قال تعالى : (
ثم لننزعن من كل شيعة أيهم أشد على الرحمن عتيا ( 69 ) ) .
قوله تعالى : (
أيهم أشد ) : يقرأ بالنصب شاذا ، والعامل فيه : لننزعن وهي بمعنى الذي .
ويقرأ بالضم . وفيه قولان :
أحدهما : أنها ضمة بناء ، وهو مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه ; وهي بمعنى الذي وإنما بنيت هاهنا ; لأن أصلها البناء ; لأنها بمنزلة الذي .
[ ص: 174 ] و " أي " من الموصولات إلا أنها أعربت حملا على كل أو بعض ، فإذا وصلت بجملة تامة بقيت على الإعراب ، وإذا حذف العائد عليها بنيت لمخالفتها بقية الموصولات ، فرجعت إلى حقها من البناء بخروجها عن نظائرها ، وموضعها نصب بننزع .
والقول الثاني : هي ضمة الإعراب وفيه خمسة أقوال :
أحدها : أنها مبتدأ وأشد خبره ; وهو على الحكاية . والتقدير : لننزعن من كل شيعة الفريق الذي يقال أيهم ، فهو على هذا استفهام ، وهو قول
الخليل .
والثاني : كذلك في كونه مبتدأ وخبرا واستفهاما ، إلا أن موضع الجملة نصب بننزعن ، وهو فعل معلق عن العمل ، ومعناه التمييز ; فهو قريب من معنى العلم الذي يجوز تعليقه ، كقولك : علمت أيهم في الدار ، وهو قول
يونس .
والثالث : أن الجملة مستأنفة ، وأي استفهام ، ومن زائدة : أي لننزعن كل شيعة ، وهو قول
الأخفش nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي ، وهما يجيزان زيادة " من " في الواجب .
والرابع : أن " أيهم " مرفوع بشيعة ; لأن معناه تشيع ، والتقدير : لننزعن من كل فريق يشيع أيهم ، وهو على هذا بمعنى الذي ، وهو قول المبرد .
والخامس : أن " ننزع " علقت عن العمل ; لأن معنى الكلام معنى الشرط ، والشرط لا يعمل فيما قبله ، والتقدير : لننزعنهم تشيعوا أو لم يتشيعوا ، أو إن تشيعوا ، ومثله : لأضربن أيهم غضب ; أي إن غضبوا أو لم يغضبوا ، وهو قول
يحيى عن
الفراء ، وهو أبعدها عن الصواب .
قال تعالى : (
وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا ( 71 ) ) .
قوله تعالى : (
وإن منكم ) : أي وما أحد منكم . فحذف الموصوف .
وقيل : التقدير : وما منكم إلا من هو واردها ، وقد تقدم نظائرها .
قال تعالى : (
وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين كفروا للذين آمنوا أي الفريقين خير مقاما وأحسن نديا ( 73 ) ) .
قوله تعالى : (
مقاما ) : يقرأ بالفتح ، وفيه وجهان :
أحدهما : هو موضع الإقامة . والثاني : هو مصدر الإقامة .
وبالضم ، وفيه الوجهان .
[ ص: 175 ] ولام الندي واو ; يقال : ندوتهم ; أي أتيت ناديهم ، وجلست في النادي ، ومصدره الندو .
قال تعالى : (
وكم أهلكنا قبلهم من قرن هم أحسن أثاثا ورئيا ( 74 ) ) .
قوله تعالى : (
وكم ) : منصوب بـ "
أهلكنا " و "
هم أحسن " : صفة لكم .
و (
روحا ) : يقرأ بهمزة ساكنة بعد الراء ، وهو من الرؤية ; أي أحسن منظرا . ويقرأ بتشديد الياء من غير همز ، وفيه وجهان :
أحدهما : أنه قلب الهمزة ياء لسكونها وانكسار ما قبلها ثم أدغم . والثاني : أن تكون من الري ، ضد العطش ; لأنه يوجب حسن البشرة .
ويقرأ ريئا - بهمزة بعد ياء ساكنة ، وهو مقلوب ; يقال : في رأى أرى .
ويقرأ بياء خفيفة من غير همز ; ووجهها أنه نقل حركة الهمزة إلى الياء وحذفها .
ويقرأ بالزاي والتشديد ; أي أحسن زينة ، وأصله من زوى يزوي; لأن المتزين يجمع ما يحسنه .
قال تعالى : (
قل من كان في الضلالة فليمدد له الرحمن مدا حتى إذا رأوا ما يوعدون إما العذاب وإما الساعة فسيعلمون من هو شر مكانا وأضعف جندا ( 75 )
ويزيد الله الذين اهتدوا هدى والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير مردا ( 76 ) ) .
قوله تعالى : (
قل من كان ) : هي شرطية ، والأمر جوابها ، والأمر هنا بمعنى الخبر ; أي فليمدد له ، والأمر أبلغ لما يتضمنه من اللزوم .
و ( حتى ) : تحكي ما بعدها هاهنا ، وليست متعلقة بفعل .
(
إما العذاب وإما الساعة ) : كلاهما بدل مما يوعدون .
(
فسيعلمون ) : جواب إذا .
(
ويزيد ) : معطوف على معنى فليمدد ; أي فيمد ويزيد .
[ ص: 176 ] (
من هو ) : فيه وجهان : أحدهما : هي بمعنى الذي ، و " هو شر " : صلتها . وموضع " من " نصب بيعلمون . والثاني : هي استفهام ، وهو فصل وليس مبتدأ .