النفل بفتحتين على المشهور وقد تسكن الفاء واحد الأنفال زيادة يزادها الغازي على نصيبه من الغنيمة ، ومنه نفل الصلاة وهو ما عدا الفريضة .
[ ص: 24 ] 987 971 ( مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث سرية ) في شعبان سنة ثمان قبل فتح مكة قاله ابن سعد ، وذكر غيره أنها كانت في جمادى ، وقيل : في رمضان من السنة ، وكان أميرها أبو قتادة وكانوا خمسة عشر رجلا ( فيها عبد الله بن عمر قبل ) بكسر القاف وفتح الموحدة أي جهة ( نجد ) لأجل محارب بها وأمره أن يشن عليهم الغارة فسار الليل وكمن النهار فهجم على حاضر منهم عظيم فأحاط بهم وقاتل منهم رجال فقتل من أشرف منهم ( فغنموا إبلا كثيرة ) وفي رواية لمسلم : " فأصبنا إبلا وغنما " وذكر أهل السير أنها مائة بعير وألفا شاة ( فكان سهمانهم ) بضم السين وسكون الهاء جمع سهم أي نصيب كل واحد ( اثني عشر بعيرا ) وتوهم بعضهم أن ذلك جميع الأنسباء ، قال النووي : وهو غلط ( أو أحد عشر بعيرا ) قال ابن عبد البر : اتفق رواة الموطأ على روايته بالشك إلا الوليد بن مسلم فرواه عن شعيب ومالك جميعا فقال : اثني عشر فلم يشك وكأنه حمل رواية مالك على رواية شعيب وهو منه غلط ، وكذا أخرجه أبو داود عن القعنبي عن مالك والليث بغير شك فكأنه أيضا حمل رواية مالك على رواية الليث ، والقعنبي إنما رواه في الموطأ على الشك فلا أدري أمن القعنبي جاء هذا حين خلط حديث الليث بحديث مالك أم من أبي داود ؟ وقال سائر أصحاب نافع : اثني عشر بعيرا بلا شك لم يقع الشك فيه إلا من قبل مالك .
وفي رواية عبيد الله بن [ ص: 25 ] عمر عن نافع عنده أيضا : " ونفل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهذا يحمل على التقرير فتجتمع الروايتان ، قال النووي : معناه أن أمير السرية نفلهم فأجازه النبي - صلى الله عليه وسلم - فجازت نسبته لكل منهما .
قال في الاستذكار في رواية مالك : إن النفل من الخمس لا من رأس الغنيمة ، وكذلك رواية عبيد الله وأيوب عن نافع ، وفي رواية ابن إسحاق عنه أنه من رأس الغنيمة لكنه ليس كهؤلاء في نافع ، وفي الحديث أن الجيش إذا انفردت منه قطعة فغنمت شيئا كانت الغنيمة للجميع ، قال ابن عبد البر : لا تختلف الفقهاء في ذلك إذا خرج الجيش جميعه ثم انفردت منه قطعة انتهى .
وليس المراد الجيش القاعد في بلاد الإسلام فإنه لا يشارك الخارج إلى بلاد العدو ، بل قال ابن دقيق العيد : في الحديث دلالة على أن المنقطع من الجيش عن الجيش الذي فيه الإمام ينفرد بما يغنمه ، وإنما قالوا بمشاركة الجيش لهم إذا كانوا قريبا منهم يلحقهم عونه وغوثه لو احتاجوا ، وهذا القيد في مذهب مالك التنفيل ومعناه تخصيص من له أثر في الحرب بشيء من المال ، وكره مالك أن يكون من أمير الجيش كأن يحرض على القتال ويعد بأن ينفل الربع إلى الثلث قبل القسم لأن القتال حينئذ يكون للدنيا فلا يجوز مثل هذا ، وخصه عمرو بن شعيب بالنبي - صلى الله عليه وسلم - دون من بعده ففيه رد على مدعي الإجماع على مشروعيته ، واختلف العلماء هل هو من أصل الغنيمة أو من خمس الخمس أو مما عدا الخمس ؟ قال الخطابي : والذي يقرب من حديث الباب أنه من الخمس لأنه أضاف الإثني عشر إلى سهمانهم فكأنه أشار إلى أنه ثبت لهم استحقاقه من الأخماس الأربعة الموزعة عليهم فيبقى النفل من الخمس .
ورواه البخاري عن عبد الله بن يوسف ومسلم عن يحيى وأبو داود عن القعنبي كلهم عن مالك به وتابعه جماعة عن نافع في الصحيحين وغيرهما .