[ ص: 176 ] النوع الخامس والثلاثون .
معرفة موهم المختلف
وهو ما يوهم التعارض بين آياته ، وكلام الله جل جلاله منزه عن الاختلاف ; كما قال تعالى :
ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا ( النساء : 82 ) ، ولكن قد يقع للمبتدئ ما يوهم اختلافا وليس به ، فاحتيج لإزالته ، كما صنف في مختلف الحديث وبيان الجمع بينهما ، وقد رأيت
لقطرب فيه تصنيفا حسنا ، جمعه على السور . وقد تكلم فيه الصدر الأول ،
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس وغيره .
وقال الإمام : وقد وفق
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري بين قوله تعالى :
وإذ واعدنا موسى أربعين ليلة ( البقرة : 51 ) ، وقوله :
وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر ( الأعراف : 142 )
[ ص: 177 ] بأن قال : ليس المراد في آية الأعراف على ظاهره ; من أن الوعد كان ثلاثين ليلة ، ثم بعد ذلك وعده بعشر ; لكنه وعده أربعين ليلة جميعا ، انتهى .
وقيل : تجري آية الأعراف على ظاهره ; من أن الوعد كان ثلاثين ، ثم أتم بالعشر ، فاستقرت الأربعون ، ثم أخبر في آية البقرة بما استقر .
وذكره
الخطابي قال : وسمعت
nindex.php?page=showalam&ids=12535ابن أبي هريرة يحكي عن
nindex.php?page=showalam&ids=13216أبي العباس بن سريج ، قال : سأل رجل بعض العلماء عن قوله تعالى :
لا أقسم بهذا البلد ( البلد : 1 ) ، فأخبر أنه لا يقسم بهذا ، ثم أقسم به ، في قوله :
والتين والزيتون وطور سينين وهذا البلد الأمين ( التين : 1 ، 2 ، 3 ) فقال
ابن سريج : أي الأمرين أحب إليك ؟ أجيبك ثم أقطعك ، أو أقطعك ثم أجيبك ؟ فقال بل : اقطعني ثم أجبني ، فقال له : اعلم أن هذا القرآن نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم بحضرة رجال وبين ظهراني قوم ، وكانوا أحرص الخلق على أن يجدوا فيه مغمزا ، وعليه مطعنا ، فلو كان هذا عندهم مناقضة لتعلقوا به وأسرعوا بالرد عليه ، ولكن القوم علموا وجهلت ، فلم ينكروا منه ما أنكرت ، ثم قال له : إن العرب قد تدخل ( لا ) في أثناء كلامها وتلغي معناها ، وأنشد فيه أبياتا . والقاعدة في هذا وأشباهه أن الألفاظ إذا اختلفت وكان مرجعها إلى أمر واحد لم يوجب ذلك اختلافا .