73 71 - ( مالك عن ابن شهاب ) الزهري ( عن عباد ) بفتح المهملة وشد الموحدة ( ابن زياد ) أخي عبيد الله بن زياد المعروف بابن أبيه ويقال له ابن أبي سفيان يكنى عباد أبا حرب وكان والي سجستان سنة ثلاث وخمسين ، وثقه ابن حبان وروى له مسلم وأبو داود والنسائي ومات سنة مائة .
وقوله : ( من ولد المغيرة بن شعبة ) وهم من مالك وإنما هو مولى المغيرة قاله الشافعي ومصعب الزبيري وأبو حاتم والدارقطني وابن عبد البر قال : وانفرد يحيى وعبد الرحمن بن مهدي بوهم ثان فقالا : ( عن أبيه ) ولم يقله من رواة الموطأ غيرهما وإنما يقولون : ( عن المغيرة بن شعبة ) ثم هو منقطع ، فعباد لم يسمع من المغيرة ولا رآه وإنما يرويه الزهري عن عباد عن عروة وحمزة ابني المغيرة عن أبيهما ، وربما حدث به الزهري عن عروة وحده دون حمزة ، قال الدارقطني : فوهم مالك في إسناده في موضعين : أحدهما قوله عباد من ولد المغيرة .
والثاني إسقاطه عروة وحمزة .
قال : ورواه إسحاق بن راهويه عن روح بن عبادة عن مالك عن الزهري عن عباد بن زياد عن رجل من ولد المغيرة ، فإن كان روح حفظه عن مالك فقد أتى بالصواب عن الزهري ، قال : وبعض الرواة عن عروة بن المغيرة عن أبيه لم يذكر عبادا ، والصحيح قول من ذكر عبادا وعروة ( أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذهب لحاجته ) أي لقضاء حاجة الإنسان ، وفي مسلم : " فتبرز - صلى الله عليه وسلم - قبل الغائط فحملت معه إداوة قبل صلاة الفجر " ولابن سعد عن المغيرة : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10351080لما كنا بين الحجر وتبوك ذهب لحاجته وتبعته بماء بعد الفجر " ويجمع بأن خروجه كان بعد طلوع الفجر وقبل صلاة الصبح ( في غزوة تبوك ) آخر مغازيه - صلى الله عليه وسلم - بنفسه بمنع الصرف للتأنيث والعلمية ، كذا قال النووي وتبعه في الفتح وتعقب بأنه أخذها لأن علة منعه كونه على مثال الفعل كتقول ، والمذكر والمؤنث في ذلك سواء مكان بينه وبين المدينة من جهة الشام أربعة عشر مرحلة وبينها وبين دمشق [ ص: 170 ] إحدى عشرة ، وسميت بذلك في أحاديث صحيحة كقوله - صلى الله عليه وسلم - : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10351081إنكم ستأتون غدا عين تبوك " فمقتضاه قدم تسميتها بذلك ، وقيل سميت به لقوله عليه السلام وقد رأى قوما من أصحابه يبوكون عين الماء أي يدخلون فيها القدح ويحركونه ليخرج الماء : " ما زلتم تبوكونها بوكا " ( قال المغيرة : فذهبت معه بماء ) في إداوة ، وللبخاري في الجهاد وغيره عن مسروق عن المغيرة : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10351082أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمره أن يتبعه بالإداوة فانطلق حتى توارى عني فقضى حاجته ثم أقبل فتوضأ " وفي رواية أحمد : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10351083أن الماء أخذه المغيرة من أعرابية صبته له من قربة من جلد ميتة فقال له - صلى الله عليه وسلم - : " سلها فإن كانت دبغتها فهو طهورها " ، فقالت : أي والله لقد دبغتها " وفيه قبول خبر الواحد في الأحكام ولو امرأة سواء كان مما تعم به البلوى أم لا لقبول خبر الأعرابية .
( ثم ذهب يخرج يديه من كمي ) بضم الكاف ( جبته ) وهي ما قطع من الثياب مشمرا ، قاله في المشارق ، وللبخاري وعليه جبة شامية ، ولأبي داود : من صوف من جباب الروم .
قال القرطبي : ففيه أن الصوف لا ينجس بالموت لأن الشام إذ ذاك كانت دار كفر ومأكولها كلها الميتات كذا قال .
( فلم يستطع من ضيق كمي الجبة ) إخراج يديه وفيه التشمير في السفر ولبس الثياب الضيقة فيه لأنها أعون عليه ، قال ابن عبد البر : بل هو مستحب في الغزو للتشمير والتأسي به - صلى الله عليه وسلم - ولا بأس به عندي في الحضر .
( فأخرجهما من تحت الجبة ) زاد مسلم : وألقى الجبة على منكبيه .
( ومسح على الخفين ) محل الشاهد من الحديث ، وفيه رد على من زعم أن المسح عليهما منسوخ بآية المائدة ; لأنها نزلت في غزوة المريسيع ، وهذه القصة في غزوة تبوك بعدها باتفاق إذ هي آخر المغازي ، ثم المسح على الخفين خاص بالوضوء لا مدخل للغسل فيه بإجماع .
وفي رواية ابن سعد : فصلينا الركعة التي أدركنا وقضينا التي سبقتنا فقال - صلى الله عليه وسلم - حين صلى خلف عبد الرحمن : " ما قبض نبي قط حتى يصلي خلف رجل صالح من أمته " .
( فلما قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاته قال : أحسنتم ) إذ جمعتم الصلاة لوقتها ، ويحتمل أنه أراد أن يسكن ما بهم من الفزع ، قاله الأصيلي ، وقد زاد مسلم يغبطهم : أن صلوا لوقتها بالتشديد أي يحملهم على الغبطة لأجل ذلك ويجعل هذا الفعل عندهم مما يغبط عليه ، وإن روي بالتخفيف فيكون قد غبطهم لتقدمهم وسبقهم إلى الصلاة ، قاله ابن الأثير .
قال ابن عبد البر : وفي قوله أحسنتم أنه ينبغي شكر من بادر إلى أداء فرضه وعمل ما يجب عليه وفضل عبد الرحمن إذ قدمه الصحابة بدلا عن نبيهم - صلى الله عليه وسلم - ، وفيه اقتداء الفاضل بالمفضول ، وصلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - خلف بعض أمته .
وروى البزار عن الصديق مرفوعا : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10351096ما قبض نبي حتى يؤمه رجل من أمته " وتقدم من حديث المغيرة ، وأما بقاء عبد الرحمن وتأخر أبي بكر ليتقدم النبي فالفرق أن عبد الرحمن كان قد ركع ركعة فترك - صلى الله عليه وسلم - التقدم لئلا يختل ترتيب صلاة القوم ، بخلاف صلاة أبي بكر فلا اختلال فيها لأن الإمام إنما هو المصطفى وأبو بكر إنما كان يسمع الناس ، وفرق أيضا بأنه أراد أن يعين لهم حكم قضاء المسبوق بفعله كما بينه بقوله نعم .
والثانية التي رواها مسروق وعبيد الله عن عائشة وحميد عن أنس صفتها : أنه - صلى الله عليه وسلم - كان خلف أبي بكر في الصف مع الناس ، فارتفع الإشكال جملة ، قال : وليست صلاة واحدة في الدهر فيحمل ذلك على التعارض بل في كل يوم خمس ومدة مرضه اثنا عشر يوما فيه ستون صلاة أو نحو ذلك اه .
وحكاه عنه صاحب الأنموذج وقال : إنه من خصائصه ، ويمكن أن يجاب بأن معناه لا يجوز لأحد أن يؤمه ابتداء ولو لعذر ، أما إذا أم غيره فجاء وأبقاه - صلى الله عليه وسلم - فيجوز بدليل قصتي أبي بكر وعبد الرحمن ، فأما الصديق فإنما أم غيره لغيبته لمرضه واستخلافه إياه على الإمامة .
وأما ابن عوف فإنما أم لغيبته لقضاء حاجته بتقديم الناس له حين خافوا طلوع الشمس ، ولهذا لما أتى - صلى الله عليه وسلم - هم كل منهما أن ينكص حتى أشار له أن اثبت والله أعلم .
ثم حديث الباب صحيح بلا شك وإن وقع في إسناده [ ص: 173 ] الوهمان السابقان ، وقد خرجه مسلم من عدة طرق بألفاظ متقاربة ، وخرج البخاري بعضه في مواضع من طرق وهو متواتر عن المغيرة بن شعبة ، ذكر البزار أنه رواه عنه ستون رجلا .