هي طعام النكاح ، وقيل طعام الإملاك خاصة ، قاله عياض ، مشتقة من الولم وهو الجمع لأن الزوجين يجتمعان .
1157 1137 - ( مالك ، عن حميد الطويل ) الخزاعي البصري ( عن أنس بن مالك : أن عبد الرحمن بن عوف ) قال ابن عبد البر : هو من مسند أنس عند جميع رواة الموطأ ، ورواه روح بن عبادة عن مالك عن حميد عن أنس عن عبد الرحمن أنه جاء فجعله من مسند عبد الرحمن ( جاء إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبه أثر صفرة ) تعلقت بجلده أو ثوبه من طيب العروس هذا أولى ما فسر به . وفي حديث : وبه درع من زعفران أي أثره ، وليس بداخل في النهي عن تزعفر الرجل ; لأنه فيما قصد به التشبه بالنساء ، وقيل يرخص فيه للعروس ، وفيه أثر ذكره أبو عبيد : أنهم كانوا يرخصون فيه للشاب أيام عرسه ، وقيل : لعله - صلى الله عليه وسلم - لم ينكر عليه لأنه يسير ، وقيل : كان من ينكح أول الإسلام يلبس ثوبا مصبوغا بصفرة علامة للسرور ، وهذا غير معروف ، على أن بعضهم جعله أولى ما قيل ، ومذهب مالك وأصحابه جواز الثياب المزعفرة للرجال ، وحكاه مالك عن علماء المدينة ، وهو مذهب ابن عمر وغيره ، وحجتهم حديث ابن عمر : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10353574كان - صلى الله عليه وسلم - يصبغ بالصفرة " . وحكى ابن شعبان كراهة ذلك في اللحية ، وكرهه الشافعي وأبو حنيفة في الثياب واللحية ، قاله عياض . وقال الباجي : روى الداودي nindex.php?page=hadith&LINKID=10353575أن عمر بن الخطاب كان يصبغ لحيته بالصفرة حتى تمتلئ ثيابه من الصفرة ، وقال : " إني رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصبغ بها ولم يكن شيء أحب إليه منها ، وأنه كان يصبغ بها ثيابه كلها حتى العمامة " . قال الباجي : وهذا في الزعفران ، وأما بغيره مما ليس بطيب ولا ينفض على الجسد فلا خلاف في جوازه . ( فسأله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ) فقال : ما هذا ؟ وفي رواية : فقال مهيم ؟ أي : ما هذا ؟ وكلاهما في الصحيح . قال عياض : فيه افتقاد الكبير أصحابه وسؤاله عما يختلف عليه من حالهم ، وليس من كثرة السؤال المنهي عنه ، قال الأبي : هذا بناء على أنه ليس سؤال إنكار . وقال الطيبي : يحتمل أنه إنكار لأنه كان نهى عن التضمخ بالطيب ، فأجابه بأنه لم يتضمخ به وإنما تعلق به من العروس .
( فأخبر أنه تزوج ) زاد في رواية : امرأة من الأنصار ، [ ص: 242 ] قال الحافظ : ولم تسم ، إلا أن الزبير بن بكار جزم بأنها ابنة أبي الحيسر ، بفتح المهملتين بينهما تحتية ساكنة آخره راء ، واسمه أنس بن رافع الأنصاري ، وأنها ولدت له القاسم وأبا عثمان عبد الله ( فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : كم سقت إليها ؟ ) مهرا ، وفي رواية : كم أصدقتها ؟ . وفيه أنه لا بد في النكاح من المهر ، وقد يشعر ظاهره احتياجه إلى تقدير لأن " كم " موضوعة له ، ففيه حجة للمالكية والحنفية في أن أقل الصداق مقدر . ( فقال ) سقت إليها ( زنة نواة من ذهب ) قال ابن وهب والخطابي والأكثر : هي خمسة دراهم من ذهب ، فالنواة اسم لمقدار معروف عندهم ، وقال أحمد بن حنبل : النواة ثلاثة دراهم وثلث ، وقيل : المراد نواة التمر أي وزنها من ذهب ، والأول أظهر وأصح .
وقال بعض أصحاب مالك : النواة بالمدينة ربع دينار ، وظاهر كلام أبي عبيد أنه دفع خمسة دراهم ولم يكن ثم ذهب إنما هي خمسة دراهم تسمى نواة كما تسمى الأربعون أوقية ، قاله عياض . قال الزواوي : لكن قوله " من ذهب " يبعد أن تكون خمسة دراهم فضة إلا أن يكون التقدير صرف زنة نواة من ذهب ، ويكون زنتها حينئذ من الذهب صرفها خمسة دراهم . وذلك غير بعيد فإن الصرف كان في زمانهم عشرة دراهم بدينار ، ولا يبعد أن يكون من النوى ما زنته نصف مثقال ، ويكون ذلك هو المصطلح على الوزن به عندهم اهـ . لكن ضعف ابن دقيق العيد والطيبي القول بأنه نوى التمر بأن زنتها لا تضبط ولا يعتد بها ، قال عياض : قيل زنة نواة من ذهب ثلاثة دراهم وربع ، وأراد قائله أن يحتج به على أنه أقل الصداق ، ولا يصح لقوله " من ذهب " وذلك أكثر من دينارين ، وهذا لم يقله أحد وهو غفلة من قائله ، بل فيه حجة لمن يقول : لا يكون أقل من عشرة دراهم ، ووهم الداودي رواية " من ذهب " وقال : الصحيح نواة ، ولا وهم فيه على كل تفسير ، لأنها إن كانت نواة تمر كما قال أو قدرا معلوما عندهم صلح أن يقال : فيه وزن كذا ، وما ذكره من ثلاثة دراهم وربع ووهمه ذكره أبو عمر عن بعض أصحاب مالك ، ووهمه أيضا بأنه لا خلاف أن المثقال درهمان عددا ودرهم الفضة كيلا ، درهم وخمسان ووزن ثلاثة دراهم وربع من ذهب أكثر من مثقالين من الذهب .
قال الزواوي : وهذا الذي ذكراه يصح الانفصال عنه بأن معناه صرفها ثلاثة دراهم وربع كما قلنا في تقدير نواة ، ولا بعد في هذا للمتأمل مع ما فيه من نفي الوهم عن إمام من أصحاب مالك ، قال : ويصح حمل الحديث على ظاهره بأنه أصدقها ذهبا زنته نواة ، والنواة وزن معروف هو خمسة دراهم فضة ، وذلك ثمن أوقية لأنها أربعون درهما ، ولا مانع من ذلك مع أنه ظاهر الحديث ، ولا يحتاج إلى ذكر الصرف ولا التأويل اهـ . وهو حسن . وقال الطيبي وابن دقيق العيد : في المعنى قولان أحدهما : أن الصداق ذهب وزنه خمسة دراهم فيكون ثلاثة مثاقيل ونصف . والثاني : أنه دراهم خمسة بوزن نواة من ذهب . قال الطيبي : وهذا بعيد من اللفظ . قال ابن دقيق العيد : وعلى الأول [ ص: 243 ] يتعلق قوله من ذهب بلفظ زنة ، وعلى الثاني بنواة . قال ابن فرحون : أما تعلقه بزنة فلأنه مصدر وزن ، وأما تعلقه بنواة فيصح أنه من تعلق الصفة بالموصوف ، أي نواة كائنة من ذهب ، ويكون المراد ما عدلها دراهم أو يكون هو الموزون بها . ( فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ) زاد في رواية للصحيح : فبارك الله لك ( أولم ) أمر ندب على المشهور عن مالك والشافعي ، وقيل للوجوب لحديث : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10353576من لم يجب الدعوة فقد عصى الله ورسوله " . قال المازري : ولا حجة فيه ; لأن العصيان في ترك الإجابة لا في ترك الوليمة ، ولا بعد في أن الدعوة لا تجب والإجابة واجبة كالسلام لا يجب الابتداء به ورده واجب . وأجاب بعض أصحابنا البغداديين بأن العصيان مخالفة الأمر والمندوب مأمور به اهـ . والأول الصواب لاقتضاء الثاني أنه لا يأثم بالترك ، وإن أطلق عليه اسم العصيان مع أنه إثم ( ولو بشاة ) لو تقليلية لا امتناعية ، قال عياض : فيه التوسعة فيها للواجد بذبح وغيره ، وأن الشاة لأهل الجدة أقل ما يكون لا التحديد ، وأنه لا يجزي أقل منها لمن لم يجدها بل على طريق الحض والإرشاد ، ولا خلاف أنه لا حد لها وهي بقدر حال الرجل ، وأخذ بعضهم من الحديث أنها بعد الدخول ، وقال بعضهم : لا دليل فيه والأول أظهر ، وقاله مالك وغيره ، ووجهه شهرة الدخول لما يتعلق به من الحقوق ، وللفرق بين النكاح والسفاح ، وعن مالك جوازها قبل الدخول ، وعن ابن حبيب استحبابها ثم العقد وعند البناء ، واستحبها بعض شيوخنا قبل البناء ليكون الدخول بها ، واختلف السلف في تكرارها أكثر من يومين بالإجازة والكراهة ، واستحب أصحابنا لأهل السعة أسبوعا ، قال بعضهم : وذلك إذا دعا في كل يوم من لم يدع قبله ، وكرهوا فيها المباهاة والسمعة اهـ .
وقال الباجي : أمر - صلى الله عليه وسلم - بالوليمة لما فيها من إشهار النكاح مع ما يقترن بها من مكارم الأخلاق . قال ابن مزين عن مالك : استحب الإطعام في الوليمة وكثرة الشهود ليشتهر النكاح وتثبت معرفته . وروى أشهب عن مالك : لا بأس أن يولم بعد البناء ، قيل : فمن أخر إلى السابع ؟ قال : فليجب وليس كالوليمة . ابن حبيب : " كان - صلى الله عليه وسلم - يستحب الإطعام على النكاح عند عقده " . ولفظ " عند " يحتمل قبله وبعده وكيفما كان ، فليس فيه منع ، لكن تقديم إشهاره قبل " أفضل " كالإشهاد ، ويحتمل أن مالكا قال بعده لمن فاته قبل ، أو لعله اختاره لأن فيه معنى الرضا بما اطلع عليه الزوج من حال الزوجة ، والمباح من الوليمة ما جرت به العادة من غير سرف ولا سمعة ، والمختار منها يوم واحد ، قال ابن حبيب : وأبيح أكثر منه ، وروي أن اليوم الثاني فضل والثالث سمعة ، وأجاب الحسن في الأول والثاني ولم يجب في الثالث ، وروي عن ابن المسيب مثله . وأولم ابن سيرين ثمانية أيام ، قال ابن حبيب : من وسع الله عليه فليولم من يوم بنائه إلى مثله ، يريد إذا قصد إشهار النكاح والتوسعة على الناس لا السمعة والمباهاة . وهذا الحديث رواه البخاري عن عبد الله [ ص: 244 ] بن يوسف عن مالك به ، وتابعه سفيان بن عيينة عند البخاري ، وشعبة عند مسلم ، كلاهما عن حميد نحوه ، وله طرق في الصحيحين وغيرهما ، وفيه قصة .