( قال مالك : لا يحل نكاح أمة يهودية ولا نصرانية ; لأن الله تبارك وتعالى يقول في كتابه : والمحصنات ) الحرائر ( من المؤمنات والمحصنات ) الحرائر ( من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ) حل لكم أن تنكحوهن ( فهن الحرائر من اليهوديات والنصرانيات ) فالمراد بالكتاب التوراة والإنجيل لا المجوس ، وإن كان لهم شبهة كتاب ; إذ لا كتاب بأيديهم ، وكذا من تمسك بصحف شيث وإدريس وإبراهيم وزبور داود ; لأنها لم تنزل بنظم يدرس ويتلى وإنما أوحي إليهم معانيها ، أو أنها لم تتضمن أحكاما وشرائع بل كانت حكما ومواعظ . ( وقال الله تبارك وتعالى : ومن لم يستطع منكم طولا ) غنى ( أن ينكح المحصنات ) الحرائر ( المؤمنات ) أو الكتابيات ، بدليل : والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم فالوصف جرى على الغالب فلا مفهوم له فمن ما ملكت أيمانكم تنكح من فتياتكم المؤمنات فهن أي الفتيات ( الإماء المؤمنات ، فإنما أحل الله فيما نرى نكاح الإماء المؤمنات ) لمن لم يجد طولا ، وخاف العنت ( ولم يحلل ) بالفك ، وفي نسخة : يحل ، بالإدغام ( نكاح إماء أهل الكتاب اليهودية والنصرانية ) وهذا الاستدلال في غاية الجودة والظهور ، وكذا يحرم نكاح نساء سائر الكفار الحرائر غير اليهود والنصارى كعبدة شمس وقمر وصور ونجوم ومعطلة وزنادقة وباطنية ، وفرق بين الكتابية وغيرها بأن غيرها اجتمع فيه نقص الكفر في الحال وفساد الدين في الأصل ، والكتابية فيها نقص واحد وهو كفرها في الحال . ( والأمة اليهودية والنصرانية تحل لسيدها بملك اليمين ) لعموم قوله تعالى : ( أو ما ملكت أيمانكم ) ( النساء : الآية 3 ) [ ص: 229 ] ( ولا يحل وطء أمة مجوسية بملك اليمين ) للقاعدة أن كل من جاز وطء حرائرهم بالنكاح جاز وطء إمائهم بالملك ، وكل من منع وطء حرائرهم بالنكاح منع وطء إمائهم بالملك .