[
الاستدراك والاستثناء ]
الاستدراك والاستثناء شرط كونهما من البديع أن يتضمنا ضربا من المحاسن زائدا على ما يدل عليه المعنى اللغوي .
مثال الاستدراك :
قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا [ الحجرات : 14 ] ، فإنه لو اقتصر على قوله : لم تؤمنوا لكان منفرا لهم ؛ لأنهم ظنوا الإقرار بالشهادتين من غير اعتقاد إيمانا ، فأوجبت البلاغة ذكر الاستدراك ليعلم أن الإيمان موافقة القلب واللسان ، وإن انفراد اللسان بذلك يسمى إسلاما ولا يسمى إيمانا . وزاد ذلك إيضاحا بقوله :
ولما يدخل الإيمان في قلوبكم [ الحجرات : 14 ] ، فلما تضمن الاستدراك إيضاح ما عليه ظاهر الكلام من الإشكال عد من المحاسن .
ومثال الاستثناء :
فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما [ العنكبوت : 14 ] ، فإن الإخبار عن هذه المدة بهذه الصيغة يمهد عذر
نوح في دعائه على قومه بدعوة أهلكتهم عن آخرهم ؛ إذ لو قيل : ( فلبث فيهم تسعمائة وخمسين عاما ) لم يكن فيه من التهويل ما في الأول ؛ لأن لفظ الألف من الأول أول ما يطرق السمع ، فينشغل بها عن سماع بقية الكلام ، وإذا جاء الاستثناء لم يبق له بعدها ما تقدمه وقع يزيل ما حصل عنده من ذكر الألف .