[ ص: 186 ] هذا آخر هذا الحديث عنده ، ولم يروه أحد بهذا الإسناد عن مالك إلا nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب .
وعند nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب أيضا عن مالك ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم ، عن عبد الرحمن بن أبي سعيد ، عن أبيه ، هذا الحديث المذكور في هذا الباب على حسبما ذكرناه .
وحديث عبد الرحمن بن أبي سعيد أشهر .
وحديث nindex.php?page=showalam&ids=16572عطاء بن يسار معروف أيضا :
[ ص: 188 ] هكذا رواه مالك ، عن nindex.php?page=showalam&ids=13283ابن شهاب ، عن عبيد الله ، عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : ألا ترى أنه مر بين يدي بعض الصف ، فلم يدرأه أحد ، ولم يدفعه ، ولا أنكر عليه ، فإذا كان الإمام أو المنفرد يصليان إلى سترة ، فليس عليه أن يدفع من يمر من وراء سترته ، وهذه الجملة كلها على ما ذكرت لك لا أعلم بين أهل العلم فيه اختلافا ، والآثار الثابتة دالة عليها .
وفي هذا الحديث أيضا دليل على أن العمل في الصلاة جائز ، والذي يجوز منه عند العلماء القليل نحو قتل البرغوث ، وحك الجرب ، وقتل العقرب بما خف من الضرب ما لم تكن المتابعة والطول ، والمشي إلى القوم إذا كان ذلك قريبا ، ودرء المار بين يدي المصلي .
وهذا كله ما لم يكثر ، فإن كثر أفسد ، وما علمت أحدا من العلماء خالف هذه الجملة ، ولا علمت أحدا منهم جعل بين القليل من العمل الجائز في الصلاة ، وبين الكثير المفسد لها حدا لا يتجاوز إلا ما تعارفه الناس .
والآثار المرفوعة في هذا الباب والموقوفة كثيرة ، ( وقد ذكرنا من فتل الدم ، وقتل القمل في الصلاة ، في بابnindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة ما فيه كفاية ) .
ومن العمل في الصلاة شيء لا يجوز منه فيها القليل ولا الكثير ، وهو الأكل ، والشرب ، والكلام عمدا في غير شأن الصلاة ، [ ص: 189 ] وكذلك كل ما باينها ، وخالفها من اللهو ، والمعاصي ، وما لم ترد فيه إباحة قليل ذلك كله ، وكثيره غير جائز شيء منه في الصلاة .
وقوله في الحديث : nindex.php?page=hadith&LINKID=1011180فإن أبى فليقاتله ، فالمقاتلة هنا : المدافعة ، وأظنه كلاما خرج على التغليظ ، ولكل شيء حد ، وأجمعوا : أنه لا يقاتله بسيف ، ولا يخاطبه ، ولا يبلغ منه مبلغا تفسد به صلاته ، فيكون فعله ذلك أضر عليه من مرور المار بين يديه ، وما أظن أحدا بلغ بنفسه إذا جهل ، أو نسي فمر بين يدي المصلي إلى أكثر من الدفع ، وفي إجماعهم على ما ذكرنا ما يبين لك المراد من الحديث .
وقد بلغني أن nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز في أكثر ظني ضمن رجلا دفع آخر من بين يديه وهو يصلي ، فكسر أنفه دية ما جنى على أنفه ، وفي ذلك دليل على أنه لم يكن له أن يبلغ ذلك به ; ولأن ما تولد عن المباح ، فهو معفو عنه .
وقد كان nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري يدفع المار بين يديه إذا صلى دفعا عنيفا .
وذكر عنه أبو داود أنه قال : الرجل يتبختر بين يدي ، وأنا أصلي فأدفعه ، ويمر الضعيف ، فلا أمنعه ، وهذا كله يدلك على أن الأمر ليس على ظاهره في هذا الباب .
[ ص: 190 ] وقال nindex.php?page=showalam&ids=12321أشهب : إذا مر قدامه فليرده بإشارة ، ولا يمشي إليه ; لأن مشيه إليه أشد من مروره بين يديه ، فإن مشى إليه ورده ، لم تفسد بذلك صلاته .
قال أبو عمر :
( إن كان مشيا كثيرا ، فسدت صلاته ، والله أعلم ) .
وإنما ينبغي له أن يمنعه ويدرأه ، منعا : لا يشتغل به عن صلاته ، فإن أبى عليه ، فليدعه يبوء بإثمه ; لأن الأصل في مروره أنه لا يقطع على المصلي صلاته .
أخبرنا عبد الله بن محمد بن عبد المؤمن ، قال : حدثنا محمد بن بكر بن عبد الرزاق ، قال : حدثنا أبو داود ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=12137محمد بن العلاء ، قال : أخبرنا أبو أسامة ، عن مجالد ، عن أبي الوداك ، عن nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : nindex.php?page=hadith&LINKID=1011181لا يقطع الصلاة شيء ، وادرءوا ما استطعتم . وإذا لم يقطع الصلاة شيء ، فإنما هو تغليط على المار ، ولذلك جاء فيه ما جاء ، والله أعلم .
[ ص: 191 ] وسنذكر اختلاف الناس فيما يقطع الصلاة وما لا يقطعها في موضعه من كتابنا هذا إن شاء الله .
فهذا دليل على أن سترة الإمام سترة لمن خلفه ، وأوضح من هذا حديث حدثناه nindex.php?page=showalam&ids=15829خلف بن القاسم ، قال : حدثنا سعيد بن عثمان بن السكن ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=15167الحسين بن إسماعيل المحاملي ، قال : حدثنا سعيد بن [ ص: 192 ] محمد بن تراب الحضرمي ، قال : حدثنا خلاد بن يزيد الأرقط ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17239هشام بن الغازي ، عن نافع ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ، قال : صلى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الظهر أو العصر ، فجاءت بهمة لتمر بين يديه ، فجعل يدرؤها حتى رأيته ألصق منكبه بالجدار ، فمرت خلفه . ألا ترى أنه كره أن تمر بين يديه ، ولم يكره أن تمر خلفه .
وهذا الحديث خولف فيه خلاد هنا ، فروي عن nindex.php?page=showalam&ids=17239هشام بن الغازي ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16709عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - . وبهذا الإسناد ذكره أبو داود .
وروى nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16733عون بن أبي جحيفة ، عن أبيه : أنه شهد النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى بالبطحاء الظهر والعصر ركعتين ركعتين ، وبين يديه عنزة ، تمر من ورائها المرأة والحمار ، وصلى الظهر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى شجرة من حديث nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة أيضا ، عن أبي إسحاق ، عن حارثة بن مضرب ، عن علي .
وأخبرني عبد الله بن محمد ، قال : حدثنا محمد بن بكر ، قال : حدثنا أبو داود ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17015محمد بن كثير العبدي ، قال : حدثنا إسرائيل ، عن سماك ، عن nindex.php?page=showalam&ids=17176موسى بن طلحة ، عن أبيه nindex.php?page=showalam&ids=55طلحة بن عبيد الله ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : nindex.php?page=hadith&LINKID=1011187إذا جعلت بين يديك [ ص: 195 ] مثل مؤخرة الرحل ، فلا يضرك من مر من بين يديك .
وحدثني nindex.php?page=showalam&ids=16900محمد بن إبراهيم ، قال : حدثنا محمد بن معاوية ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=15397أحمد بن شعيب ، قال : أخبرنا nindex.php?page=showalam&ids=14304العباس بن محمد الدوري ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=15303عبد الله بن يزيد المقرئ ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=15784حيوة بن شريح ، عن أبي الأسود ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة ، عن عائشة ، قالت : nindex.php?page=hadith&LINKID=1011188سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة تبوك عن سترة المصلي ؟ فقال : مثل مؤخرة الرحل .
قال عطاء : أقل ما يكفيك ثلاثة أذرع ، nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ، وأحمد ، يستحبان ثلاثة أذرع ، ولا يوجبان ذلك .
ولم يحد فيه ( أيضا ) مالك حدا .
وكان nindex.php?page=showalam&ids=5078عبد الله بن المغفل يجعل بينه ، وبين السترة ستة أذرع .
وقال عكرمة : إذا كان بينك ، وبين الذي يقطع الصلاة قذفة حجر ، لم يقطع الصلاة .
وروى nindex.php?page=showalam&ids=31سهل بن سعد الساعدي ، قال : كان بين مقام النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وبين القبلة ممر عنز .
حدثنا عبد الله بن محمد ، قال : حدثنا محمد بن بكر ، قال : حدثنا أبو داود ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=15020القعنبي ، والنفيلي ، قالا جميعا : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16372عبد العزيز بن أبي حازم ، قال : حدثني أبي ، عن nindex.php?page=showalam&ids=31سهل بن سعد ، قال : كان بين مقام النبي - صلى الله عليه وسلم - وبين القبلة ممر عنز .
فهذا ما جاء من الآثار التي اجتمع العلماء عليها ، ولا أعلمهم اختلفوا في العمل بها ، ولا أنكر أحد منهم شيئا منها ، وإن كان بعضهم قد استحسن شيئا ، واستحسن غيره ما يقرب منه ، وهذا كله بحمد الله سواء ، أو قريب من السواء إن شاء الله .
[ ص: 198 ] فقال مالك : أقل ما يجزئ في السترة غلظ الرمح ، وكذلك السوط ، والعصا وارتفاعها قدر عظم الذراع ، هذا أقل ما يجزئ عنده ، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في ذلك كله .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري ، nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة وأصحابه : أقل السترة قدر مؤخرة الرحل ، ويكون ارتفاعها على ظهر الأرض ذراعا ، وهو قول عطاء .
وقال قتادة : ذراع وشبر .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي : قدر مؤخرة الرحل ، ولم يحد ذراعا ، ولا عظم ذراع ، ولا غير ذلك ، وقال : يجزئ السهم ، والسوط ، والسيف ; يعني في الغلظ ، واختلفوا فيما يعرض ولا ينصب ، وفي الخط ; فكل من ذكرنا قوله : إنه لا يجزئ عنده أقل من عظم الذراع ، أو أقل من ذراع ، لا يجيز الخط ، ولا أن يعرض العصا ، والعود في الأرض فيصلي إليها ، وهم : مالك ، والليث ، nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة ، وأصحابه كلهم يقول : الخط ليس بشيء ، وهو باطل ، ولا يجوز عند واحد منهم إلا ما ذكرنا ، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=12354إبراهيم النخعي ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل ، nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور : إذا لم يجعل تلقاء وجهه شيئا ، ولم يجد عصا ينصبها ، فليخط خطا . وكذلك قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي بالعراق .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي : إذا لم ( يكن ) ينتصب له عرضه بين يديه ، وصلى إليه ، فإن لم يجد خط خطا ، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير ، قال nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي : والسوط يعرضه أحب إلي من الخط .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي بمصر : لا يخط ( الرجل ) بين يديه خطا ، إلا أن يكون في ذلك حديث ثابت فيتبع .
وهذا الحديث عند nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل ، ومن قال بقوله ، ( حديث ) صحيح ، وإليه ذهبوا ورأيت أن nindex.php?page=showalam&ids=16604علي ابن المديني كان يصحح هذا الحديث ويحتج به .
[ ص: 200 ] وقال nindex.php?page=showalam&ids=14695أبو جعفر الطحاوي إذ ذكر هذا الحديث : أبو عمرو بن محمد بن حريث ، هذا مجهول ، وجده أيضا مجهول ، ليس لهما ذكر في غير هذا الحديث ، ولا يحتج بمثل هذا ( من ) الحديث .
واختلف القائلون بالخط في هيئة الخط ، فقالت ( منهم ) طائفة : يكون عرضا ; منهم : nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي .
وقالت طائفة : يكون طولا ، كالعصا ( يقيمها ) ; منهم : nindex.php?page=showalam&ids=14213عبد الله بن داود الخريبي .
وقالت طائفة : يكون كالهلال والمحراب ; منهم : nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل .