باب السكت على الساكن قبل الهمز وغيره
تقدم الكلام على السكت أول الكتاب عند الكلام على الوقف ، والكلام هنا على ما يسكت عليه . فاعلم أنه لا يجوز السكت إلا على ساكن ، إلا أنه لا يجوز السكت على كل ساكن ، فينبغي أن تعلم أقسام الساكن ليعرف
ما يجوز عليه السكت مما لا يجوز ، فالساكن الذي يجوز السكت عليه إما أن يكون بعده همزة فيسكت عليه لبيان الهمزة وتحقيقه ، أو لا يكون بعده همزة ، وإنما يسكت عليه لمعنى غير ذلك .
(
فالساكن ) الذي يسكت عليه لبيان الهمز خوفا من خفائه ، إما أن يكون منفصلا فيكون آخر كلمة والهمز أول كلمة أخرى ، أو يكون متصلا فيكون هو والهمز في كلمة واحدة ، وكل منهما إما أن يكون حرف مد ، أو غير حرف مد ( فمثال المنفصل ) بغير حرف المد : (
من آمن ،
خلوا إلى ،
ابني آدم ،
[ ص: 420 ] جديد افترى ،
عليهم أأنذرتهم أم لم ،
فحدث ألم نشرح ،
حامية ألهاكم ) ومن ذلك نحو ( الارض ، و الاخرة ، و الايمان ، والاولى ) وما كان بلام المعرفة وإن اتصل خطا على الأصح ( ومثاله ) بحرف المد (
بما أنزل ،
قالوا آمنا ،
في آذانهم ) ونحو (
ياأيها ،
ياأولي ،
وهؤلاء ) مما كان مع حرف النداء والتنبيه وإن اتصل في الرسم أيضا ( ومثال المتصل ) بغير حرف مد (
القرآن ، و
الظمآن ، و
شيء ، و
شيئا ، و
مسئولا ، و
بين المرء ، و
الخبء ، و
دفء ) ( ومثاله ) بحرف المد (
أولئك ، و
إسرائيل ،
والسماء بناء ،
وجاءوا ، و
يضيء ، و
قروء ، و
هنيئا ، و
مريئا ، و
من سوء ) فورد السكت على ذلك عن جماعة من أئمة القراء ، وجاء من هذه الطرق عن
حمزة ،
وابن ذكوان ،
وحفص ،
ورويس ،
وإدريس . فأما
حمزة فهو أكثر القراء به عناية ، واختلفت الطرق فيه عنه وعن أصحابه اختلافا كثيرا . فروى جماعة من أهل الأداء السكت عنه ، ومن روايتي
خلف وخلاد في لام التعريف حيث أتت و (
شيء ) كيف وقعت ، أي : مرفوعا أو مجرورا أو منصوبا . وهذا مذهب صاحب " الكافي " ،
وأبي الحسن طاهر بن غلبون من طريق
الداني ، ومذهب
أبي عبد المنعم ،
وأبي علي الحسن بن بليمة ، وأحد المذهبين في " التيسير " و " الشاطبية " ، وبه ذكر
الداني أنه قرأ على
أبي الحسن بن غلبون ، إلا أن روايتيه في " التذكرة " ، وإرشاد
أبي الطيب عبد المنعم ، وتلخيص
ابن بليمة - هو المد في شيء مع السكت على لام التعريف حسب لا غير ، والله أعلم .
وقال
الداني في " جامع البيان " : وقرأت على
أبي الحسن ، عن قراءته في روايتيه بالسكت على لام المعرفة خاصة لكثرة دورها ، وكذلك ذكر
ابن مجاهد في كتابه ، عن
حمزة ، ولم يذكر عنه خلافا . انتهى . وهذا الذي ذكره في " جامع البيان " عن شيخه
ابن غلبون يخالف ما نص عليه في " التيسير " ، فإنه نص فيه - أي السكت - على لام التعريف ، وبه قرأ على
أبي الحسن بالسكت على لام التعريف ، و (
شيء و
شيئا ) حيث وقعا لا غير ، وقال في " الجامع " : إنه قرأ عليه بالسكت على لام التعريف خاصة ، فإما أن يكون سقط ذكر شيء من الكتاب فيوافق " التيسير " ، أو يكون مع
[ ص: 421 ] المد على شيء فيوافق " التذكرة " ، والله أعلم .
وروى بعضهم هذا المذهب عن
حمزة من رواية
خلف فقط ، وهو طريق
أبي محمد مكي وشيخه
أبي الطيب بن غلبون ، إلا أنه ذكر أيضا مد (
شيء ) أيضا كما تقدم . وروى آخرون عن
حمزة من روايتيه مع السكت على لام التعريف و (
شيء ) السكت على الساكن المنفصل مطلقا غير حرف المد . وهذا مذهب
أبي الطاهر إسماعيل بن خلف صاحب " العنوان " ، وشيخه
عبد الجبار الطرسوسي ، وهو المنصوص عليه في " جامع البيان " ، وهو الذي ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=12835ابن الفحام في تجريده من قراءته على
الفارسي في الروايتين ، وأحد الطريقين في " الكامل " ، إلا أن صاحب " العنوان " ذكر مد (
شيء ) كما قدمنا . وروى بعضهم هذا المذهب ، عن
حمزة من رواية
خلف حسب . وهذا مذهب
أبي الفتح فارس بن أحمد ، وطريق
أبي عبد الله بن شريح صاحب " الكافي " ، وهو الذي في " الشاطبية " و " التيسير " من طريق
أبي الفتح المذكور في " التجريد " ، من قراءته على
عبد الباقي ، عن أبيه ، عن
عبد الباقي الخراساني وأبي أحمد ، إلا أن صاحب " الكافي " حكى المد في (
شيء ) في أحد الوجهين وذكر عن
خلاد السكت فيه وفي لام التعريف فقط كما تقدم ، وروى آخرون عن
حمزة من الروايتين السكت مطلقا ، أي : على المنفصل والمتصل جمعا ما لم يكن حرف مد . وهذا مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=13244أبي طاهر بن سوار صاحب " المستنير " ،
وأبي بكر بن مهران صاحب " الغاية " ،
وأبي علي البغدادي صاحب " الروضة " ،
وأبي العز القلانسي ،
وأبي محمد سبط الخياط ، وجمهور العراقيين ، وقال
أبو العلاء الحافظ : إنه اختيارهم ، وهو مذكور أيضا في " الكامل " ، ورواه
nindex.php?page=showalam&ids=13963أبو بكر النقاش ، عن
إدريس ، عن
خلف ، عن
حمزة . وروى آخرون السكت عن
حمزة من الروايتين على حرف المد أيضا ، وهم في ذلك على الخلاف في المنفصل والمتصل كما ذكرنا ، فمنهم من خص بذلك المنفصل وسوى بين حرف المد وغيره مع السكت على لام التعريف و (
شيء ) . وهذا مذهب الحافظ
nindex.php?page=showalam&ids=11881أبي العلاء الهمداني صاحب " غاية الاختصار " وغيره ، وذكره صاحب " التجريد " من قراءته على
[ ص: 422 ] عبد الباقي في رواية
خلاد ، ومنهم من أطلق ذلك في المتصل والمنفصل ، وهو مذهب
أبي بكر الشذائي ، وبه قرأ
nindex.php?page=showalam&ids=15963سبط الخياط على
الشريف أبي الفضل ، عن
الكارزيني ، عنه ، وهو في " الكامل " أيضا .
وذهب جماعة إلى ترك السكت عن
خلاد مطلقا ، وهو مذهب
أبي الفتح فارس بن أحمد ،
وأبي محمد مكي ، وشيخه
أبي الطيب ،
وأبي عبد الله بن شريح ، وذكره صاحب " التيسير " من قراءته على
أبي الفتح فارس بن أحمد ، وتبعه على ذلك
الشاطبي وغيره ، وهو أحد طرق " الكامل " ، وهي طريق
أبي علي العطار ، عن أصحابه عن
البختري ، عن
جعفر الوزان ، عن
خلاد ، كما سنذكره في آخر باب الوقف
لحمزة ، وذهب آخرون إلى عدم السكت مطلقا عن
حمزة من روايتيه ، وهو مذهب
أبي العباس المهدوي صاحب " الهداية " ، وشيخه
أبي عبد الله بن سفيان صاحب " الهادي " ، وهو الذي لم يذكر
nindex.php?page=showalam&ids=13579أبو بكر بن مهران غيره في غايته سواه . فهذا الذي علمته ورد عن
حمزة في ذلك من الطرق المذكورة ، وبكل ذلك قرأت من طريق من ذكرت ، واختياري عنه السكت في غير حرف المد جمعا بين النص والأداء والقياس ، فقد روينا عن
خلف وخلاد وغيرهما ، عن
سليم ، عن
حمزة ، قال : إذا مددت الحرف فالمد يجزي من السكت قبل الهمزة ، قال : وكان إذا مد ، ثم أتى بالهمز بعد المد لا يقف قبل الهمز . انتهى . قال الحافظ
nindex.php?page=showalam&ids=12111أبو عمرو الداني ، وهذا الذي قاله
حمزة من أن المد يجزي من السكت معنى حسن لطيف دال على وفور معرفته ونفاذ بصيرته ، وذلك أن زيادة التمكين لحرف المد مع الهمزة إنما هو بيان لها ؛ لخفائها وبعد مخرجها ، فيقوى به على النطق بها محققة ، وكذا السكوت على الساكن قبلها إنما هو بيان لها أيضا . فإذا بينت بزيادة التمكين لحرف المد قبلها لم تحتج أن تبين بالسكت عليه ، وكفى المد من ذلك وأغنى عنه .
( قلت ) : وهذا ظاهر واضح وعليه العمل اليوم ، والله أعلم .
وأما
ابن ذكوان فروى عنه السكت وعدمه صاحب " المبهج " من جميع طرقه على ما كان من كلمة وكلمتين ما لم يكن حرف مد ، فقال : قرأت
لابن ذكوان [ ص: 423 ] بالوقف وبالإدراج على شيخنا الشريف ، ولم أره منصوصا في الخلاف بين أصحاب
ابن عامر . وكذلك روى عنه السكت صاحب " الإرشاد " ، والحافظ
أبو العلاء ، كلاهما من طريق
العلوي ، عن
النقاش ، عن
الأخفش ، إلا أن الحافظ
أبا العلاء خصه بالمنفصل ولام التعريف و (
شيء ) وجعله دون سكت
حمزة ، فخالف
أبا العز في ذلك مع أنه لم يقرأ بهذا الطريق إلا عليه ، والله أعلم .
وكذلك رواه
الهذلي من طريق
الجنبي عن
ابن الأخرم عن
الأخفش ، وخصه بالكلمتين والسكت من هذه الطرق كلها مع التوسط إلا من " الإرشاد " ، فإنه مع المد الطويل فاعلم ذلك ، والجمهور عن
ابن ذكوان من سائر الطرق على عدم السكت ، وهو المشهور عنه وعليه العمل ، والله أعلم .
وأما
حفص فاختلف أصحاب
الأشناني في السكت ، عن
عبيد بن الصباح عنه ، فروى عنه
nindex.php?page=showalam&ids=12534أبو طاهر بن أبي هاشم السكت ، واختلف فيه عنه أصحابه ، فروى
أبو علي المالكي البغدادي صاحب " الروضة " ، عن
الحمامي عنه السكت على ما كان من كلمة أو كلمتين غير المد ، ولم يذكر خلافا عن
الأشناني في ذلك . وروى
nindex.php?page=showalam&ids=12835أبو القاسم بن الفحام صاحب " التجريد " ، عن
الفارسي ، عن
الحمامي ، عنه السكت على ما كان من كلمتين ولام التعريف و (
شيء ) لا غير . وروى عن
عبد الباقي ، عن أبيه ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14453أبي أحمد السامري ، عن
الأشناني السكت على ذلك ، وعلى الممدود يعني المنفصل ، فانفرد بالممدود عنه ، وليس من طريق الكتاب ، والله أعلم .
وقال
الداني في جامعه : وقرأت أيضا على
أبي الفتح ، عن قراءته على
عبد الله بن الحسين ، عن
الأشناني بغير سكت في جميع القرآن ، وكذلك قرأت على
أبي الحسن ، عن قراءته على
الهاشمي ، عن
الأشناني ، قال : وبالسكت آخذ في روايتيه ; لأن
أبا الطاهر بن أبي هاشم رواه عنه تلاوة ، وهو من الإتقان والضبط والصدق ووفور المعرفة والحذق بموضع لا يجهله أحد من علماء هذه الصناعة ، فمن خالفه عن
الأشناني فليس بحجة عليه .
( قلت ) : والأمر كما قال
الداني في
أبي طاهر ، إلا أن أكثر أصحابه لم يرووا عنه السكت تلاوة أيضا
كالنهرواني ،
[ ص: 424 ] وابن العلاف ،
والمصاحفي ، وغيرهم ، وهم أيضا من الإتقان والضبط والحذق والصدق بمحل لا يجهل ، ولم يصح عندنا تلاوة عنه إلا من طريق
الحمامي ، مع أن أكثر أصحاب
الحمامي لم يرووه عنه مثل
أبي الفضل الرازي ،
وأبي الفتح بن شيطا ،
وأبي علي غلام الهراس ، وهم من أضبط أصحابه وأحذقهم . فظهر ووضح أن الإدراج - وهو عدم السكت - عن
الأشناني أشهر وأكثر وعليه الجمهور ، والله أعلم .
وبكل من السكت والإدراج قرأت من طريقه والله تعالى الموفق ، وأما
إدريس عن
خلف فاختلف عنه ، فروى
الشطي nindex.php?page=showalam&ids=13030وابن بويان السكت عنه في المنفصل وما كان في حكمه و (
شيء ) خصوصا ، نص عليه في " الكفاية في القراءات الست " ، و " غاية الاختصار " ، و " الكامل " ، وانفرد به عن
خلف من جميع طرقه . وروى عنه
المطوعي السكت على ما كان من كلمة وكلمتين عموما ، نص عليه في " المبهج " ، وانفرد
الهمداني عن
الشطي فيما لم يكن الساكن واوا ولا ياء ، يعني مثل (
خلوا إلى ، و
ابني آدم ) ولا أعلم أحدا استثناه عن أحد من الساكنين سواه ولا عمل عليه ، والله أعلم . وكلهم عنه بغير سكت في الممدود ، والله أعلم .
أما
رويس فانفرد عنه
nindex.php?page=showalam&ids=15024أبو العز القلانسي من طريق
القاضي أبي العلاء القاضي ، عن
النخاس ، عن
التمار ، عنه بالسكت اللطيف دون سكت
حمزة ومن وافقه ، وذلك على ما كان من كلمة وكلمتين في غير الممدود حسبما نص عليه في " الكفاية " ، وظاهر عبارته في " الإرشاد " السكت على الممدود المنفصل ، ولما قرأت على الأستاذ
أبي المعالي بن اللبان أوقفته على كلام " الإرشاد " فقال : هذا شيء لم نقرأ به ولا يجوز . ثم رأيت نصوص الواسطيين أصحاب
أبي العز وأصحابهم على ما نص في " الكفاية " ، وأخبرني به
ابن اللبان وغيره تلاوة ، وهو الصحيح الذي لا يجوز خلافه ، والله أعلم .
وأما
الذي يسكت عليه لغير قصد تحقيق الهمز فأصل مطرد وأربع كلمات ، فالأصل المطرد حروف الهجاء الواردة في فواتح السور نحو (
الم ،
الر ،
كهيعص ،
طه ،
طسم ،
طس ،
ص ،
ن ) فقرأ
أبو جعفر بالسكت على كل حرف منها ، ويلزم
[ ص: 425 ] من سكته إظهار المدغم منها والمخفي وقطع همزة الوصل بعدها ليبين بهذا السكت أن الحروف كلها ليست للمعاني كالأدوات للأسماء والأفعال ، بل هي مفصولة ، وإن اتصل رسما وليست بمؤتلفة ، وفي كل واحد منها سر من أسرار الله تعالى الذي استأثر الله تعالى بعلمه ، وأوردت مفردة من غير عامل ولا عطف ، فسكنت كأسماء الأعداد إذا وردت من غير عامل ولا عطف ، فنقول : واحد اثنين ثلاثة أربعة . . . هكذا ، وانفرد
الهذلي عن
ابن جماز بوصل همزة ( الله لا إله إلا هو ) في أول آل عمران تتميم (
الم ) كالجماعة ، وانفرد
ابن مهران بعدم ذكر السكت
لأبي جعفر في الحروف كلها ، وذكر
أبو الفضل الرازي عدم السكت في السين من (
طس تلك ) والصحيح السكت عن
أبي جعفر على الحروف كلها من غير استثناء لشيء منها ؛ وفاقا لإجماع الثقاة الناقلين ذلك عنه نصا وأداء ، وبه قرأت وبه آخذ ، والله أعلم .
وأما الكلمات الأربع فهي (
عوجا ) أول الكهف و (
مرقدنا ) في يس ، و (
من راق ) في القيامة ، و (
بل ران ) في التطفيف ، فاختلف عن
حفص في السكت عليها والإدراج ، فروى جمهور المغاربة وبعض العراقيين عنه من طريقي
عبيد وعمرو السكت على الألف المبدلة من التنوين في (
عوجا ) ثم يقول (
قيما ) وكذلك على الألف من (
مرقدنا ) ثم يقول (
هذا ما وعد الرحمن ) وكذلك على النون من (
من ) ثم يقول (
راق ) وكذلك على اللام من (
بل ) ثم يقول (
ران على قلوبهم ) وهذا الذي في " الشاطبية " ، و " التيسير " ، و " الهادي " ، و " الهداية " ، و " الكافي " ، و " التبصرة " ، و " التلخيص " و " التذكرة " وغيرها . وروى الإدراج في الأربعة كالباقين
أبو القاسم الهذلي ،
وأبو بكر بن مهران ، وغير واحد من العراقيين ، فلم يفرقوا في ذلك بين
حفص وغيره ، وروى عنه كلا من الوجهين
nindex.php?page=showalam&ids=12835أبو القاسم بن الفحام في تجريده ، فروى السكت في (
عوجا و
مرقدنا ) عن
عمرو بن الصباح ، عنه . وروى الإدراج كالجماعة ، عن
عبيد بن الصباح عنه . وروى السكت في (
من راق و
بل ران ) من قراءته على
الفارسي ، عن
عمرو ، ومن قراءته على
عبد الباقي ، عن
عبيد فقط ،
[ ص: 426 ] وروى الإدراج كالجماعة من قراءته على
ابن نفيس من طريق
عبيد والمالكي من طريقي
عمرو وعبيد جميعا ، والله أعلم .
واتفق صاحب " المستنير " ، و " المبهج " ، و " الإرشاد " على الإدراج في (
عوجا و
مرقدنا ) كالجماعة ، وعلى السكت في القيامة فقط ، وعلى الإظهار من غير سكت في التطفيف ، والمراد بالإظهار السكت . فإن صاحب " الإرشاد " صرح بذلك في كفايته ، وصاحب " المبهج " نص عليه في " الكفاية " له ولم يذكر سواه ، وروى
الحافظ أبو العلاء في غايته السكت في "
عوجا " فقط ، ولم يذكر في الثلاثة الباقية شيئا . بل ذكر الإظهار في (
من راق ، و
بل ران ) .
( قلت ) : فثبت في الأربعة الخلاف ، عن
حفص من طريقيه ، وصح الوجهان من السكت والإدراج عنه ، وبهما عنه آخذ .
( ووجه ) السكت في
عوجا قصد بيان أن قيما بعده ليس متصلا بما قبله في الإعراب . فيكون منصوبا بفعل مضمر تقديره ( أنزله قيما ) فيكون حالا من الهاء في أنزله وفي (
مرقدنا ) بيان أن كلام الكفار قد انقضى ، وأن قوله : (
هذا ما وعد الرحمن ) ليس من كلامهم ، فهو إما من كلام الملائكة ، أو من كلام المؤمنين كما أشرنا إليه في الوقف والابتداء وفي (
من راق ، و
بل ران ) قصد بيان اللفظ ليظهر أنهما كلمتان مع صحة الرواية في ذلك ، والله أعلم .