[ ص: 253 ] النوع السابع
في
أسرار الفواتح والسور [ ص: 254 ] اعلم أن سور القرآن العظيم مائة وأربع عشرة سورة ، وفيها يلغز فيقال : أي شيء إذا عددته زاد على المائة ، وإذا عددت نصفه كان دون العشرين ؟
وقد
افتتح - سبحانه وتعالى - كتابه العزيز بعشرة أنواع من الكلام ; لا يخرج شيء من السور عنها .
الأول : استفتاحه بالثناء عليه عز وجل
والثناء قسمان : إثبات لصفات المدح ; ونفي وتنزيه من صفات النقص .
فالإثبات نحو : ( الحمد لله ) في خمس سور و ( تبارك ) في سورتين " الفرقان " : (
تبارك الذي نزل الفرقان ) ( الآية : 1 ) ، والملك : (
تبارك الذي بيده الملك ) ( الآية : 1 ) .
والتنزيه نحو : (
سبحان الذي أسرى بعبده ) ( الإسراء : 1 ) ، (
سبح اسم ربك الأعلى ) ( الأعلى : 1 ) ، (
سبح لله ما في السماوات ) ( الحديد : 1 ، الحشر : 1 ، والصف : 1 ) ، (
يسبح لله ) ( الجمعة والتغابن ) ، كلاهما في سبع سور ، فهذه أربع عشرة سورة ، استفتحت بالثناء على الله ; نصفها لثبوت صفات الكمال ، ونصفها لسلب النقائص .
قلت : وهو سر عظيم من أسرار الألوهية ، قال صاحب " العجائب " : ( سبح لله ) هذه كلمة استأثر الله بها ; فبدأ بالمصدر منها في " بني إسرائيل " ; لأنه الأصل ، ثم الماضي
[ ص: 255 ] (
سبح لله ) في " الحديد " و " الحشر " و " الصف " ; لأنه أسبق الزمانين ، ثم المستقبل في " الجمعة " و " التغابن " ، ثم بالأمر في سورة " الأعلى " استيعابا لهذه الكلمة من جميع جهاتها ، وهي أربع : المصدر ، والماضي ، والمستقبل ، والأمر المخاطب ، فهذه أعجوبة وبرهان .