جمع شهادة ، وهي مصدر شهد يشهد ، قال الجوهري : الشهادة خبر قاطع ، والمشاهدة المعاينة ، مأخوذة من الشهود ، أي الحضور ; لأن الشاهد مشاهد لما غاب عن غيره ، وقيل مأخوذة من الإعلام .
[ ص: 8 ] 1426 1393 - ( مالك ، عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو ) بفتح العين ( ابن حزم ) بمهملة وزاي ساكنة ، الأنصاري ( عن أبيه ) أبي بكر ، اسمه وكنيته واحد ، وقيل كنيته أبو محمد ، ثقة عابد ( عن عبد الله بن عمرو ) بفتح العين ( ابن عثمان ) الأموي ، يلقب المطراف ، بسكون الطاء المهملة وفتح الراء ، ثقة ، شريف ، تابعي ، مات سنة ست وتسعين . ( عن أبي عمرة الأنصاري ) قال أبو عمر : هكذا رواه يحيى وابن القاسم وأبو مصعب ومصعب الزبيري ، وقال القعنبي ومعن بن عيسى ويحيى بن بكير عن ابن أبي عمرة ، وكذا قال ابن وهب وعبد الرزاق عن مالك وسمياه فقالا : عن عبد الرحمن بن أبي عمرة ، فرفعا الإشكال ، وهو الصواب ، وعبد الرحمن هذا من خيار التابعين . اهـ . وما صوبه رواية الأكثر عن مالك كما في الإصابة ، وليس اسم أبي عمرة عبد الرحمن كما زعم بعض ، إنما هو اسم ابنه ، وأما أبوه فقيل اسمه بشر وقيل بشير وقيل عمرو وقيل ثعلبة ، صحابي شهد بدرا وغيرها ، كما بسطه في الإصابة . فعلى رواية الأكثر يكون في الإسناد أربعة تابعيون ، وعلى رواية الأقل فإنما فيه ثلاثة تابعيون وصحابي عن صحابي وهما أبو عمرة ( عن زيد بن خالد الجهني ) بضم الجيم وفتح الهاء ، المدني الصحابي المشهور ، مات بالكوفة سنة ثمان وستين أو سبعين وله خمس وثمانون سنة ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ألا ) بفتح الهمزة وخفة اللام ، حرف افتتاح معناه التنبيه ، فيدل على تحقيق ما بعده وتوكيده ، قال الطيبي : صدر الجملة بالكلمة التي هي من طلائع القسم إيذانا بعظم المحدث به ( أخبركم بخير الشهداء ) جمع شهيد ، قالوا : أخبرنا ( الذي يأتي بشهادته قبل أن يسألها ) بالبناء للمجهول ( أو : يخبر بشهادته قبل أن يسألها ) شك الراوي ، أو ليس بشك وإنما هو تنويع ، أي يأتي الحاكم بشهادته قبل أن يسألها في محض حق الله المستدام تحريمه كطلاق وعتق ووقف ، أو يخبر بها رجلا لا يعلمها وهذا يومي إليه كلام الباجي . وقال ابن عبد البر : قال ابن وهب قال مالك : تفسير هذا الحديث أن الرجل يكون عنده شهادة في الحق لرجل لا يعلمها فيخبره بشهادته ويرفعها إلى السلطان . زاد يحيى بن سعيد : إذا علم أنه ينتفع بها الذي له الشهادة ، وهذا لأن الرجل ربما نسي شاهده فظل مغموما لا يدري من هو ، فإذا أخبره الشاهد بذلك فرج كربه .
وفي الحديث : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10353853من [ ص: 9 ] نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب الآخرة ، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه " . ولا يعارض هذا حديث : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10353854خير القرون قرني ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم ، ثم يجيء قوم يعطون الشهادة قبل أن يسألوها " . لأن النخعي قال : معنى الشهادة هنا اليمين ، أي يحلف قبل أن يستحلف ، واليمين قد تسمى شهادة ، قال تعالى : ( فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله ) ( سورة النور : الآية 6 ) . اهـ . وقال النووي : في معنى الحديث تأويلان أصحهما حمله على من عنده شهادة لإنسان بحق ولا يعلم ذلك الإنسان أنه شاهد فيأتي إليه فيخبره بأنه شاهد له وجوبا لأنها أمانة عنده . والثاني : حمله على شهادة الحسبة في غير حقوق الآدميين المختصة بهم ، فمن علم شيئا من هذا النوع وجب عليه رفعه إلى القاضي وإعلامه به والشهادة به والشهادة . وحكى ثالث أنه مجاز ومبالغة في أداء الشهادة بعد طلبها لا قبله كما يقال : الجواد يعطي قبل السؤال ، أي يعطي سريعا عقب السؤال بلا توقف . قال العلماء : وليس في هذا الحديث مناقضة للحديث الآخر في ذم من يأتي بالشهادة قبل أن يستشهد في قوله صلى الله عليه وسلم : " يشهدون ولا يستشهدون " . لحمله على من معه شهادة لآدمي عالم بها فيشهد ولا يستشهد ، أو على من ينتصب شاهدا وليس من أهل الشهادة ، أو على من يشهد لقوم بالجنة أو النار من غير توقيف ، وهذا ضعيف والأصح الأول . اهـ . ووجه ضعفه أن الذم ورد في الشهادة بدون استشهاد ، والشهادة على المغيب مذمومة هبها باستشهاد أو دونه . والحديث رواه مسلم عن يحيى عن مالك به ، وأبو داود والترمذي والنسائي من طريق مالك به .