وقال الجوهري استحيضت المرأة أي استمر بها الدم بعد أيامها فهي مستحاضة
وقال الأزهري والهروي وغيرهما : الحيض جريان دم المرأة في أوقات معلومة يرخيه قعر رحمها بعد بلوغها ، والاستحاضة جريانه في غير أوانه يسيل من عرق في أدنى الرحم دون قعره ، يقال استحيضت المرأة بالبناء للمفعول فهي مستحاضة ، وأصل الكلمة من الحيض والزوائد التي لحقتها للمبالغة كما يقال : قر في المكان ثم يزاد للمبالغة فيقال : استقر ، وأعشب ، ثم يزاد للمبالغة فيقال اعشوشب .
137 134 - ( مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة زوج النبي أنها قالت : قالت فاطمة بنت أبي حبيش : ) بضم الحاء المهملة وفتح الموحدة وسكون التحتية ومعجمة واسمه قيس بن عبد المطلب بن أسد بن عبد العزى بن قصي القرشية الأسدية ، وهي غير nindex.php?page=showalam&ids=11129فاطمة بنت قيس القرشية الفهرية التي طلقت ثلاثا خلافا لظن بعضهم أنها هي والصواب أنها غيرها كما نبه عليه في الفتح
( يا رسول الله إني لا أطهر ) قال الباجي : أي لا ينقطع عني الدم ، وفي رواية أبي معاوية عن هشام إني امرأة أستحاض فلا أطهر .
قال الحافظ : ففيه بيان السبب ، وكان عندها أن طهارة الحائض لا تعرف إلا بانقطاع الدم فكنت بعدم الطهر عن إرساله ، وكانت قد علمت أن الحائض لا تصلي فظنت أن ذلك الحكم مقترن بجريان الدم من الفرج فأرادت تحقيق ذلك فقالت : ( أفأدع الصلاة ؟ ) أي أتركها والعطف على مقدر بعد الهمزة لأن لها صدر الكلام أي أيكون لي حكم الحائض فأترك الصلاة ، أو أن الاستفهام ليس للنفي بل للتقرير فزالت صدريتها ، لكن ينافي هذا أن التقريري حمل المخاطب على الاعتراف بأمر استقر عنده فيؤكد ، ويقتضي أيضا أن يكون عالما وهي هنا ليست عالمة بالحكم ، قال الكرماني : أو الهمزة مقحمة أو توسطها جائز بين المعطوفين إذا كان عطف جملة على جملة لعدم انسحاب حكم الأول على الثاني .
( فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ) زاد في رواية أبي معاوية : " لا أي لا تدعيها " ( إنما ذلك ) بكسر الكاف ( عرق ) بكسر العين يسمى بالعاذل بمهملة وذال معجمة مكسورة ( وليس بالحيضة ) بفتح الحاء كما نقله [ ص: 239 ] الخطابي عن أكثر المحدثين أو كلهم ، وإن كان قد اختار هو الكسر على إرادة الحالة لكن الفتح هنا أظهر أي الحيض ، وقال النووي : هو متعين أو قريب من المتعين لأنه - صلى الله عليه وسلم - أراد إثبات الاستحاضة ونفي الحيض .
قال وأما ما يقع في كتب الفقه إنما ذلك عرق انقطع وانفجر فهي زيادة لا تعرف في الحديث وإن كان لها معنى .
( فإذا أقبلت الحيضة ) قال النووي : يجوز هنا الكسر والفتح جوازا حسنا ، قال الحافظ : والذي في روايتنا بفتح الحاء في الموضعين .
( فاتركي الصلاة ) تضمن نهي الحائض عن الصلاة وهو للتحريم ويقتضي فساد الصلاة بالإجماع وكان بعض السلف يرى للحائض الغسل ويأمرها أن تتوضأ وقت الصلاة وتذكر الله مستقبلة القبلة قاله عقبة بن عامر ، وقال مكحول : كان ذلك من هدي نساء المسلمين ، وقال معمر : بلغني أن الحائض كانت تؤمر بذلك عند كل صلاة واستحسن ذلك عطاء . قال ابن عبد البر : وهذا أمر متروك ، قال أبو قلابة : سألنا عنه فلم نجد له أصلا وجماعة الفقهاء يكرهونه .
( فإذا ذهب قدرها ) أي قدر الحيضة على ما قدره الشرع أو على ما تراه المرأة باجتهادها أو على ما تقدم من عادتها في حيضتها احتمالات للباجي ، وفي رواية أبي معاوية وإذا أدبرت أي الحيضة ( فاغسلي عنك الدم وصلي ) أي بعد الاغتسال كما صرح به في رواية أبي أسامة عن هشام عند البخاري بلفظ : ثم اغتسلي وصلي ، ولم يذكر غسل الدم وهذا الاختلاف واقع بين أصحاب هشام منهم من ذكر غسل الدم ومنهم من ذكر الاغتسال دون غسل الدم وكلهم ثقات وأحاديثهم في الصحيحين ، فيحمل على أن كل فريق اختصر أحد الأمرين لوضوحه عنده ، وفيه اختلاف آخر وهو أن أبا معاوية زاد في آخره : ثم توضئي لكل صلاة ولم ينفرد بذلك ، فقد رواه النسائي من طريق حماد بن زيد عن هشام وادعى أن حمادا انفرد بهذه الزيادة وإليه أومى مسلم وليس كذلك فقد رواها الدارمي من طريق حماد بن سلمة ، والسراج من طريق يحيى بن سليم كلاهما عن هشام ، وفي الحديث دلالة على أن المرأة إذا ميزت دم الحيض من دم الاستحاضة تعتبر دم الحيض وتعمل على إقباله وإدباره ، فإذا انقضى قدره اغتسلت منه ثم صار حكم دم الاستحاضة حكم الحدث فتتوضأ لكل صلاة لكنها لا تصلي بذلك الوضوء أكثر من فريضة واحدة مؤداة أو مقضية لظاهر قوله : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10351219ثم توضئي لكل صلاة " ، وبهذا قال الجمهور .
وعند الحنفية أن الوضوء متعلق بوقت الصلاة فلها أن تصلي به الفريضة الحاضرة وما شاءت من الفوائت ما لم يخرج وقت الحاضرة وعلى قولهم المراد بقوله : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10351220توضئي لكل صلاة " أي لوقت كل صلاة ففيه مجاز الحذف ويحتاج إلى دليل ، وعند المالكية : يستحب لها الوضوء لكل صلاة ولا يجب إلا بحدث آخر .
وقال أحمد وإسحاق : إن اغتسلت لكل صلاة فهو أحوط ذكره في الفتح .
وقال ابن عبد البر : ليس في حديث مالك هذا ذكر [ ص: 240 ] الوضوء لكل صلاة على المستحاضة وذكر في حديث غيره ، فلذا كان مالك يستحبه لها ولا يوجبه كما لا يوجبه على صاحب التسلسل .
وأخرجه البخاري عن عبد الله بن يوسف ، وأبو داود عن القعنبي ، والترمذي ، والنسائي عن قتيبة ، الثلاثة عن مالك به ، وله في الصحيحين وغيرهما طرق عن هشام .