هكذا روى هذا الحديث مالك ، وغيره عن nindex.php?page=showalam&ids=13283ابن شهاب ، وفيه أن المسلم تكفر خطاياه وتغفر له ذنوبه بالصبر على مصيبته ولذلك زحزح عن النار ، فلم تمسه ، لأن من لم تغفر له ذنوبه لم يزحزح عن النار - والله أعلم - أجارنا الله منها .
وقد روى nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثله : حدثنا عبد الله بن محمد ، قال : حدثنا سعيد بن عثمان ، قال : حدثنا محمد بن يوسف ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17381يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=13382ابن علية ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16377عبد العزيز بن صهيب ، عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك ، قال : قال رسول الله صلى الله [ ص: 348 ] عليه وسلم : nindex.php?page=hadith&LINKID=1011912ما من مسلم يموت له ثلاثة من الولد ( لم يبلغوا ) الحنث إلا أدخله الله الجنة بفضل رحمته إياهم . ففي قوله - صلى الله عليه وسلم - في هذه الأحاديث لم يبلغوا الحنث ومعناه عند أهل العلم لم يبلغوا الحلم ، ولم يبلغوا أن يلزمهم حنث دليل على ( أن ) أطفال المسلمين في الجنة لا محالة - والله أعلم - لأن الرحمة إذا نزلت بآبائهم من أجلهم استحال أن يرحموا من أجل من ليس بمرحوم ألا ترى إلى قوله - صلى الله عليه وسلم - بفضل رحمته إياهم فقد صار الأب مرحوما بفضل رحمتهم ، وهذا على عمومه ، لأن لفظه - صلى الله عليه وسلم - في هذه الأحاديث لفظ عموم ، وقد أجمع العلماء على ما قلنا من أن أطفال المسلمين في الجنة ، فأغنى ذلك عن كثير من الاستدلال ، ولا أعلم عن جماعتهم في ذلك خلافا إلا فرقة شذت من المجبرة فجعلتهم في المشيئة ، وهو قول شاذ ( مهجور ) مردود بإجماع الجماعة ، وهم الحجة الذين لا تجوز مخالفتهم ، ولا يجوز على مثلهم [ ص: 349 ] الغلط في مثل هذا إلى ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من أخبار الآحاد الثقات العدول ، فمنها ما ذكرنا ، ومنها قوله - صلى الله عليه وسلم - : إني مكاثر بكم الأمم حتى بالسقط يظل محبنطئا يقال له : ادخل الجنة فيقول : لا حتى يدخلها أبواي فيقال له ادخل أنت وأبواك ، وعن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : صغاركم دعاميص الجنة ، وقد روى nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=17112معاوية بن قرة بن إياس المزني ، عن أبيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن رجلا من الأنصار مات له ابن صغير فوجد عليه فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أما يسرك أن لا تأتي بابا من أبواب الجنة إلا وجدته يستفتح لك فقالوا : يا رسول الله ، أله خاصة أم للمسلمين عامة ، قال : بل للمسلمين عامة ، وهذا حديث ثابت صحيح بمعنى ما ذكرناه وقد ذكرنا آثار هذا الباب ، وما قالته الفرق في ذلك واعتقدته في باب nindex.php?page=showalam&ids=11863أبي الزناد ، والحمد لله .
وفي هذه الآثار مع إجماع الجمهور دليل على أن قوله صلى [ ص: 350 ] الله عليه وسلم : الشقي من شقي في بطن أمه ، وإن الملك ينزل فيكتب أجله ورزقه ، ويكتب شقيا أو سعيدا في بطن أمه ، مخصوص مجمل ، وإن من مات من أطفال المسلمين قبل الاكتساب فهو ممن سعد في بطن أمه بدليل ما ذكرنا من الأحاديث ، والإجماع .
حدثناه خلف بن أحمد ، قال : حدثنا أحمد بن سعيد ، وأحمد بن مطرف ( قالا ) : حدثنا سعيد بن عثمان الأعناقي ، قال : حدثنا إسحاق بن إسماعيل الأيلي ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16862المؤمل بن إسماعيل عن سفيان ، عن nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش ، عن nindex.php?page=showalam&ids=13585عثمان بن موهب ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15910زاذان ، عن علي في قوله كل نفس بما كسبت رهينة إلا أصحاب اليمين ، قال : أصحاب اليمين أطفال المسلمين ، ورواه nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ، عن سفيان ، بإسناده مثله بمعناه .
وقد اختلف العلماء في أطفال المشركين ، وفي أطفال المسلمين أيضا على ما ذكرناه ومهدناه في باب nindex.php?page=showalam&ids=11863أبي الزناد من هذا الكتاب ، وأما قوله - صلى الله عليه وسلم - في حديثنا المذكور في هذا الباب إلا تحلة القسم فهو يخرج في التفسير المسند ، لأن القسم المذكور في هذا الحديث معناه عند أهل العلم قول الله - عز وجل - : وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا قسما واجبا ، وكذلك قال nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : ورواه عن مرة ، عن [ ص: 353 ] nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود أنه قال : ذلك من ظاهر قوله ( فتمسه النار ) يدل على أن الورود الدخول - والله أعلم - لأن المسيس حقيقته في اللغة المباشرة ، وقد يحتمل على الاتساع أن يكون القرب .
وقد اختلف العلماء في الورود فقال منهم قائلون : الورود الدخول وممن قال ذلك nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، nindex.php?page=showalam&ids=82وعبد الله بن رواحة ، وقد اختلف في ذلك عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، ولم يختلف عن nindex.php?page=showalam&ids=82ابن رواحة ، وروى nindex.php?page=showalam&ids=16418ابن المبارك ، وغيره عن nindex.php?page=showalam&ids=12428إسماعيل بن أبي خالد ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16834قيس بن أبي حازم أن nindex.php?page=showalam&ids=82عبد الله بن رواحة بكى فقالت له امرأته ما يبكيك فقال : قد علمت أني داخل النار ، ولا أدري أناج ( أنا ) منها أم لا .
( وترجع العرب من مواجهة الخطاب إلى لفظ الغائب ، قال الله تعالى ) حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح طيبة ، وهذا ( كثير ) في القرآن وأشعار العرب ، وأحسن ما قيل في ذلك قول الشاعر :
إذا لم يكن للقوم جد ولم يكن لهم رجل عند الإمام مكين فكونوا كأيد وهن الله بطشها ترى أشملا ليست لهن يمين
وقد جاء عن nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد ( أنه قال ) : في تأويل قول الله - عز وجل - : وإن منكم إلا واردها ، قال : الحمى من فيح جهنم وهي حظ المومن من النار .
حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16002سعيد بن نصر ( حدثنا ) ابن أبي دليم ، حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=13629ابن وضاح ، حدثنا محمد بن سليمان الدفع ، حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17345يحيى بن يمان ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16545عثمان بن الأسود ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد أنه قال : الحمى حظ المومن من النار ، ثم قرأ وإن منكم إلا واردها ، قال : الحمى في الدنيا الورود ، فلا يردها في الآخرة [ ص: 359 ] قال أبو عمر :
( وحدثنا خلف بن أحمد ، قال : حدثنا أحمد بن مطرف ، حدثنا سعيد بن عثمان ، حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16639علي بن معبد بن نوح ، حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17376يزيد بن هارون ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17026أبو غسان محمد بن مطرف عن الحصين ، عن أبي صالح الأشعري ، عن أبي أمامة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=1011921الحمى كير من جهنم فما أصاب المومن منها كان حظه من النار ) .
[ ص: 360 ] أبو الحصين هذا : مروان بن رؤية الثعلبي ، وأبو صالح الأشعري مولى عثمان ، قاله ابن معين ، وغيره .
( وحدثنا خلف ، قال : حدثنا أحمد ، قال : حدثنا سعيد ، حدثنا علي بن معبد ، حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17081مسلم بن إبراهيم ، قال : حدثنا عصمة بن سالم الهنابي ، وكان صدوقا عاقلا ، قال : حدثنا الأشعث بن جابر الحراني ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16128شهر بن حوشب ، عن أبي ريحانة الأنصاري ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( الحمى كير من جهنم وهي نصيب المومن من النار ) وقال قوم : الورود للمومنين أن يروا النار ، ثم ينجى منها الفائز ويصلاها من قدر عليه دخولها ، ثم يخرج منها بشفاعة محمد - صلى الله عليه وسلم - أو بغيرها من رحمة الله .
واحتج بقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مخاطبة أصحابه ، ومن جرى مجراهم من المومنين إذا مات أحدكم عرض عليه مقعده بالغداة والعشي ، إن كان من أهل الجنة ، فمن أهل الجنة ، وإن كان من أهل النار ، فمن أهل النار يقال ( له ) : هذا مقعدك حتى يبعثك [ ص: 361 ] الله إليه يوم القيامة . هذا حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ، وقد روى nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة ، وغيره أن المومن يعرض عليه مقعده من النار فيقال له انظر ما نجاك الله منه ، ثم يفتح ( له ) إلى الجنة فيقال : انظر ما تصير إليه . هذا معنى الحديث فهذه الأقاويل كلها ( قد ) جاءت في معنى الورود في قوله - عز وجل - وإن منكم إلا واردها ، وقد يحتمل أن يكون قوله - صلى الله عليه وسلم - ( إلا تحلة القسم ) استثناء منقطعا بمعنى لكن تحلة القسم ، وهذا معروف في اللغة ، وإذا كان ذلك كذلك فقوله : لن تمسه النار إلا تحلة القسم أي لا تمسه النار أصلا كلاما تاما ، ثم ابتدأ إلا تحلة القسم أي لكن تحلة القسم لا بد منها في قول الله - عز وجل - : وإن منكم إلا واردها وهي الجواز على الصراط ، أو الرؤية ، والدخول دخول بالإجماع فلا يكون في شيء من ذلك مسيس يؤذي ، وقال بعض أهل العلم في قول الله " إلا ما ذكيتم " ، [ ص: 362 ] معناه لكن ما ذكيتم من غير ما ذكر في هذه الآية ذكاة تامة ، وقد ذكرنا ذلك فيما سلف من كتابنا ( هذا ) وذكرنا هناك تعارف ذلك في لسان العرب ، وذلك في باب nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم ، ومما يدل على ( أن ) الاستثناء ( هاهنا ) منقطع عائد إلى النار ( لا تمس من مات له ثلاثة من الولد ، فاحتسبهم ) حديثه الآخر - صلى الله عليه وسلم - وهو قوله : ( لا يموت لأحدكم ثلاثة من الولد فيحتسبهم إلا كانوا له جنة من النار ، فقالت امرأة : يا رسول الله ، أو اثنان ، قال : أو اثنان . والجنة الوقاية والستر ، ومن وقي النار وستر عنها فلن تمسه أصلا ، ولو مسته ما كان موقى ، وإذا وقيها وستر عنها فقد زحزح وبوعد بينه وبينها ، وهذا إنما يكون لمن صبر واحتسب ورضي وسلم - والله أعلم - .
وبهذا الحديث يفسر الأول ، لأن فيه ذكر الحسبة قوله : ( فيحتسبهم ) ولذلك جعله مالك بأثره مفسرا له ، والوجه عندي في هذا الحديث وما أشبهه من الآثار إنها لمن حافظ على أداء فرائضه ، واجتنب الكبائر ، والدليل على ذلك أن الخطاب في ذلك العصر لم يتوجه إلا إلى قوم الأغلب من أعمالهم ما ذكرنا ، وهم الصحابة رضوان الله عليهم .