن
nindex.php?page=showalam&ids=13723الأعرج أنه كان يقرأ " عليهمو " بضم الهاء والميم وإلحاق الواو .
وأخرج أيضا عن
ابن كثير أنه كان يقرأ " عليهمو " بكسر الهاء وضم الميم مع إلحاق الواو .
وأخرج أيضا عن
أبي إسحاق أنه قرأ عليهم بضم الهاء والميم من غير إلحاق الواو .
وأخرج
ابن أبي داود عن
عكرمة والأسود أنهما كانا يقرآن كقراءة
عمر السابقة .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس في قوله :
صراط الذين أنعمت عليهم يقول : طريق من أنعمت عليهم من الملائكة والنبيين والصديقين والشهداء والصالحين الذين أطاعوك وعبدوك ، وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أنهم المؤمنون .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16298عبد بن حميد عن
الربيع [ ص: 20 ] بن
أنس في قوله :
صراط الذين أنعمت عليهم قال النبيون .
غير المغضوب عليهم قال
اليهود .
ولا الضالين قال
النصارى .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16298عبد بن حميد عن
مجاهد مثله .
وأخرج أيضا عن
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير مثله .
وأخرج
عبد الرزاق وأحمد في مسنده
nindex.php?page=showalam&ids=16298وعبد بن حميد nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير والبغوي وابن المنذر وأبو الشيخ عن
عبد الله بن شقيق قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1019301 " أخبرني من سمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو بوادي القرى على فرس له ، وسأله رجل من بني القين فقال : من المغضوب عليهم يا رسول الله ؟ قال : اليهود ، قال : فمن الضالون ؟ قال : النصارى .
وأخرجه
ابن مردويه عن
عبد الله بن شقيق عن
أبي ذر قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فذكره .
وأخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع nindex.php?page=showalam&ids=16298وعبد بن حميد nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير عن
عبد الله بن شقيق قال : " كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يحاصر
أهل وادي القرى فقال له رجل " إلى آخره ، ولم يذكر فيه أخبرني من سمع النبي كالأول .
وأخرجه
البيهقي في الشعب عن
عبد الله بن شقيق عن رجل من
بني القين عن ابن عم له أنه قال : " أتيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " فذكره .
وأخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان بن عيينة في تفسيره
nindex.php?page=showalam&ids=16000وسعيد بن منصور عن
nindex.php?page=showalam&ids=12428إسماعيل بن أبي خالد أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1019302المغضوب عليهم اليهود ، والضالون النصارى .
وأخرجه
أحمد nindex.php?page=showalam&ids=16298وعبد بن حميد nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي وحسنه
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير وابن المنذر nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان في صحيحه عن
nindex.php?page=showalam&ids=76عدي بن حاتم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1019303إن المغضوب عليهم هم اليهود ، وإن الضالين النصارى .
وأخرج أحمد
وأبو داود وابن حبان
والحاكم وصححه
nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني عن الشريد
nindex.php?page=hadith&LINKID=1019304قال : مر بي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأنا جالس هكذا ، وقد وضعت يدي اليسرى خلف ظهري واتكأت على ألية يدي فقال : أتقعد قعدة المغضوب عليهم ؟ قال
ابن كثير بعد ذكره لحديث
nindex.php?page=showalam&ids=76عدي بن حاتم : وقد روي حديث
عدي هذا من طرق ، وله ألفاظ كثيرة يطول ذكرها انتهى .
والمصير إلى هذا التفسير النبوي متعين ، وهو الذي أطبق عليه أئمة التفسير من السلف .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=16328ابن أبي حاتم : لا أعلم خلافا بين المفسرين في تفسير المغضوب عليهم باليهود ، والضالين بالنصارى .
ويشهد لهذا التفسير النبوي آيات من القرآن ، قال الله تعالى في خطابه لبني إسرائيل في سورة البقرة :
بئسما اشتروا به أنفسهم أن يكفروا بما أنزل الله بغيا أن ينزل الله من فضله على من يشاء من عباده فباءوا بغضب على غضب وللكافرين عذاب مهين [ البقرة : 90 ] .
وقال في المائدة :
قل هل أنبئكم بشر من ذلك مثوبة عند الله من لعنه الله وغضب عليه وجعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت أولئك شر مكانا وأضل عن سواء السبيل [ المائدة : 60 ] وفي السيرة عن
زيد بن عمرو بن نفيل أنه لما خرج هو وجماعة من أصحابه إلى
الشام يطلبون الدين الحنيف قال
اليهود : إنك لن تستطيع الدخول معنا حتى تأخذ بنصيبك من غضب الله ، فقال : أنا من غضب الله أفر ، وقالت له
النصارى : إنك لن تستطيع الدخول معنا حتى تأخذ بنصيبك من سخط الله ، فقال : لا أستطيعه ، فاستمر على فطرته وجانب عبادة الأوثان .