وأما
المد للساكن اللازم في قسميه ، ويقال له أيضا المد اللازم إما على تقدير حذف مضاف ، أو لكونه يلزم في كل قراءة على قدر واحد ، ويقال له أيضا : مد العدل ; لأنه يعدل حركة . فإن القراء يجمعون على مده مشبعا قدرا واحدا من غير إفراط ، لا أعلم بينهم في ذلك خلافا سلفا ولا خلفا ، إلا ما ذكره الأستاذ
أبو الفخر حامد بن علي بن حسنويه الجاجاني في كتابه " حلية القراء " نصا ، عن
أبي بكر بن مهران حيث قال : والقراء مختلفون في مقداره ، فالمحققون يمدون على قدر أربع ألفات ، ومنهم من يمد على قدر ثلاث ألفات ، والحادرون يمدون عليه قدر ألفين ، إحداهما الألف التي بعد المحرك والثانية المدة التي أدخلت بين الساكنين لتعدل ، ثم قال
الجاجاني : وعليه - يعني وعلى المرتبة الدنيا - قول
nindex.php?page=showalam&ids=14189أبي مزاحم الخاقاني في قصيدته :
وإن حرف مد كان من قبل مدغم كآخر ما في الحمد فامدده واستجر مددت لأن الساكنين تلاقيا
فصار كتحريك كذا قال ذو الخبر
( قلت ) : وظاهر عبارة صاحب " التجريد " أيضا أن المراتب تتفاوت كتفاوتها
[ ص: 318 ] في المتصل ، وفحوى كلام
أبي الحسن بن بليمة في تلخيصه تعطيه ، والآخذون من الأئمة بالأمصار على خلافه . نعم ، اختلفت آراء أهل الأداء من أئمتنا في تعيين هذا القدر المجمع عليه ، فالمحققون منهم على أنه الإشباع ، والأكثرون على إطلاق تمكين المد فيه ، وقال بعضهم : هو دون ما مد للهمز ، كما أشار إليه الأستاذ العلامة
nindex.php?page=showalam&ids=14467أبو الحسن السخاوي في قصيدته بقوله :
والمد من قبل المسكن دون ما قد مد للهمزات باستيقان
يعني أنه دون أعلى المراتب وفوق التوسط ، وكل ذلك قريب . ثم اختلفوا أيضا في تفاضل ذلك على بعض ، فذهب كثير إلى أن مد المدغم منه أشبع تمكينا من المظهر من أجل الإدغام ، لاتصال الصوت فيه وانقطاعه في المظهر ، فعلى هذا يزاد إشباع لام على إشباع ميم من أجل الإدغام ، وكذلك ( دابة ) بالنسبة إلى ( محياي ) عند من أسكن ، وينقص عند هؤلاء ( صاد ذكر ، و سين ميم نون و القلم ) عند من أظهر بالنسبة إلى من أدغم ، وهذا قول
nindex.php?page=showalam&ids=11971أبي حاتم السجستاني ، ذكره في كتابه . ومذهب
ابن مجاهد فيما رواه عنه
أبو بكر الشذائي ،
nindex.php?page=showalam&ids=17141ومكي بن أبي طالب وأبي عبد الله بن شريح ، وقبله
nindex.php?page=showalam&ids=12111الحافظ أبو عمرو الداني وجوده ، وقال : به كان يقول شيخنا
الحسن بن سليمان ، يعني الأنطاكي ، وقال : وإياه كان يختار ، وذهب بعضهم إلى عكس ذلك ، وهو أن المد في غير المدغم فوق المدغم ، وقال ; لأن المدغم يتحصن ويقوى بالحرف المدغم فيه بحركته . فكأن الحركة في المدغم فيه حاصلة في المدغم ، فقوي بتلك الحركة وإن كان الإدغام يخفي الحرف ، وذكره أبو العز في كفايته ، وذهب الجمهور إلى التسوية بين مد المدغم والمظهر في ذلك كله ؛ إذ الموجب للمد هو التقاء الساكنين ، والتقاؤهما موجود ، فلا معنى للتفصيل بين ذلك وبين الذي عليه جمهور أئمة العراقيين قاطبة ، ولا يعرف نص عن أحد من مؤلفيهم باختيار خلافه ، قال
الداني : وهذا مذهب أكثر شيوخنا ، وبه قرأت على أكثر أصحابنا البغداديين والمصريين ، قال : وإليه كان
[ ص: 319 ] يذهب
محمد بن علي - يعني الأذفوي ،
وعلي بن بشر - يعني الأنطاكي - نزيل
الأندلس .