بسم الله الرحمن الرحيم كتاب الطلاق باب ما جاء في البتة
حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن رجلا قال nindex.php?page=showalam&ids=11لعبد الله بن عباس إني طلقت امرأتي مائة تطليقة فماذا ترى علي فقال له ابن عباس طلقت منك لثلاث وسبع وتسعون اتخذت بها آيات الله هزوا
[ ص: 252 ] بسم الله الرحمن الرحيم
29 - كتاب الطلاق
قدمها على الترجمة ليكون البدء بها حقيقيا ، وفي كثير من التراجم يقدم عليها الترجمة لأنه يجعلها كالعنوان ، والابتداء إنما هو فيما بعدها ، فناسب وصله بالبسملة ذلك من التفنن اللطيف . هو لغة : رفع القيد الحسي ، وهو حل الوثاق ، يقال : أطلق الفرس والأسير . وشرعا : رفع القيد الثابت بالنكاح ، فخرج به العتق لأنه قيد ثابت شرعا لكن لم يثبت بالنكاح ، وفي مشروعية النكاح مصالح للعباد دينية ودنيوية ، وفي الطلاق إكمال لها ; إذ قد لا يوافقه النكاح فيطلب الخلاص منه عند تباين الأخلاق وعروض البغضاء الموجبة لعدم إقامة حدود الله ، فشرعه رحمة منه سبحانه ، وفي جعله عددا حكمة لطيفة ; لأن النفس كذوبة ربما تظهر عدم الحاجة إلى المرأة والحاجة إلى تركها ، فإذا وقع حصل الندم وضاق الصدر وعيل الصبر ، فشرعه تعالى ثلاثا ليجرب نفسه في المرة الأولى فإذا كان الواقع صدقها استمر حتى تنقضي العدة وإلا أمكنه التدارك بالرجعة ، ثم إذا عادت النفس لمثل الأول وغلبته حتى عاد إلى طلاقها نظر أيضا فيما يحدث له فما يوقع الثالثة إلا وقد جرب وقعه في حال نفسه ، ثم حرمها عليه بعد انتهاء العدد قبل أن تنكح آخر ليثاب بما فيه غيظه وهو الزوج الثاني على ما عليه من جبلة الفحولية بحكمته ولطفه تعالى بعباده .
1170 1148 1 - باب ما جاء في البتة
بفتح الموحدة والفوقية الشديدة ، أي من قيل لها أنت البتة ، ويطلق أيضا على من انبتت بالثلاث ، ولذا ذكر حديث ابن عباس وابن مسعود وليس فيهما لفظ البتة .
- ( مالك أنه بلغه ) مما رواه عبد الرزاق وأبو بكر بن أبي شيبة عن سعيد بن جبير [ ص: 253 ] وغيره ( أن رجلا قال لعبد الله بن عباس : إني طلقت امرأتي مائة تطليقة ) في مرة ( فماذا ترى علي ؟ فقال له ابن عباس : طلقت منك بثلاث ) من المائة ( وسبع وتسعون اتخذت بها آيات الله هزوا ) مهزوءا بها بمخالفاتها ; لأن الله إنما جعل الطلاق ثلاثا . وفي أبي داود بإسناد صحيح عن مجاهد قال : " كنت عند ابن عباس فجاءه رجل فقال له إنه طلق امرأته ثلاثا فسكت حتى ظننت أنه رادها إليه ثم قال : ينطلق أحدكم فيركب الأحموقة ثم يقول : يا ابن عباس إن الله قال : ( ومن يتق الله يجعل له مخرجا ) ( سورة الطلاق : الآية 2 ) وأنت لم تتق الله فلم أجد لك مخرجا ، عصيت ربك وبانت منك امرأتك " . وجاء من طرق كثيرة عن ابن عباس أنه أفتى بلزوم الثلاث لمن أوقعها مجتمعة . وما رواه أحمد وأبو يعلى من طريق ابن إسحاق عن داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس قال : " nindex.php?page=hadith&LINKID=2003920طلق ركانة بن عبد يزيد امرأته ثلاثا في مجلس واحد ، فحزن حزنا شديدا ، فسأله النبي - صلى الله عليه وسلم - كيف طلقتها ؟ قال : ثلاثا في مجلس واحد ، فقال : إنما تلك واحدة فارتجعها إن شئت فارتجعها " . فأجيب بأن أبا إسحاق وشيخه مختلف فيهما ، وقد عورض بفتوى ابن عباس بوقوع الثلاث ، فلو كان عنده هذا الحديث لم يخالفه ، وعلى فرض صحته عنه فلم يخالفه إلا لظهور علة تقتضي عدم العمل به كنسخ أو تخصيص لركانة كما قيل بذلك ; لأن له أن يخص من شاء بما شاء ، والجمهور على وقوع الثلاث ، بل حكى ابن عبد البر الإجماع قائلا : إن خلافه شاذ لا يلتفت إليه .