[ ص: 231 ] فائدة : قيل :
الحكمة في تسوير القرآن سورا تحقيق كون السورة بمجردها معجزة وآية من آيات الله ، والإشارة إلى أن كل سورة نمط مستقل . فسورة يوسف تترجم ، عن قصته ، وسورة " براءة " تترجم عن أحوال المنافقين وأسرارهم ، إلى غير ذلك . وسورت السور سورا طوالا وأوساطا وقصارا ; تنبيها على أن
الطول ليس من شرط الإعجاز ، فهذه سورة الكوثر ثلاث آيات ، وهي معجزة إعجاز سورة البقرة ، ثم ظهرت لذلك حكمة في التعليم وتدريج الأطفال من السور القصار إلى ما فوقها تيسيرا من الله على عباده لحفظ كتابه .
قال
الزركشي في البرهان : فإن قلت : فهلا كانت الكتب السالفة كذلك ؟ .
قلت : لوجهين ، أحدهما : أنها لم تكن معجزات من جهة النظم والترتيب .
والآخر : أنها لم تيسر للحفظ . لكن ذكر
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري ما يخالفه ، فقال في الكشاف :
الفائدة في تفصيل القرآن وتقطيعه سورا كثيرة ، وكذلك أنزل الله التوراة والإنجيل والزبور ، وما أوحاه إلى أنبيائه مسورة ، وبوب المصنفون في كتبهم أبوابا موشحة الصدور بالتراجم :
منها : أن الجنس إذا انطوت تحته أنواع وأصناف كان أحسن وأفخم من أن يكون بابا واحدا .
ومنها : أن القارئ إذا ختم سورة أو بابا من الكتاب ثم أخذ في آخر ، كان أنشط له وأبعث على التحصيل منه لو استمر على الكتاب بطوله ، ومثله المسافر إذا قطع ميلا أو فرسخا نفس ذلك منه ، ونشط للسير ، ومن ثم جزئ القرآن أجزاء وأخماسا .
ومنها : أن الحافظ إذا حذق السورة اعتقد أنه أخذ من كتاب الله طائفة مستقلة بنفسها فيعظم عنده ما حفظه .
ومنه حديث
أنس :
nindex.php?page=hadith&LINKID=979629كان الرجل إذا قرأ البقرة وآل عمران جد فينا . ومن ثم كانت القراءة في الصلاة بسورة أفضل .
ومنها : أن التفصيل بسبب تلاحق الأشكال والنظائر وملاءمة بعضها لبعض ، وبذلك تتلاحظ المعاني والنظم . إلى غير ذلك من الفوائد . انتهى .
وما ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري من تسوير سائر الكتب هو الصحيح أو الصواب ، فقد أخرج
ابن [ ص: 232 ] أبي حاتم ، عن
قتادة ، قال : كنا نتحدث أن الزبور مائة وخمسون سورة ، كلها مواعظ وثناء ، ليس فيه حلال ولا حرام ، ولا فرائض ولا حدود ، وذكروا أن في الإنجيل سورة تسمى سورة الأمثال .