صفحة جزء
سورة طه

بسم الله الرحمن الرحيم

( طه ) : قد ذكر الكلام عليها في القول الذي جعلت فيه حروفا مقطعة . وقيل : معناه يا رجل ; منادى . وقيل : " طا " فعل أمر ، وأصله بالهمز ، ولكن أبدل من الهمزة ألفا ، و " ها " ضمير الأرض .

ويقرأ : طه ، وفي الهاء وجهان ; أحدهما : أنها بدل من الهمزة ، كما أبدلت في أرقت ، فقيل : هرقت . والثاني : أنه أبدل من الهمزة ألفا ، ثم حذفها للبناء ، وألحقها هاء السكت .

قال تعالى : ( ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى ( 2 ) إلا تذكرة لمن يخشى ( 3 ) ) .

قوله تعالى : ( إلا تذكرة ) : هو استثناء منقطع ; أي لكن أنزلناه تذكرة ; أي للتذكرة .

وقيل : هو مصدر ; أي لكن ذكرنا به تذكرة ; ولا يجوز أن يكون مفعولا له لأنزلنا المذكورة ; لأنها قد تعدت إلى مفعول له ، وهو " لتشقى " فلا تتعدى إلى آخر من جنسه ، ولا يصح أن يعمل فيها " لتشقى " لفساد المعنى . وقيل : " تذكرة " مصدر في موضع الحال .

قال تعالى : ( تنزيلا ممن خلق الأرض والسماوات العلا ( 4 ) ) .

قوله تعالى : ( تنزيلا ) : هو مصدر ; أي أنزلناه تنزيلا . وقيل : هو مفعول يخشى ، و " من " متعلقة به .

و ( العلا ) : جمع العليا .

[ ص: 179 ] قال تعالى : ( له ما في السماوات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى ( 6 ) ) .

قوله تعالى : ( له ما في السماوات ) : مبتدأ وخبر ; أو تكون " ما " مرفوعة بالظرف .

وقال بعض الغلاة : " ما " فاعل " استوى " ، وهو بعيد . ثم هو غير نافع له في التأويل ; إذ يبقى قوله : ( الرحمن على العرش ) كلاما تاما ، ومنه هرب ، وفي الآية تأويلات أخر لا يدفعها الإعراب .

قال تعالى : ( وإن تجهر بالقول فإنه يعلم السر وأخفى ( 7 ) ) .

قوله تعالى : ( وأخفى ) : يجوز أن يكون فعلا ومفعوله محذوف ; أي وأخفى السر عن الخلق . ويجوز أن يكون اسما ; أي وأخفى منه .

قال تعالى : ( وهل أتاك حديث موسى ( 9 ) إذ رأى نارا فقال لأهله امكثوا إني آنست نارا لعلي آتيكم منها بقبس أو أجد على النار هدى ( 10 ) ) .

قوله تعالى : ( إذ رأى ) : " إذ " ظرف لـ " حديث " ، أو مفعول به ; أي اذكر .

( لأهله ) : بكسر الهاء وضمها ; وقد ذكر . ومن ضم أتبعه ما بعده .

و ( منها ) : يجوز أن يتعلق بآتيكم ، أو حالا من " قبس " .

والجيد في " هدى " هنا أن يكتب بالألف ، ولا تمال ; لأن الألف بدل من التنوين في القول المحقق ; وقد أمالها قوم ; وفيه ثلاثة أوجه ; أحدها : أن يكون شبه ألف التنوين بلام الكلمة ; إذ اللفظ بهما في المقصور واحد . والثاني : أن تكون لام الكلمة ، ولم تبدل من التنوين شيئا في النصب ، كما جاء :

وآخذ من كل حي عصم والثالث : أن تكون على رأي من وقف في الأحوال الثلاثة من غير إبدال .

قال تعالى : ( فلما أتاها نودي يا موسى ( 11 ) إني أنا ربك فاخلع نعليك إنك بالوادي المقدس طوى ( 12 ) ) .

قوله تعالى : ( نودي ) : المفعول القائم مقام الفاعل مضمر ; أي نودي موسى . وقيل : هو المصدر ; أي نودي النداء . وما بعده مفسر له . و " يا موسى " : لا يقوم مقام الفاعل لأنه جملة .

[ ص: 180 ] ( إني ) : يقرأ بالكسر ; أي فقال إني ، أو لأن النداء قول . وبالفتح ; أي نودي بأني ، كما تقول : ناديته باسمه .

و ( أنا ) : مبتدأ ، أو توكيد ، أو فصل .

قوله تعالى : ( طوى ) : يقرأ بالضم والتنوين ، وهو اسم علم للوادي ، وهو بدل منه . ويجوز أن يكون رفعا ، أي هو طوى .

ويقرأ بغير تنوين على أنه معرفة مؤنث اسم للبقعة .

وقيل : هو معدول ، وإن لم يعرف لفظ المعدول عنه ، فكأن أصله " طاوي " ; فهو في ذلك كجمع وكتع .

ويقرأ بالكسر على أنه مثل عنب في الأسماء ، وعدا وسوى في الصفات .

التالي السابق


الخدمات العلمية