الثاني
من التكلم إلى الغيبة
ووجهه أن يفهم السامع أن هذا نمط المتكلم وقصده من السامع ، حضر أو غاب ، وأنه
[ ص: 383 ] في كلامه ليس ممن يتلون ويتوجه ، فيكون في المضمر ونحوه ذا لونين ، وأراد بالانتقال إلى الغيبة الإبقاء على المخاطب ، من قرعه في الوجه بسهام الهجر ، فالغيبة أروح له ، وأبقى على ماء وجهه أن يفوت ؛ كقوله :
إنا أعطيناك الكوثر فصل لربك وانحر ( الكوثر : 1 - 2 ) حيث لم يقل " لنا " تحريضا على فعل الصلاة لحق الربوبية .
وقوله :
فيها يفرق كل أمر حكيم أمرا من عندنا إنا كنا مرسلين رحمة من ربك إنه هو السميع العليم ( الدخان : 4 ، 5 ، 6 ) .
وقوله :
ياأيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا ( الأعراف : 158 ) إلى قوله :
فآمنوا بالله ورسوله ( الأعراف : 158 ) ولم يقل " بي " .
وله فائدتان : إحداهما دفع التهمة عن نفسه بالعصبية لها ، والثاني : تنبيههم على استحقاقه الاتباع بما اتصف به من الصفات المذكورة من النبوة والأمية ، التي هي أكبر دليل على صدقه ، وأنه لا يستحق الاتباع لذاته ، بل لهذه الخصائص