فصل في
ضابط الفواصل
ذكره
الجعبري ، ولمعرفتها طريقان : توقيفي وقياسي :
( الأول ) : التوقيفي ، روى
أبو داود عن
nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة لما سئلت عن قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت : كان يقطع قراءته آية آية ، وقرأت (
بسم الله الرحمن الرحيم ) إلى (
الدين ) تقف على كل آية ، فمعنى يقطع قراءته آية آية ؛ أي يقف على كل آية ، وإنما كانت قراءته صلى الله عليه وسلم كذلك ليعلم رءوس الآي .
قال : ووهم فيه من سماه وقف السنة ; لأن فعله - عليه السلام - إن كان تعبدا فهو مشروع لنا ، وإن كان لغيره فلا ، فما وقف - عليه السلام - عليه دائما تحققنا أنه فاصلة ، وما وصله دائما تحققنا أنه ليس بفاصلة ، وما وقف عليه مرة ووصله أخرى احتمل الوقف أن يكون لتعريفهما ، أو لتعريف الوقف التام ، أو للاستراحة . والوصل أن يكون غير فاصلة أو فاصلة وصلها لتقدم تعريفها .
[ ص: 188 ] ( الثاني ) : القياسي ، وهو ما ألحق من المحتمل غير المنصوص بالمنصوص ، لمناسب ، ولا محذور في ذلك ; لأنه لا زيادة فيه ولا نقصان ؛ وإنما غايته أنه محل فصل أو وصل ، والوقف على كل كلمة جائز ،
ووصل القرآن كله جائز ، فاحتاج القياسي إلى طريق تعرفه ، فأقول :
فاصلة الآية كقرينة السجعة في النثر ، وقافية البيت في النظم ، وما يذكر من عيوب القافية من اختلاف الحذو والإشباع والتوجيه ، فليس بعيب في الفاصلة ، وجاز الإيغال في الفاصلة والقرينة وقافية الأرجوزة من نوع إلى آخر بخلاف قافية القصيد .
ومن ثم ترى (
يرجعون ) مع (
عليم ) ( آل عمران : 72 و 73 ) و (
الميعاد ) مع (
الثواب ) ( آل عمران : 194 - 195 ) ، و (
الطارق ) مع (
الثاقب ) ( الطارق : 1 - 3 ) .
والأصل في الفاصلة والقرينة المجردة في الآية والسجعة المساواة ، ومن ثم أجمع العادون على ترك عد (
ويأت بآخرين ) ( النساء : 133 ) و (
ولا الملائكة المقربون ) بالنساء ( الآية : 172 ) و (
كذب بها الأولون ) بسبحان ( الإسراء : 59 ) و (
لتبشر به المتقين ) بمريم ( الآية : 97 ) و (
لعلهم يتقون ) بـ " طه " ( الآية : 113 ) و (
من الظلمات إلى النور ) ( الطلاق : 11 ) و (
أن الله على كل شيء قدير ) بالطلاق ( الآية : 12 ) حيث لم يشاكل طرفيه .
وعلى ترك عد (
أفغير دين الله يبغون ) بآل عمران ( الآية : 83 ) (
أفحكم الجاهلية يبغون ) بالمائدة ( الآية : 50 ) وعدوا نظائرها للمناسبة نحو (
لأولي الألباب ) بآل عمران ( الآية : 190 ) و (
على الله كذبا ) بالكهف ( الآية : 15 ) و (
والسلوى ) بـ " طه " ( الآية : 80 ) .
وقد يتوجه الأمران في كلمة فيختلف فيها ، فمنها البسملة ، وقد نزلت بعض آية في النمل ( الآية : 30 ) ، وبعضها في أثناء الفاتحة ( الآية : 2 ) ، ونزلت أولها في بعض الأحرف السبعة .
فمن قرأ بحرف نزلت فيه عدها آية ، ولم يحتج إلى إثباتها بالقياس للنص المتقدم خلافا
nindex.php?page=showalam&ids=12111للداني . ومن قرأ بحرف لم تنزل معه لم يعدها ، ولزمه من الإجماع على
[ ص: 189 ] أنها سبع آيات أن يعد عوضها . وهو يعد (
اهدنا ) لقوله صلى الله عليه وسلم عن الله تعالى :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1016004قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين .
أي قراءة الصلاة تعد منها ، ولا للعبد إلا هاتان ، و (
المستقيم ) محقق ، فقسمتا بعدها قسمين ، فكانت (
عليهم ) الأولى وهي مماثلة في الروي لما قبلها .
ومنها حروف الفواتح ، فوجه عدها استقلالها على الرفع والنصب ومناسبة الروي والردف . ووجه عدمه الاختلاف في الكمية والتعلق على الجزء .
ومنها بالبقرة : (
عذاب أليم ) ( الآية : 10 ) و (
إنما نحن مصلحون ) ( البقرة : 11 ) ، فوجه عده مناسبة الروي ، ووجه عدمه تعلقه بتاليه .
ومنها : (
إلى بني إسرائيل ) بآل عمران ( الآية : 49 ) حملا على ما في الأعراف ( الآية : 105 ) والشعراء ( الآية : 17 ) والسجدة ( الآية : 23 ) والزخرف ( الآية : 59 ) .
ومنها : (
فبشر عبادي ) بالزمر ( الآية : 17 ) لتقدير تاليه مفعولا ومبتدأ .
ومنها : و (
والطور ) و (
الرحمن ) و (
الحاقة ) و (
القارعة ) و (
والعصر ) حملا على (
والفجر ) (
والضحى ) للمناسبة ، لكن تفاوتت في الكمية .