صفحة جزء
ما حمل من المدينة إلى مكة

من ذلك الأنفال التي في " البقرة " : ( يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه ) ( الآية : 217 ) ، وذلك حين أورد عبد الله بن جحش كتاب مسلمي مكة على رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن المشركين عيرونا قتل ابن الحضرمي ، وأخذ الأموال والأسارى في الشهر الحرام ، فكتب بذلك عبد الله بن جحش إلى مسلمي مكة : " إن عيروكم فعيروهم بما صنعوا بكم " .

ثم حملت آية الربا من المدينة إلى مكة في حضور ثقيف وبني المغيرة إلى عتاب بن أسيد عامل رسول الله صلى الله عليه وسلم على مكة ، فقرأ عتاب عليهم : ( ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا ) ( البقرة : 278 ) [ ص: 292 ] فأقروا بتحريمه ، وتابوا وأخذوا رءوس الأموال ، ثم حملت مع الآيات من أول سورة " براءة " من المدينة إلى مكة ، قرأهن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - يوم النحر على الناس ، وفي ترتيبها قصة .

ثم حملت من المدينة إلى مكة الآية التي في " النساء " : ( إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان ) ( الآية : 98 ) إلى قوله : ( عفوا غفورا ) ( الآية : 99 ) ، فلا تعاقبهم على تخلفهم عن الهجرة ، فلما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بها إلى مسلمي مكة ، قال جندع بن ضمرة الليثي ثم الجندعي لبنيه - وكان شيخا كبيرا - : ألست من المستضعفين ، وأني لا أهتدي إلى الطريق ؟ فحمله بنوه على سريره متوجها إلى المدينة ، فمات بالتنعيم ، فبلغ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم موته ، فقالوا : لو لحق بنا لكان أكمل لأجره . فأنزل الله تعالى : ( ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ) ( النساء : 100 ) إلى قوله : ( غفورا رحيما ) ( الآية : 100 ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية