اختلف فيه في سبعة أشياء : في وجوبه وعدده واشتراط النية فيه واختصاصه بقراءة واشتراط شفع قبله وفي آخر وقته وصلاته في السفر على الدابة ، قاله ابن التين .
زاد غيره : وفي قضائه والقنوت فيه وفي محل القنوت منه وفيما يقال فيه وفي فصله ووصله وهل يسن ركعتان بعده وفي صلاته عن قعود ، لكن هذا الأخير ينبني على كونه مندوبا أم لا ، واختلف في أول وقته أيضا ، وفي أنه أفضل صلاة التطوع أو الرواتب أفضل منه أو خصوص ركعتي الفجر .
ولمحمد بن نصر في كتاب أحكام الوتر وهو كتاب نفيس في مجلد من رواية عطية عن ابن عمر : أن أعرابيا سأل ، فيحتمل أن يجمع بتعدد من سأل ( رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن صلاة الليل ) وللبخاري من رواية أيوب عن نافع عن ابن عمر nindex.php?page=hadith&LINKID=10351818أن رجلا جاء للنبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يخطب فقال : كيف صلاة الليل ؟ ( فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة الليل مثنى مثنى ) أي اثنين اثنين لا ينصرف لتكرار العدل فيه قاله الكشاف ، وقال آخرون : للعدل والوصف وإعادة مثنى مبالغة في التأكيد ، ولمسلم عن عقبة بن الحارث قلت لابن عمر : ما مثنى مثنى ؟ قال : يسلم من كل ركعتين ، وفيه رد على من زعم من الحنفية أن معنى مثنى يتشهد بين كل ركعتين لأن راوي الحديث أعلم بالمراد ، وتفسيره هو المتبادر إلى الفهم لأنه لا يقال في الرباعية مثلا أنها مثنى ، وتبين من الجواب أن السؤال عن عددها أو عن الفصل والوصل ، ولمحمد بن نصر عن أيوب عن نافع عن ابن عمر nindex.php?page=hadith&LINKID=10351819قال رجل : يا رسول الله كيف تأمرنا أن نصلي من الليل ؟ وقول ابن بزيزة : جوابه بقوله مثنى يدل على أنه فهم أن السائل طلب كيفية العدد لا مطلق الكيفية فيه نظر ، وأولى ما فسر به الحديث من الحديث وفيه تعين الفصل بين كل ركعتين من صلاة الليل ، قال ابن دقيق العيد : وهو ظاهر لحصر المبتدأ في الخبر وحمله الجمهور على أنه لبيان الأفضل لما صح من فعله - صلى الله عليه وسلم - بخلافه ولم يتعين أيضا كونه كذلك بل يحتمل أنه للإرشاد إلى الأخف ، إذ السلام من كل ركعتين أخف على المصلي من أربع فما فوقها لما فيه من الراحة غالبا وقضاء ما يعرض من أمر مهم ، ولو كان الوصل لبيان الجواز فقط لم يواظب عليه - صلى الله عليه وسلم - ومن ادعى اختصاصه به فعليه البيان وقد صح عنه الفصل كما صح عنه الوصل ، فعند أبي داود ومحمد بن نصر بإسناد على شرط الشيخين عن عائشة : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10351820كان - صلى الله عليه وسلم - [ ص: 443 ] يصلي ما بين أن يفرغ من العشاء إلى الفجر إحدى عشرة ركعة يسلم من كل ركعتين " واحتج بمفهومه على أن الأفضل في صلاة النهار أن تكون أربعا وهو عن الحنفية وإسحاق وتعقب بأنه مفهوم لقب وليس بحجة على الراجح ، وعلى تقدير الأخذ به فليس بمنحصر في الأربع وبأنه خرج جوابا للسؤال عن صلاة الليل ، فقيد الجواب بذلك مطابقة للسؤال وبأنه قد تبين من رواية أخرى أن حكم المسكوت عنه حكم المنطوق به ، ففي السنن وصححه ابن خزيمة وغيره من طريق علي الأزدي عن ابن عمر مرفوعا : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10351756صلاة الليل والنهار مثنى مثنى " لكن تعقب هذا الأخير بأن أكثر أئمة الحديث أعلوا زيادة والنهار بأن الحفاظ من أصحاب ابن عمر لم يذكروها ، وحكم النسائي على راويها بأنه أخطأ فيها ، وقال يحيى بن معين : من علي الأزدي حتى أقبل منه وأدع يحيى بن سعيد الأنصاري عن نافع : أن ابن عمر كان يتطوع بالنهار أربعا لا يفصل بينهن ، وإذا كان حديث الأزدي صحيحا لما خالفه ابن عمر يعني مع شدة اتباعه ، رواه عنه مضر بن محمد في سؤالاته ، لكن روى ابن وهب بإسناد قوي عن ابن عمر قال : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10351756صلاة الليل والنهار مثنى مثنى " موقوف أخرجه ابن عبد البر من طريقه فلعل الأزدي اختلط عليه الموقوف بالمرفوع فلا تكون زيادته صحيحة على رأي من يشترط في الصحيح أن لا يكون شاذا .
وروى ابن أبي شيبة من وجه آخر عن ابن عمر أنه كان يصلي بالنهار أربعا أربعا وهذا موافق لنقل ابن معين .
وقد روى محمد بن نصر وغيره أن عثمان قرأ القرآن ليلة في ركعة لم يصل غيرها .
وفي البخاري : أن سعدا أوتر بركعة ، وأن معاوية أوتر بركعة ، وصوبه ابن عباس وقال : إنه فقيه ، وفي كل هذا رد لقول ابن التين : لم يأخذ الفقهاء بعمل معاوية ، واعتذار الحافظ عنه بقوله لعله أراد فقهاء المالكية لا يصح لأن المعتمد عندهم صحته بركعة ، واحتج بعض الحنفية لما ذهبوا إليه من تعين الوصل والاقتصار على ثلاث بأن الصحابة أجمعوا على أن الوتر موصولة حسن جائز ، واختلفوا فيما عداه ، فأخذنا بما أجمعوا عليه وتركنا ما [ ص: 444 ] اختلفوا فيه ، وتعقبه محمد بن نصر بما رواه عن أبي هريرة مرفوعا وموقوفا : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10351824لا توتروا بثلاث تشبهوا بصلاة المغرب " وقد صححه الحاكم ، وأخرج هو وابن حبان والحاكم ، وصححه من وجه آخر عن أبي هريرة مرفوعا نحوه وإسناده على شرط الشيخين .
وأخرج هو والنسائي عن ابن عباس وعائشة كراهة الوتر بثلاث .
وعن سليمان بن يسار أنه كره ذلك : وقال لا يشبه التطوع الفريضة ، فهذا كله يقدح في الإجماع الذي زعمه .
وبين في عدة طرق أن السور الثلاث لثلاث ركعات إلا أن يقال : يحتمل أنهما لم يثبتا عند ابن نصر ، وعلى الثبوت ففعل ذلك لبيان الجواز ، فإذن النزاع إنما هو في تعين الثلاث موصولة والأخبار الصحيحة تأباه ، واستدل بحديث الباب على أنه لا صلاة بعد الوتر .
وأجاب من لم يقل بذلك بأن الركعتين المذكورتين هما ركعتا الفجر ، وحمله النووي على أنه - صلى الله عليه وسلم - فعله لبيان جواز التنفل بعد الوتر وجواز التنفل جالسا ، وقد ذهب الأكثر إلى أن يصلي شفعا ما أراد ولا ينقض وتره لقوله - صلى الله عليه وسلم - : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10351829لا وتران في ليلة " رواه النسائي وابن خزيمة وغيرهما بإسناد حسن عن طلق بن علي .
وأخرج حديث الباب البخاري عن عبد الله بن يوسف ومسلم عن يحيى كلاهما عن مالك به .