الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
554 [ ص: 346 ] حديث خامس nindex.php?page=showalam&ids=13283لابن شهاب ، عن سعيد متصل
مالك ، عن nindex.php?page=showalam&ids=13283ابن شهاب ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب ، عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=1011907لا يموت لأحد من المسلمين ( ثلاثة من الولد ) فتمسه النار إلا تحلة القسم .
هكذا روى هذا الحديث مالك ، وغيره عن nindex.php?page=showalam&ids=13283ابن شهاب ، وفيه أن nindex.php?page=treesubj&link=30507_19585_19579المسلم تكفر خطاياه وتغفر له ذنوبه بالصبر على مصيبته ولذلك زحزح عن النار ، فلم تمسه ، لأن من لم تغفر له ذنوبه لم يزحزح عن النار - والله أعلم - أجارنا الله منها .
وإنما قلت ذلك بدليل قوله - صلى الله عليه وسلم - : لا يزال المؤمن يصاب في ولده وحامته حتى يلقى الله [ ص: 347 ] وليست عليه خطيئة ، وإنما قلت : إن ذلك بالصبر ، والاحتساب ، والرضى لقوله - صلى الله عليه وسلم - : من صبر على مصيبته واحتسب كان جزاؤه الجنة ، وقد روى nindex.php?page=showalam&ids=16972ابن سيرين ، وغيره هذا الحديث ، عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالوا فيه : من مات له ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث كانوا له حجابا من النار ، وفي بعض ألفاظ ( حديث ) nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة هذا ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=1011911ما من المسلمين من يموت له ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث إلا أدخله الله الجنة بفضل رحمته ( إياهم ) ، يجاء بهم يوم القيامة فيقال لهم ادخلوا الجنة فيقولون حتى يدخل آباؤنا فيقال لهم ادخلوا أنتم وآباؤكم بفضل رحمتي .
وقد روى nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثله : حدثنا عبد الله بن محمد ، قال : حدثنا سعيد بن عثمان ، قال : حدثنا محمد بن يوسف ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17381يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=13382ابن علية ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16377عبد العزيز بن صهيب ، عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك ، قال : قال رسول الله صلى الله [ ص: 348 ] عليه وسلم : nindex.php?page=hadith&LINKID=1011912ما من مسلم يموت له ثلاثة من الولد ( لم يبلغوا ) الحنث إلا أدخله الله الجنة بفضل رحمته إياهم . ففي قوله - صلى الله عليه وسلم - في هذه الأحاديث لم يبلغوا الحنث ومعناه عند أهل العلم لم يبلغوا الحلم ، ولم يبلغوا أن يلزمهم حنث دليل على ( أن ) أطفال المسلمين في الجنة لا محالة - والله أعلم - لأن الرحمة إذا نزلت بآبائهم من أجلهم استحال أن يرحموا من أجل من ليس بمرحوم ألا ترى إلى قوله - صلى الله عليه وسلم - بفضل رحمته إياهم فقد صار الأب مرحوما بفضل رحمتهم ، وهذا على عمومه ، لأن لفظه - صلى الله عليه وسلم - في هذه الأحاديث لفظ عموم ، وقد أجمع العلماء على ما قلنا من أن أطفال المسلمين في الجنة ، فأغنى ذلك عن كثير من الاستدلال ، ولا أعلم عن جماعتهم في ذلك خلافا إلا فرقة شذت من المجبرة فجعلتهم في المشيئة ، وهو قول شاذ ( مهجور ) مردود بإجماع الجماعة ، وهم الحجة الذين لا تجوز مخالفتهم ، ولا يجوز على مثلهم [ ص: 349 ] الغلط في مثل هذا إلى ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من أخبار الآحاد الثقات العدول ، فمنها ما ذكرنا ، ومنها قوله - صلى الله عليه وسلم - : إني مكاثر بكم الأمم حتى بالسقط يظل محبنطئا يقال له : ادخل الجنة فيقول : لا حتى يدخلها أبواي فيقال له ادخل أنت وأبواك ، وعن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : صغاركم دعاميص الجنة ، وقد روى nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=17112معاوية بن قرة بن إياس المزني ، عن أبيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن رجلا من الأنصار مات له ابن صغير فوجد عليه فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أما يسرك أن لا تأتي بابا من أبواب الجنة إلا وجدته يستفتح لك فقالوا : يا رسول الله ، أله خاصة أم للمسلمين عامة ، قال : بل للمسلمين عامة ، وهذا حديث ثابت صحيح بمعنى ما ذكرناه وقد ذكرنا آثار هذا الباب ، وما قالته الفرق في ذلك واعتقدته في باب nindex.php?page=showalam&ids=11863أبي الزناد ، والحمد لله .
وفي هذه الآثار مع إجماع الجمهور دليل على أن قوله صلى [ ص: 350 ] الله عليه وسلم : الشقي من شقي في بطن أمه ، وإن الملك ينزل فيكتب أجله ورزقه ، ويكتب شقيا أو سعيدا في بطن أمه ، مخصوص مجمل ، وإن nindex.php?page=treesubj&link=28637من مات من أطفال المسلمين قبل الاكتساب فهو ممن سعد في بطن أمه بدليل ما ذكرنا من الأحاديث ، والإجماع .
وفي ذلك أيضا دليل واضح على سقوط حديث طلحة بن يحيى ، عن عمته nindex.php?page=showalam&ids=16270عائشة بنت طلحة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة أم المؤمنين ، قالت nindex.php?page=hadith&LINKID=1011916أتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بصبي من صبيان الأنصار ليصلي عليه فقلت : طوبى له عصفور من عصافير الجنة لم يعمل سوءا قط ، ولم يدركه ذنب فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : أو غير ذلك يا عائشة إن الله - عز وجل - خلق الجنة وخلق لها أهلا وهم في أصلاب آبائهم وخلق النار وخلق لها خلقا ، وهم في أصلاب آبائهم الله أعلم بما كانوا عاملين ، وهذا حديث ساقط ضعيف مردود بما ذكرنا من الآثار [ ص: 351 ] والإجماع وطلحة بن يحيى ضعيف لا يحتج به ، وهذا الحديث مما انفرد به ، فلا يعرج عليه ( ومعنى قوله : الله أعلم بما كانوا عاملين إخبار بأن الله يعلم ما يكون قبل أن يكون ، وما لا يكون لو كان كيف يكون ، والمجازاة إنما تكون على الأعمال ) وحديث nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=17112معاوية بن قرة ، عن أبيه حديث ثابت صحيح ، وعليه الناس ، وهو يعارض حديث طلحة بن يحيى ويدفعه .
حدثنا أحمد بن قاسم بن عيسى ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=13052عبيد الله بن محمد بن حبابة ببغداد ، قال : حدثنا عبد الله بن محمد صحبة ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16598علي بن الجعد ، قال : أنبأنا شعبة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=17112معاوية بن قرة ، عن أبيه nindex.php?page=hadith&LINKID=1011917أن رجلا جاء بابنه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتحبه ؟ فقال : أحبك الله كما أحبه يا رسول الله ، فتوفي الصبي ففقده النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : أين فلان ؟ فقالوا : يا رسول الله ، توفي ابنه فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أما ترضى أن لا تأتي بابا من أبواب الجنة إلا جاء حتى يفتحه لك ؟ فقالوا : يا رسول الله ، أله وحده أم لكلنا ؟ فقال : لا بل لكلكم ، وقد روينا ، عن nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب ، ولا مخالف له في ذلك من الصحابة أنه قال : [ ص: 352 ] في قول الله - عز وجل - : nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=38nindex.php?page=treesubj&link=29045كل نفس بما كسبت رهينة إلا أصحاب اليمين ، قال : هم أطفال المسلمين .
حدثناه خلف بن أحمد ، قال : حدثنا أحمد بن سعيد ، وأحمد بن مطرف ( قالا ) : حدثنا سعيد بن عثمان الأعناقي ، قال : حدثنا إسحاق بن إسماعيل الأيلي ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16862المؤمل بن إسماعيل عن سفيان ، عن nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش ، عن nindex.php?page=showalam&ids=13585عثمان بن موهب ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15910زاذان ، عن علي في قوله nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=38كل نفس بما كسبت رهينة إلا أصحاب اليمين ، قال : أصحاب اليمين أطفال المسلمين ، ورواه nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ، عن سفيان ، بإسناده مثله بمعناه .
وقد اختلف العلماء في أطفال المشركين ، وفي أطفال المسلمين أيضا على ما ذكرناه ومهدناه في باب nindex.php?page=showalam&ids=11863أبي الزناد من هذا الكتاب ، وأما قوله - صلى الله عليه وسلم - في حديثنا المذكور في هذا الباب إلا تحلة القسم فهو يخرج في التفسير المسند ، لأن القسم المذكور في هذا الحديث معناه عند أهل العلم قول الله - عز وجل - : nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=71وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا قسما واجبا ، وكذلك قال nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : ورواه عن مرة ، عن [ ص: 353 ] nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود أنه قال : ذلك من ظاهر قوله ( فتمسه النار ) يدل على أن الورود الدخول - والله أعلم - لأن المسيس حقيقته في اللغة المباشرة ، وقد يحتمل على الاتساع أن يكون القرب .
وقد اختلف العلماء في الورود فقال منهم قائلون : الورود الدخول وممن قال ذلك nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، nindex.php?page=showalam&ids=82وعبد الله بن رواحة ، وقد اختلف في ذلك عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، ولم يختلف عن nindex.php?page=showalam&ids=82ابن رواحة ، وروى nindex.php?page=showalam&ids=16418ابن المبارك ، وغيره عن nindex.php?page=showalam&ids=12428إسماعيل بن أبي خالد ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16834قيس بن أبي حازم أن nindex.php?page=showalam&ids=82عبد الله بن رواحة بكى فقالت له امرأته ما يبكيك فقال : قد علمت أني داخل النار ، ولا أدري أناج ( أنا ) منها أم لا .
حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16002سعيد بن نصر ( حدثنا ) ابن أبي دليم ، حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=13629ابن وضاح ، حدثنا محمد بن سليمان الدفع ، حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17345يحيى بن يمان ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16545عثمان بن الأسود ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد أنه قال : الحمى حظ المومن من النار ، ثم قرأ nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=71وإن منكم إلا واردها ، قال : الحمى في الدنيا الورود ، فلا يردها في الآخرة [ ص: 359 ] قال أبو عمر :
ومن حجة من قال بهذا القول ، ما حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16502عبد الوارث بن سفيان ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16802قاسم بن أصبغ ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=14613محمد بن إسماعيل الصائغ ، قال : حدثنا أبو أسامة ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16351عبد الرحمن بن يزيد بن جابر ، عن إسماعيل بن عبيد الله الأشعري ، عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة nindex.php?page=hadith&LINKID=1011920أن النبي - صلى الله عليه وسلم - عاد مريضا ، ومعه nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة من وعك كان به فقال ( له ) النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( أبشر ، فإن الله - تبارك وتعالى - يقول : هي ناري أسلطها على عبدي ( المومن ) لتكون حظه من النار ( في الآخرة ) .
( وحدثنا خلف بن أحمد ، قال : حدثنا أحمد بن مطرف ، حدثنا سعيد بن عثمان ، حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16639علي بن معبد بن نوح ، حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17376يزيد بن هارون ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17026أبو غسان محمد بن مطرف عن الحصين ، عن أبي صالح الأشعري ، عن أبي أمامة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=1011921الحمى كير من جهنم فما أصاب المومن منها كان حظه من النار ) .
[ ص: 360 ] أبو الحصين هذا : مروان بن رؤية الثعلبي ، وأبو صالح الأشعري مولى عثمان ، قاله ابن معين ، وغيره .
( وحدثنا خلف ، قال : حدثنا أحمد ، قال : حدثنا سعيد ، حدثنا علي بن معبد ، حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17081مسلم بن إبراهيم ، قال : حدثنا عصمة بن سالم الهنابي ، وكان صدوقا عاقلا ، قال : حدثنا الأشعث بن جابر الحراني ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16128شهر بن حوشب ، عن أبي ريحانة الأنصاري ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( الحمى كير من جهنم وهي نصيب المومن من النار ) وقال قوم : الورود للمومنين أن يروا النار ، ثم ينجى منها الفائز ويصلاها من قدر عليه دخولها ، ثم يخرج منها بشفاعة محمد - صلى الله عليه وسلم - أو بغيرها من رحمة الله .
واحتج بقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مخاطبة أصحابه ، ومن جرى مجراهم من المومنين إذا مات أحدكم عرض عليه مقعده بالغداة والعشي ، إن كان من أهل الجنة ، فمن أهل الجنة ، وإن كان من أهل النار ، فمن أهل النار يقال ( له ) : هذا مقعدك حتى يبعثك [ ص: 361 ] الله إليه يوم القيامة . هذا حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ، وقد روى nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة ، وغيره أن المومن يعرض عليه مقعده من النار فيقال له انظر ما نجاك الله منه ، ثم يفتح ( له ) إلى الجنة فيقال : انظر ما تصير إليه . هذا معنى الحديث فهذه الأقاويل كلها ( قد ) جاءت في nindex.php?page=treesubj&link=28990معنى الورود في قوله - عز وجل - nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=71وإن منكم إلا واردها ، وقد يحتمل أن يكون قوله - صلى الله عليه وسلم - ( إلا تحلة القسم ) استثناء منقطعا بمعنى لكن تحلة القسم ، وهذا معروف في اللغة ، وإذا كان ذلك كذلك فقوله : لن تمسه النار إلا تحلة القسم أي لا تمسه النار أصلا كلاما تاما ، ثم ابتدأ إلا تحلة القسم أي لكن تحلة القسم لا بد منها في قول الله - عز وجل - : nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=71وإن منكم إلا واردها وهي الجواز على الصراط ، أو الرؤية ، والدخول دخول بالإجماع فلا يكون في شيء من ذلك مسيس يؤذي ، وقال بعض أهل العلم في قول الله " nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3إلا ما ذكيتم " ، [ ص: 362 ] معناه لكن ما ذكيتم من غير ما ذكر في هذه الآية ذكاة تامة ، وقد ذكرنا ذلك فيما سلف من كتابنا ( هذا ) وذكرنا هناك تعارف ذلك في لسان العرب ، وذلك في باب nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم ، ومما يدل على ( أن ) الاستثناء ( هاهنا ) منقطع عائد إلى النار ( لا تمس من nindex.php?page=treesubj&link=19579_30415مات له ثلاثة من الولد ، فاحتسبهم ) حديثه الآخر - صلى الله عليه وسلم - وهو قوله : ( لا يموت لأحدكم ثلاثة من الولد فيحتسبهم إلا كانوا له جنة من النار ، فقالت امرأة : يا رسول الله ، أو اثنان ، قال : أو اثنان . والجنة الوقاية والستر ، ومن وقي النار وستر عنها فلن تمسه أصلا ، ولو مسته ما كان موقى ، وإذا وقيها وستر عنها فقد زحزح وبوعد بينه وبينها ، وهذا إنما يكون لمن صبر واحتسب ورضي وسلم - والله أعلم - .
وبهذا الحديث يفسر الأول ، لأن فيه ذكر الحسبة قوله : ( فيحتسبهم ) ولذلك جعله مالك بأثره مفسرا له ، والوجه عندي في هذا الحديث وما أشبهه من الآثار إنها لمن حافظ على أداء فرائضه ، واجتنب الكبائر ، والدليل على ذلك أن الخطاب في ذلك العصر لم يتوجه إلا إلى قوم الأغلب من أعمالهم ما ذكرنا ، وهم الصحابة رضوان الله عليهم .
هكذا روى هذا الحديث مالك ، وغيره عن nindex.php?page=showalam&ids=13283ابن شهاب ، وفيه أن nindex.php?page=treesubj&link=30507_19585_19579المسلم تكفر خطاياه وتغفر له ذنوبه بالصبر على مصيبته ولذلك زحزح عن النار ، فلم تمسه ، لأن من لم تغفر له ذنوبه لم يزحزح عن النار - والله أعلم - أجارنا الله منها .
وإنما قلت ذلك بدليل قوله - صلى الله عليه وسلم - : لا يزال المؤمن يصاب في ولده وحامته حتى يلقى الله [ ص: 347 ] وليست عليه خطيئة ، وإنما قلت : إن ذلك بالصبر ، والاحتساب ، والرضى لقوله - صلى الله عليه وسلم - : من صبر على مصيبته واحتسب كان جزاؤه الجنة ، وقد روى nindex.php?page=showalam&ids=16972ابن سيرين ، وغيره هذا الحديث ، عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالوا فيه : من مات له ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث كانوا له حجابا من النار ، وفي بعض ألفاظ ( حديث ) nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة هذا ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=1011911ما من المسلمين من يموت له ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث إلا أدخله الله الجنة بفضل رحمته ( إياهم ) ، يجاء بهم يوم القيامة فيقال لهم ادخلوا الجنة فيقولون حتى يدخل آباؤنا فيقال لهم ادخلوا أنتم وآباؤكم بفضل رحمتي .
وقد روى nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثله : حدثنا عبد الله بن محمد ، قال : حدثنا سعيد بن عثمان ، قال : حدثنا محمد بن يوسف ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17381يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=13382ابن علية ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16377عبد العزيز بن صهيب ، عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك ، قال : قال رسول الله صلى الله [ ص: 348 ] عليه وسلم : nindex.php?page=hadith&LINKID=1011912ما من مسلم يموت له ثلاثة من الولد ( لم يبلغوا ) الحنث إلا أدخله الله الجنة بفضل رحمته إياهم . ففي قوله - صلى الله عليه وسلم - في هذه الأحاديث لم يبلغوا الحنث ومعناه عند أهل العلم لم يبلغوا الحلم ، ولم يبلغوا أن يلزمهم حنث دليل على ( أن ) أطفال المسلمين في الجنة لا محالة - والله أعلم - لأن الرحمة إذا نزلت بآبائهم من أجلهم استحال أن يرحموا من أجل من ليس بمرحوم ألا ترى إلى قوله - صلى الله عليه وسلم - بفضل رحمته إياهم فقد صار الأب مرحوما بفضل رحمتهم ، وهذا على عمومه ، لأن لفظه - صلى الله عليه وسلم - في هذه الأحاديث لفظ عموم ، وقد أجمع العلماء على ما قلنا من أن أطفال المسلمين في الجنة ، فأغنى ذلك عن كثير من الاستدلال ، ولا أعلم عن جماعتهم في ذلك خلافا إلا فرقة شذت من المجبرة فجعلتهم في المشيئة ، وهو قول شاذ ( مهجور ) مردود بإجماع الجماعة ، وهم الحجة الذين لا تجوز مخالفتهم ، ولا يجوز على مثلهم [ ص: 349 ] الغلط في مثل هذا إلى ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من أخبار الآحاد الثقات العدول ، فمنها ما ذكرنا ، ومنها قوله - صلى الله عليه وسلم - : إني مكاثر بكم الأمم حتى بالسقط يظل محبنطئا يقال له : ادخل الجنة فيقول : لا حتى يدخلها أبواي فيقال له ادخل أنت وأبواك ، وعن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : صغاركم دعاميص الجنة ، وقد روى nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=17112معاوية بن قرة بن إياس المزني ، عن أبيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن رجلا من الأنصار مات له ابن صغير فوجد عليه فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أما يسرك أن لا تأتي بابا من أبواب الجنة إلا وجدته يستفتح لك فقالوا : يا رسول الله ، أله خاصة أم للمسلمين عامة ، قال : بل للمسلمين عامة ، وهذا حديث ثابت صحيح بمعنى ما ذكرناه وقد ذكرنا آثار هذا الباب ، وما قالته الفرق في ذلك واعتقدته في باب nindex.php?page=showalam&ids=11863أبي الزناد ، والحمد لله .
وفي هذه الآثار مع إجماع الجمهور دليل على أن قوله صلى [ ص: 350 ] الله عليه وسلم : الشقي من شقي في بطن أمه ، وإن الملك ينزل فيكتب أجله ورزقه ، ويكتب شقيا أو سعيدا في بطن أمه ، مخصوص مجمل ، وإن nindex.php?page=treesubj&link=28637من مات من أطفال المسلمين قبل الاكتساب فهو ممن سعد في بطن أمه بدليل ما ذكرنا من الأحاديث ، والإجماع .
وفي ذلك أيضا دليل واضح على سقوط حديث طلحة بن يحيى ، عن عمته nindex.php?page=showalam&ids=16270عائشة بنت طلحة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة أم المؤمنين ، قالت nindex.php?page=hadith&LINKID=1011916أتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بصبي من صبيان الأنصار ليصلي عليه فقلت : طوبى له عصفور من عصافير الجنة لم يعمل سوءا قط ، ولم يدركه ذنب فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : أو غير ذلك يا عائشة إن الله - عز وجل - خلق الجنة وخلق لها أهلا وهم في أصلاب آبائهم وخلق النار وخلق لها خلقا ، وهم في أصلاب آبائهم الله أعلم بما كانوا عاملين ، وهذا حديث ساقط ضعيف مردود بما ذكرنا من الآثار [ ص: 351 ] والإجماع وطلحة بن يحيى ضعيف لا يحتج به ، وهذا الحديث مما انفرد به ، فلا يعرج عليه ( ومعنى قوله : الله أعلم بما كانوا عاملين إخبار بأن الله يعلم ما يكون قبل أن يكون ، وما لا يكون لو كان كيف يكون ، والمجازاة إنما تكون على الأعمال ) وحديث nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=17112معاوية بن قرة ، عن أبيه حديث ثابت صحيح ، وعليه الناس ، وهو يعارض حديث طلحة بن يحيى ويدفعه .
حدثنا أحمد بن قاسم بن عيسى ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=13052عبيد الله بن محمد بن حبابة ببغداد ، قال : حدثنا عبد الله بن محمد صحبة ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16598علي بن الجعد ، قال : أنبأنا شعبة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=17112معاوية بن قرة ، عن أبيه nindex.php?page=hadith&LINKID=1011917أن رجلا جاء بابنه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتحبه ؟ فقال : أحبك الله كما أحبه يا رسول الله ، فتوفي الصبي ففقده النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : أين فلان ؟ فقالوا : يا رسول الله ، توفي ابنه فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أما ترضى أن لا تأتي بابا من أبواب الجنة إلا جاء حتى يفتحه لك ؟ فقالوا : يا رسول الله ، أله وحده أم لكلنا ؟ فقال : لا بل لكلكم ، وقد روينا ، عن nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب ، ولا مخالف له في ذلك من الصحابة أنه قال : [ ص: 352 ] في قول الله - عز وجل - : nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=38nindex.php?page=treesubj&link=29045كل نفس بما كسبت رهينة إلا أصحاب اليمين ، قال : هم أطفال المسلمين .
حدثناه خلف بن أحمد ، قال : حدثنا أحمد بن سعيد ، وأحمد بن مطرف ( قالا ) : حدثنا سعيد بن عثمان الأعناقي ، قال : حدثنا إسحاق بن إسماعيل الأيلي ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16862المؤمل بن إسماعيل عن سفيان ، عن nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش ، عن nindex.php?page=showalam&ids=13585عثمان بن موهب ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15910زاذان ، عن علي في قوله nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=38كل نفس بما كسبت رهينة إلا أصحاب اليمين ، قال : أصحاب اليمين أطفال المسلمين ، ورواه nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ، عن سفيان ، بإسناده مثله بمعناه .
وقد اختلف العلماء في أطفال المشركين ، وفي أطفال المسلمين أيضا على ما ذكرناه ومهدناه في باب nindex.php?page=showalam&ids=11863أبي الزناد من هذا الكتاب ، وأما قوله - صلى الله عليه وسلم - في حديثنا المذكور في هذا الباب إلا تحلة القسم فهو يخرج في التفسير المسند ، لأن القسم المذكور في هذا الحديث معناه عند أهل العلم قول الله - عز وجل - : nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=71وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا قسما واجبا ، وكذلك قال nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : ورواه عن مرة ، عن [ ص: 353 ] nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود أنه قال : ذلك من ظاهر قوله ( فتمسه النار ) يدل على أن الورود الدخول - والله أعلم - لأن المسيس حقيقته في اللغة المباشرة ، وقد يحتمل على الاتساع أن يكون القرب .
وقد اختلف العلماء في الورود فقال منهم قائلون : الورود الدخول وممن قال ذلك nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، nindex.php?page=showalam&ids=82وعبد الله بن رواحة ، وقد اختلف في ذلك عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، ولم يختلف عن nindex.php?page=showalam&ids=82ابن رواحة ، وروى nindex.php?page=showalam&ids=16418ابن المبارك ، وغيره عن nindex.php?page=showalam&ids=12428إسماعيل بن أبي خالد ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16834قيس بن أبي حازم أن nindex.php?page=showalam&ids=82عبد الله بن رواحة بكى فقالت له امرأته ما يبكيك فقال : قد علمت أني داخل النار ، ولا أدري أناج ( أنا ) منها أم لا .
حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16002سعيد بن نصر ( حدثنا ) ابن أبي دليم ، حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=13629ابن وضاح ، حدثنا محمد بن سليمان الدفع ، حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17345يحيى بن يمان ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16545عثمان بن الأسود ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد أنه قال : الحمى حظ المومن من النار ، ثم قرأ nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=71وإن منكم إلا واردها ، قال : الحمى في الدنيا الورود ، فلا يردها في الآخرة [ ص: 359 ] قال أبو عمر :
ومن حجة من قال بهذا القول ، ما حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16502عبد الوارث بن سفيان ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16802قاسم بن أصبغ ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=14613محمد بن إسماعيل الصائغ ، قال : حدثنا أبو أسامة ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16351عبد الرحمن بن يزيد بن جابر ، عن إسماعيل بن عبيد الله الأشعري ، عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة nindex.php?page=hadith&LINKID=1011920أن النبي - صلى الله عليه وسلم - عاد مريضا ، ومعه nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة من وعك كان به فقال ( له ) النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( أبشر ، فإن الله - تبارك وتعالى - يقول : هي ناري أسلطها على عبدي ( المومن ) لتكون حظه من النار ( في الآخرة ) .
( وحدثنا خلف بن أحمد ، قال : حدثنا أحمد بن مطرف ، حدثنا سعيد بن عثمان ، حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16639علي بن معبد بن نوح ، حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17376يزيد بن هارون ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17026أبو غسان محمد بن مطرف عن الحصين ، عن أبي صالح الأشعري ، عن أبي أمامة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=1011921الحمى كير من جهنم فما أصاب المومن منها كان حظه من النار ) .
[ ص: 360 ] أبو الحصين هذا : مروان بن رؤية الثعلبي ، وأبو صالح الأشعري مولى عثمان ، قاله ابن معين ، وغيره .
( وحدثنا خلف ، قال : حدثنا أحمد ، قال : حدثنا سعيد ، حدثنا علي بن معبد ، حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17081مسلم بن إبراهيم ، قال : حدثنا عصمة بن سالم الهنابي ، وكان صدوقا عاقلا ، قال : حدثنا الأشعث بن جابر الحراني ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16128شهر بن حوشب ، عن أبي ريحانة الأنصاري ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( الحمى كير من جهنم وهي نصيب المومن من النار ) وقال قوم : الورود للمومنين أن يروا النار ، ثم ينجى منها الفائز ويصلاها من قدر عليه دخولها ، ثم يخرج منها بشفاعة محمد - صلى الله عليه وسلم - أو بغيرها من رحمة الله .
واحتج بقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مخاطبة أصحابه ، ومن جرى مجراهم من المومنين إذا مات أحدكم عرض عليه مقعده بالغداة والعشي ، إن كان من أهل الجنة ، فمن أهل الجنة ، وإن كان من أهل النار ، فمن أهل النار يقال ( له ) : هذا مقعدك حتى يبعثك [ ص: 361 ] الله إليه يوم القيامة . هذا حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ، وقد روى nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة ، وغيره أن المومن يعرض عليه مقعده من النار فيقال له انظر ما نجاك الله منه ، ثم يفتح ( له ) إلى الجنة فيقال : انظر ما تصير إليه . هذا معنى الحديث فهذه الأقاويل كلها ( قد ) جاءت في nindex.php?page=treesubj&link=28990معنى الورود في قوله - عز وجل - nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=71وإن منكم إلا واردها ، وقد يحتمل أن يكون قوله - صلى الله عليه وسلم - ( إلا تحلة القسم ) استثناء منقطعا بمعنى لكن تحلة القسم ، وهذا معروف في اللغة ، وإذا كان ذلك كذلك فقوله : لن تمسه النار إلا تحلة القسم أي لا تمسه النار أصلا كلاما تاما ، ثم ابتدأ إلا تحلة القسم أي لكن تحلة القسم لا بد منها في قول الله - عز وجل - : nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=71وإن منكم إلا واردها وهي الجواز على الصراط ، أو الرؤية ، والدخول دخول بالإجماع فلا يكون في شيء من ذلك مسيس يؤذي ، وقال بعض أهل العلم في قول الله " nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3إلا ما ذكيتم " ، [ ص: 362 ] معناه لكن ما ذكيتم من غير ما ذكر في هذه الآية ذكاة تامة ، وقد ذكرنا ذلك فيما سلف من كتابنا ( هذا ) وذكرنا هناك تعارف ذلك في لسان العرب ، وذلك في باب nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم ، ومما يدل على ( أن ) الاستثناء ( هاهنا ) منقطع عائد إلى النار ( لا تمس من nindex.php?page=treesubj&link=19579_30415مات له ثلاثة من الولد ، فاحتسبهم ) حديثه الآخر - صلى الله عليه وسلم - وهو قوله : ( لا يموت لأحدكم ثلاثة من الولد فيحتسبهم إلا كانوا له جنة من النار ، فقالت امرأة : يا رسول الله ، أو اثنان ، قال : أو اثنان . والجنة الوقاية والستر ، ومن وقي النار وستر عنها فلن تمسه أصلا ، ولو مسته ما كان موقى ، وإذا وقيها وستر عنها فقد زحزح وبوعد بينه وبينها ، وهذا إنما يكون لمن صبر واحتسب ورضي وسلم - والله أعلم - .
وبهذا الحديث يفسر الأول ، لأن فيه ذكر الحسبة قوله : ( فيحتسبهم ) ولذلك جعله مالك بأثره مفسرا له ، والوجه عندي في هذا الحديث وما أشبهه من الآثار إنها لمن حافظ على أداء فرائضه ، واجتنب الكبائر ، والدليل على ذلك أن الخطاب في ذلك العصر لم يتوجه إلا إلى قوم الأغلب من أعمالهم ما ذكرنا ، وهم الصحابة رضوان الله عليهم .