447 448 - ( مالك ، عن هشام بن عروة ، عن ) زوجته ( فاطمة بنت ) عمه ( المنذر ) بن الزبير بن العوام ( عن ) جدتهما لأبويهما ( nindex.php?page=showalam&ids=64أسماء بنت أبي بكر الصديق ) ذات النطاقين ، زوج الزبير ، ماتت بمكة سنة ثلاث وسبعين وقد بلغت المائة ، ولم يسقط لها سن ولم يتغير لها عقل ( أنها قالت : أتيت عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - حين خسفت الشمس ) بفتح الخاء والسين ذهب ضوءها كله أو بعضه ، ( فإذا الناس قيام يصلون ) للكسوف ( وإذا هي ) أي : عائشة ( قائمة تصلي ، فقلت : ما للناس ؟ ) قائمين مضطربين فزعين ، وفي رواية وهيب : ما شأن الناس ؟ ( فأشارت ) عائشة ( بيدها نحو السماء ) تعني انكسفت الشمس ( وقالت : سبحان الله ، فقلت : آية ) بالرفع خبر مبتدأ محذوف ؛ أي : هذه علامة للعذاب كأنها مقدمة له ، قال تعالى : ( وما نرسل بالآيات إلا تخويفا ) ( سورة الإسراء : الآية 59 ) أو علامة لقرب زمان قيام الساعة ، ويجوز حذف همزة الاستفهام وإثباتها .
( فأشارت برأسها أن ) بالنون ويروى بالياء ، وهما حرف تفسير ( نعم قالت : ) أسماء ( فقمت ) في الصلاة ( حتى تجلاني ) بفوقية وجيم ولام ثقيلة ؛ أي : غطاني ( الغشي ) بفتح الغين وإسكان الشين المعجمتين وخفة الياء ، وبكسر الشين وشد الياء ؛ طرف من الإغماء من طول تعب الوقوف ، والمراد به هنا الحالة القريبة منه فأطلقته مجازا ، ولذا قالت : ( وجعلت أصب فوق رأسي الماء ) أي : في تلك الحالة ليذهب ، فإن توليها الصب يدل [ ص: 642 ] على أن حواسها كانت مدركة ، وذلك لا ينقض الوضوء ، ووهم من قال : إن صبها كان بعد الإفاقة ، قال ابن بطال : الغشي مرض يعرض من طول التعب والوقوف ، وهو ضرب من الإغماء إلا أنه دونه ، ولو كان شديدا لكان كالإغماء وهو ينقض الوضوء بالإجماع ، ( فحمد الله ) ولابن أبي أويس ولابن يوسف : فلما انصرف ( رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ) حمد الله ( وأثنى عليه ) عطف عام على خاص ( ثم قال : ما من شيء ) من الأشياء ( nindex.php?page=hadith&LINKID=10352216كنت لم أره إلا قد رأيته ) رؤية عين حقيقة ( في مقامي ) بفتح الميم ( هذا ) صفة لمقامي ، وتعسف من جعله خبر محذوف ؛ أي : هو هذا المشار إليه ( حتى الجنة والنار ) ضبط بالحركات الثلاث فيهما كما قال الحافظ وغيره ، فالرفع على أن " حتى " ابتدائية ، و " الجنة " مبتدأ محذوف الخبر ؛ أي : مرئية ، و " النار " عطف عليه ، والنصب على أنها عاطفة على الضمير المنصوب في " رأيته " ، والجر على أنها جارة أو عاطفة على المجرور السابق وهو شيء ، وإن لزم عليه زيادة " من " مع المعرفة ، والصحيح منعه ؛ لأنه يغتفر في التابع ما لا يغتفر في المتبوع ، ولأن المقدر ليس كالملفوظ به ، ومفاد الإغياء أنه لم يرهما قبل مع أنه رآهما ليلة المعراج ، وهو قبل الكسوف بزمان .
وأجيب بأن المراد هنا في الأرض ؛ بدليل قوله : في مقامي ، أو باختلاف الرؤية .
( nindex.php?page=hadith&LINKID=10352217ولقد أوحي إلي أنكم تفتنون ) تمتحنون وتختبرون ( في القبور ) قال الباجي : يقال إنه أعلم بذلك في ذلك الوقت ، قال : وليس الاختبار في القبر بمنزلة التكليف والعبادة ، وإنما معناه إظهار العمل ، وإعلام بالمآل والعاقبة كاختبار الحساب ، لأن العمل والتكليف قد انقطع بالموت ( مثل ) بلا تنوين ( أو قريبا ) بالتنوين ( من فتنة الدجال ) الكذاب ، قال الكرماني : ووجه الشبه بين الفتنتين الشدة والهول والهموم .
وقال الباجي : شبهها بها لشدتها ، وعظم المحنة بها ، وقلة الثبات معها .
قالت فاطمة : ( لا أدري أيتهما ) بتحتية وفوقية ؛ أي : لفظ مثل أو قريبا ( قالت أسماء ) هكذا الرواية المشهورة بترك تنوين " مثل " وتنوين " قريبا " .
ووجهه أن أصله مثل فتنة الدجال ، فحذف ما أضيف إلى مثل ، وترك على هيئته قبل الحذف ، وجاز الحذف لدلالة ما بعده عليه كقوله : بين ذراعي وجبهة الأسد ، تقديره : بين ذراعي الأسد وجبهة الأسد .
وفي رواية : بترك التنوين في قريبا أيضا ، ووجهه أنه مضاف إلى فتنة أيضا ، وإظهار حرف الجر والمضاف إليه جائز عند قوم ، نقله الحافظ عن ابن مالك .
وللبخاري من طريق فاطمة ، عن أسماء أيضا أنه لغط نسوة من الأنصار ، وإنها ذهبت لتسكتهن ، فاستفهمت عائشة عما قال - صلى الله عليه وسلم - .
قال الحافظ : فيجمع بين هذه الروايات بأنها احتاجت إلى الاستفهام مرتين ، وأنها لما حدثت فاطمة لم تبين لها الاستفهام الثاني ، ولم أقف على اسم الرجل الذي استفهمت منه على ذلك إلى الآن ( يؤتى أحدكم ) قي قبره ، والآتي ملكان أسودان أزرقان يقال لأحدهما : المنكر ، والآخر : النكير ، رواه الترمذي وكذا ابن حبان ، لكن قال : يقال لهما منكر ونكير ، زاد الطبراني : أعينهما مثل قدور النحاس ، وأنيابهما مثل صياصي البقر ، وأصواتهما مثل الرعد ، زاد عبد الرزاق : يحفران بأنيابهما ويطآن في أشعارهما معهما مرزبة لو اجتمع عليها أهل منى لم يقلوها .
وأورد في الموضوعات حديثا فيه أن فيهم رومان وهو كبيرهم ، وذكر بعض الفقهاء أن اسم اللذين يسألان المذنب منكر ونكير ، واسم اللذين يسألان المطيع بشر وبشير ( nindex.php?page=hadith&LINKID=10352219فيقال له : ما علمك ) مبتدأ خبره ( بهذا الرجل ) محمد - صلى الله عليه وسلم - ، ولم يقل : برسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، لئلا يصير تلقينا لحجته ، قال عياض : قيل يحتمل أنه مثل للميت في قبره ، والأظهر أنه سمي له ، انتهى . أي : لأنه الظاهر المتبادر من قوله في الصحيحين ، عن أنس : فيقولان : ما كنت تقول في هذا الرجل ؟ وكذا في رواية ابن المنكدر ، عن أسماء عند أحمد ، وعدل عن الجمع في إنكم تفتنون إلى المفرد في ما علمك ؛ لأنه تفصيل ؛ أي : كل واحد يقال له ذلك ؛ لأن السؤال ، عن العلم يكون لكل واحد ، وكذا الجواب بخلاف الفتنة .
( فأما المؤمن أو الموقن ) أي : المصدق بنبوته ( لا أدري أي ذلك ) المؤمن أو الموقن ( قالت أسماء ) جملة معترضة ، بينت فاطمة أنها شكت هل قالت : المؤمن أو الموقن ؟ قال الباجي : والأظهر أنه المؤمن لقوله : " فآمنا " دون أيقنا ، ولقوله : " لمؤمنا " ( nindex.php?page=hadith&LINKID=10352220فيقول : هو محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : جاءنا بالبينات ) المعجزات الدالة على نبوته ( والهدى ) الدلالة الموصلة إلى البغية ، ( فأجبنا وآمنا واتبعنا ) بحذف ضمير المفعول للعلم به في الثلاثة ؛ أي : قبلنا نبوته مصدقين متبعين ( فيقال له : نم ) حال كونك ( صالحا ) منتفعا بأعمالك ، إذ الصلاح كون الشيء في حد الانتفاع ( قد علمنا إن ) بالكسر ؛ أي : للشأن ( كنت لمؤمنا ) وفي رواية الأويسي : " لموقنا " بالقاف واللام عند البصريين للفرق بين إن المخففة وبين النافية ، وعند الكوفيين " إن " بمعنى ما ، واللام بمعنى إلا ؛ أي : ما كنت إلا مؤمنا ، كقوله تعالى : ( إن كل نفس لما عليها حافظ ) ( سورة الطارق : الآية 4 ) أي : ما كل نفس إلا عليها ، [ ص: 644 ] وحكى ابن التين فتح همزة " أن " على جعلها مصدرية ؛ أي : علمنا كونك مؤمنا به ورده بدخول اللام ، وتعقبه في المصابيح بأن اللام إنما تمنع إذا جعلت لام ابتداء على رأي سيبويه ومن تابعه ، أما على رأي الفارسي وابن جني وجماعة أنها ليست للابتداء اجتلبت للفرق ، فيسوغ الفتح بل يتعين لوجود المقتضى وانتفاء المانع .
قال الباجي : أراد بالنوم العود لما كان عليه من الموت ، سماه نوما لما صحبه من الراحة وصلاح الحال ، انتهى .