قال يحيى سمعت مالكا يقول الأمر المجتمع عليه عندنا في الرجل يهلك وله بنون فيقول أحدهم قد أقر أبي أن فلانا ابنه إن ذلك النسب لا يثبت بشهادة إنسان واحد ولا يجوز إقرار الذي أقر إلا على نفسه في حصته من مال أبيه يعطى الذي شهد له قدر ما يصيبه من المال الذي بيده قال مالك وتفسير ذلك أن يهلك الرجل ويترك ابنين له ويترك ست مائة دينار فيأخذ كل واحد منهما ثلاث مائة دينار ثم يشهد أحدهما أن أباه الهالك أقر أن فلانا ابنه فيكون على الذي شهد للذي استلحق مائة دينار وذلك نصف ميراث المستلحق لو لحق ولو أقر له الآخر أخذ المائة الأخرى فاستكمل حقه وثبت نسبه وهو أيضا بمنزلة المرأة تقر بالدين على أبيها أو على زوجها وينكر ذلك الورثة فعليها أن تدفع إلى الذي أقرت له بالدين قدر الذي يصيبها من ذلك الدين لو ثبت على الورثة كلهم إن كانت امرأة ورثت الثمن دفعت إلى الغريم ثمن دينه وإن كانت ابنة ورثت النصف دفعت إلى الغريم نصف دينه على حساب هذا يدفع إليه من أقر له من النساء قال مالك وإن شهد رجل على مثل ما شهدت به المرأة أن لفلان على أبيه دينا أحلف صاحب الدين مع شهادة شاهده وأعطي الغريم حقه كله وليس هذا بمنزلة المرأة لأن الرجل تجوز شهادته ويكون على صاحب الدين مع شهادة شاهده أن يحلف ويأخذ حقه كله فإن لم يحلف أخذ من ميراث الذي أقر له قدر ما يصيبه من ذلك الدين لأنه أقر بحقه وأنكر الورثة وجاز عليه إقراره
- ( مالك : الأمر عندنا في الرجل يهلك ) بكسر اللام ، يموت ( وله بنون ، فيقول أحدهم : قد أقر ) اعترف ( أبي أن فلانا ابنه ، إن ذلك النسب لا يثبت بشهادة إنسان واحد ) بل بشهادة اثنين فأكثر . ( ولا يجوز إقرار الذي أقر إلا على نفسه في حصته من مال أبيه يعطى الذي [ ص: 58 ] شهد ) أي أقر له بالأخوة ( قدر ما يصيبه من المال الذي بيده . وتفسير ذلك ) أي بيانه وإيضاحه بالمثال ( أن يهلك الرجل ويترك ابنين له ويترك ستمائة دينار فيأخذ كل واحد منهما ثلاثمائة دينار ثم يشهد ) يقر ( أحدهما بأن أباه الهالك أقر أن فلانا ابنه ، فيكون على الذي شهد ) أي أقر ( للذي استلحق ) بالبناء للفاعل أو للمفعول ، أي المقر به ( مائة دينار وذلك نصف ميراث المستلحق ) بفتح الحاء ( لو لحق ) وفي إطلاق الاستلحاق عليه تجوز عن المقر به ; لأن الاستلحاق مخصوص بالأب . ( ولو أقر له الآخر أخذ المائة الأخرى فاستكمل حقه وثبت نسبه ) إذا كان الآخران من أهل العدل ، ووافقه على هذا ابن حنبل ، وقال ابن كنانة والكوفيون : يلزمه أن يعطيه نصف ما بيده لأنه أقر أنه شريكه فلا يستأثر عليه بشيء . وقال الليث والشافعي : لا يلزمه شيء لأنه أقر له بما لا يستحقه إلا من جهة النسب ، وهو لا يثبت بواحد إذا كان ثم من الورثة من يدفعه فإن شاء أن يعطيه أعطاه .
( وهو أيضا بمنزلة المرأة تقر بالدين على أبيها أو على زوجها وينكر ذلك الورثة ، فعليها أن تدفع إلى الذي أقرت له بالدين قدر الذي يصيبها من ذلك الدين لو ثبت على الورثة كلهم إن كانت ) المقرة ( امرأة ورثت الثمن دفعت إلى الغريم ثمن دينه ، وإن كانت ابنة ورثت النصف دفعت إلى الغريم نصف دينه ، على حساب هذا يدفع إليه من أقر من النساء ) وعلى هذا أصحابه بالحجاز ومصر والعراق . وحكى ابن حبيب أن أصحابه كلهم يرونه وهما منه ; لأنه لا ميراث إلا بعد قضاء الدين . قال أبو عمر : بل أصحابه كلهم على ما قال ، وأنكر المتأخرون قول ابن حبيب ، وبقول مالك قال أحمد . ووجهه أن إقرار المقر بمنزلة البينة ولو شهدت البينة بالدين [ ص: 59 ] لم يلزم المشهود عليه إلا مقدار حصته من الميراث وكذلك في الوصية ، وأيضا فقد أجمعوا أنه لو شهد رجلان عدلان من الورثة بالدين قبلت شهادتهما ، وكان على كل وارث قدر إرثه . وقال الكوفيون : لو كانا غير عدلين لزمهما الدين كله في حصتهما ولم يلزم سائر الورثة شيء ، فكيف تقبلون شهادة جر بها إلى نفسه أو دفع عنها ؟ ( فإن شهد رجل ) من الورثة وهو عدل ( على مثل ما شهدت به المرأة أن لفلان على أبيه دينا ، أحلف صاحب الدين مع شهادة شاهده وأعطي الغريم حقه كله ، وليس هذا بمنزلة المرأة ; لأن الرجل تجوز شهادته ويكون على صاحب الدين مع شهادة شاهده أن يحلف ويأخذ حقه كله ، فإن لم يحلف أخذ من ميراث الذي أقر له قدر ما يصيبه من ذلك الدين لأنه أقر بحقه وأنكر ) باقي ( الورثة وجاز عليه إقراره ) لا عليهم ، وكذا لو كان غير عدل ، وله أن يحلف من الورثة من يدعي عليه علم ذلك ، وقال ابن الماجشون وطائفة من الكوفيين وغيرهم : يلزم المقر بالدين أداؤه كله من حصته ; لأنه لا يحل له الإرث وعلى أبيه دين ، وجعلوا الجاحد كالغاصب لبعض مال الميت ، وقد أجمعوا على أداء الدين بما بقي بعد الغصب والسرقة .