1393 1374 - ( مالك عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر أن رجلا ) هو حبان بن منقذ كما رواه ابن الجارود والحاكم وغيرهما وصدر به عياض وجزم به النووي في شرح مسلم وهو بفتح المهملة والموحدة الثقيلة ، ومنقذ بذال معجمة قبلها قاف مكسورة الأنصاري ، وقيل : هو أبو منقذ بن عمرو كما في ابن ماجه وتاريخ البخاري ، قال ابن عبد البر : وهو أصح ، وتبعه النووي في مبهماته ( nindex.php?page=hadith&LINKID=10353807ذكر لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه يخدع ) بضم التحتية وسكون المعجمة وفتح المهملة أي يراد به المكروه ( في البيوع ) من حيث لا يعلم ، ويبدى له غير ما يكتم ، قال عياض : وفي الحديث أنه الذي ذكر ذلك لأنه لم يفقد التمييز والنظر لنفسه بالكلية فلعل ذلك كان يعتريه أحيانا ويتبين ذلك اهـ .
وعند الشافعي وأحمد وابن خزيمة والدارقطني أن حبان بن منقذ كان ضريرا ، وكان قد شج في رأسه مأمومة وقد ثقل لسانه .
وعند الدارقطني وابن عبد البر من طريق محمد بن إسحاق قال : حدثني محمد بن يحيى بن حبان ، عن عمه واسع بن حبان أن جده منقذ بن عمرو كان قد أتى عليه سبعون ومائة سنة فكان إذا بايع غبن فذكر ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : الحديث .
وأخرج ابن عبد البر من طريق ابن إسحاق عن نافع عن ابن عمر أن منقذا سفع في رأسه مأمومة في الجاهلية فخبلت لسانه فكان يخدع في البيع .
( فقال ) له ( nindex.php?page=hadith&LINKID=10353808رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إذا بايعت فقل : لا خلابة ) بكسر [ ص: 510 ] الخاء المعجمة وخفة اللام وموحدة ، أي : لا خديعة في الدين ، لأن الدين النصيحة ، فلا لنفي الجنس ، وخبر لا خلابة محذوف ، قال التوربشتي : لقنه النبي - صلى الله عليه وسلم - هذا القول ليلفظ به عند البيع ليطلع به صاحبه ، على أنه ليس من ذوي البصائر في معرفة السلع ومقادير القيمة فيها ليرى له كما يرى لنفسه ، وكان الناس في ذلك الزمان إخوانا لا يغبنون أخاهم المسلم ، وينظرون له أكثر ما ينظرون لأنفسهم اهـ .
زاد في رواية ابن عبد البر من طريق نافع : ثم أنت بالخيار ثلاثا من بيعك ، قال في الإكمال : جعله له عهدة الثلاث لأن أكثر مبايعته كانت في الرقيق ليتبصر ويثبت عيبه ، وروي أنه جعل له مع ذلك خيار ثلاثة أيام فيما اشتراه .
( فكان الرجل إذا بايع يقول لا خلابة ) أي معناه الذي يقدر عليه من النطق .
ففي مسلم من طريق إسماعيل بن جعفر عن ابن دينار يقول : لا خيابة ، قال عياض : بالتحتية ؛ لأنه كان ألثغ يخرج اللام من غير مخرجها ، ولبعضهم : لا خنابة بالنون وهو تصحيف ، وفي بعض روايات مسلم : لا خذابة بالذال المعجمة اهـ .
وفي رواية أبي عمر من طريق نافع قال ابن عمر : فسمعته يقول إذا باع لا خذابة لا خذابة .
وقد استدل أحمد والبغداديون من المالكية على القيام بالغبن غير المعتاد وحدوه بالثلث لا أقل ، لأنه غبن يسير انتصب له التجار فهو كالمدخول عليه ، وأبى ذلك الجمهور والأئمة الثلاثة وقالوا : لا رد بالغبن لو خالف العادة وتجاذب الطريقان قوله تعالى : ( ولا تأكلوا أموالكم ) ( سورة البقرة : الآية 188 ) فقال : الأقل الغبن المخالف للعادة من ذلك .
وقال الجمهور : قد استثنى منه التجارة عن تراض ، وهذا عن تراض ، وكذلك تجاذبوا فهم الحديث ، فقال البغداديون وأحمد : فيه الخيار للمغبون ، وقال الجمهور : هي واقعة عين وحكاية حال لا يصح دعوى العموم فيها على أنه لم يجعل الخيار إلا بشرط ، فالحديث حجة لعدم القيام بالغبن إذ لو كان ثابتا لم يأمره بالشرط بأن يقول لا [ ص: 511 ] خلابة ، فلو قيلت هذه اللفظة اليوم في العقد ثم ظهر الغبن فقال الأكثر : لا يوجب قولها قياما بالغبن ، ثم اختلفوا فقال بعضهم : لأنها كانت خاصة بذلك الرجل وله - صلى الله عليه وسلم - أن يخص من شاء بما شاء وقيل : إنما أمره أن يشترط ، ويصدره بهذه الكلمة حضا لمن عامله على النصيحة والتحرز من الخلابة فقد روي أنه قال له : nindex.php?page=hadith&LINKID=10353811قل لا خلابة واشترط الخيار ثلاثة أيام ، وليعلم صاحبه أنه ليس من ذوي البصيرة في البيع فينظر له كما ينظر لنفسه ، وقال أحمد : توجب القيام بالغبن لقائلها إذ كأنه شرط أن لا يزيد الثمن عن ثمن المثل ، ولا أن تنقص السلعة عنه ، وإن قالها البائع صار بمنزلة من شرط وصفا في المبيع فبان خلافه .