1788 1742 - ( مالك عن زيد بن أسلم ) مرسل باتفاق الرواة : ( أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : يسلم ) ، أي ليسلم ( الراكب على الماشي ) ، أي يبدؤه بالسلام لئلا يتكبر بركوبه ، فيرجع إلى التواضع ، قاله ابن بطال .
وقال المازري : لأن للراكب مزية على الماشي فعوض أن يبدأه الراكب احتفاظا عليه من الزهو .
وقال الطيبي : لأن وضع السلام إنما هو لحكمة إزالة الخوف من الملتقيين ، إذا التقيا أو من أحدهما ، أو لمعنى التواضع المناسب لحال المؤمن ، أو للتعظيم ; لأن السلام إنما يقصد به أحد أمرين : إما اكتساب ود ، أو استدفاع مكروه ، وهذا موصول في الصحيحين من طريق عن أبي هريرة ، مرفوعا بزيادة : " والماشي على القاعد والقليل على الكثير ، والصغير على الكبير " .
( وإذا سلم من القوم ) الراكبين ، أو الماشين ، أو القليلين ، أو الصغار ( واحد ) منهم ( أجزأ عنهم ) في تحصيل السنة فهو أصل للإجماع ، على أن الابتداء بالسلام سنة كفاية إذا سلم واحد ، كفى .
قال ابن عبد البر : المراد بالسلام هنا الرد ; لأن الراد مسلم أيضا ; لأنه إنما يقال : أجزأ فيما واجب ، والابتداء بالسلام سنة ، والرد واجب اتفاقا فيهما ، فبطل تأويل الطحاوي الحديث على أن معناه ابتدأ السلام نصرة لمذهبه أن رده فرض عين .
ومذهب مالك ، والشافعي وأصحابهما ، وأهل المدينة أن الرد فرض كفاية ، وشبهه الشافعي بصلاة الجماعة ، والتفقه في الدين ، والجهاد ، وتجهيز الميت ، ومعنى إجزائه في الابتداء في تحصيل السنة للإجماع ، على أن الابتداء به سنة ، انتهى ، ملخصا .
والمتبادر من حديث زيد بن أسلم ما فهمه الطحاوي ، لكن [ ص: 568 ] يحمل قوله : أجزأ ، أي في السنة ، كما اعترف به أبو عمر آخرا ، ولكن لا دليل فيه أن الرد فرض عين .
وقد جاء في حديث علي أنه فرض كفاية ، فوجب المصير إليه ، والله أعلم .