لغة النماء ، يقال : زكا الزرع إذا نما ، وبمعنى التطهير ، وشرعا بالاعتبارين ، أما الأول فلأن إخراجها سبب النماء في المال فسميت زكاة بما يؤول إليه إخراجها كقوله تعالى : ( أعصر خمرا ) ( سورة يوسف : الآية 36 ) أو بمعنى أن الأجر يكثر بسببها ، أو بمعنى أن متعلقها الأموال ذات النماء كالتجارة والزراعة ، ودليل الأول حديث : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10352593ما نقص مال من صدقة " . ولأنها يضاعف ثوابها كما جاء : إن الله يربي الصدقة . وأما الثاني : فلأنها طهرة النفس من رذيلة البخل ، وتطهير من الذنوب ، وهي الركن الثالث من الأركان التي بني عليها الإسلام ، ولها أسماء : الزكاة من قوله تعالى : ( وآتوا الزكاة ) ( سورة البقرة : الآية 43 ) والصدقة ( خذ من أموالهم صدقة ) ( سورة التوبة : الآية 103 ) والحق : ( وآتوا حقه يوم حصاده ) ( سورة الأنعام : الآية 141 ) والنفقة ، قال ابن نافع عن مالك من قوله تعالى : ( والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله ) ( سورة التوبة : الآية 34 ) والعرف : ( خذ العفو وأمر بالعرف ) ( سورة الأعراف : الآية 199 ) قال الباجي : إلا أن عرف الاستعمال في الشرع جرى في الفرض بلفظ الزكاة ، وفي النفل بلفظ الصدقة . وقال ابن العربي : تطلق الزكاة على الصدقة الواجبة والمندوبة والنفقة والعفو والحق ، وتعريفها شرعا إعطاء جزء من النصاب الحولي إلى فقير ونحوه غير هاشمي ولا مطلبي ، ثم لها ركن وهو الإخلاص ، وشرط وهو السبب ، وهو ملك النصاب الحولي ، وشرط من تجب عليه العقل والبلوغ والحرية ، ولها حكم وهو سقوط الواجب في الدنيا وحصول الثواب في الأخرى ، وحكمة وهي التطهير من الأدناس ورفع الدرجة واسترقاق الأحرار .
قال الحافظ : وهو جيد لكن في شرط من تجب عليه اختلاف . والزكاة أمر مقطوع به شرعا يستغنى عن تكلف الاحتجاج له فمن جحد فرضها كفر ، وإنما اختلف في بعض فروعها وفرضت بعد الهجرة عند الأكثر ، فقيل في السنة الثانية قبل رمضان ، وقيل في السنة الأولى ، وجزم ابن الأثير بأنه في التاسعة ، وادعى ابن حزم أنه كان قبل الهجرة ، وفيهما نظر بينه في فتح الباري بما فيه طول .