أم قيس هذه اسمها جذامة بنت وهب بن محصن ، أخت عكاشة بن وهب بن محصن ، وقد ذكرناها في الصحابيات من كتابنا في الصحابة .
قال أبو عمر :
النضح في هذا الموضع : صب الماء من غير عرك ، وفي قوله : ولم يغسله ، دليل على ذلك إن شاء الله . وفي هذا الحديث أن الماء إذا غلب على النجاسات وغمرها طهرها ، وكان الحكم له لا لها ، ولو كان إذا اختلط بالنجاسات لحقته النجاسة ما كان طهورا ، ولا وصل به أحد إلى الطهارة ، وهذا مردود بأن الله عز وجل سماه طهورا ، وأجمع المسلمون على ذلك في كثيره ، وإن اختلفوا في معان من قليله ، وقد مضى القول [ ص: 109 ] واضحا في الماء في باب إسحاق بن أبي طلحة عند ذكر حديث ولوغ الهرة في الإناء ، فأغنى ذلك عن إعادته هاهنا .
قال أبو عمر :
أجمع المسلمون على أن بول كل آدمي يأكل الطعام نجس ، واختلف العلماء في بول الصبي والصبية إذا كانا مرضعين لا يأكلان الطعام ، فقال مالك ، nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة ، وأصحابهما : بول الصبي والصبية كبول الرجل ، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري ، nindex.php?page=showalam&ids=14117والحسن بن حي ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي : لا بأس ببول الصبي ما دام يشرب اللبن ولا يأكل الطعام ، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=16472عبد الله بن وهب صاحب مالك . وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : بول الصبي ليس بنجس حتى يأكل الطعام ، ولا يبين لي فرق ما بينه وبين الصبية ، ولو غسل كان أحب إلي . وقال nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري : بول الصبي يتبع ماء ، وبول الصبية يغسل غسلا ، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب : الرش بالرش ، والصب بالصب من الأبوال كلها .
قال أبو عمر :
احتج من ذهب مذهب nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي بهذا الحديث ، ولا حجة فيه لأن النضح يحتمل أن يكون أراد به صب الماء ولم يرد به الرش . وهو الظاهر من معنى الحديث ، لأن الرش لا يزيد النجاسة إلا شرا . ومن الدليل على أن النضح قد يكون صب الماء والغسل من غير عرك ، قول العرب : غسلتني السماء ، وما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه [ ص: 110 ] قال : إني لأعلم أرضا يقال لها عمان ينضح بناحيتها البحر ، بها حي من العرب لو أتاهم رسولي ما رموه بسهم ولا حجر . وقد جاءت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أحاديث فيها التفرقة بين بول الغلام والجارية ، منها ما رواه قتادة عن أبي حرب بن أبي الأسود ، عن أبيه ، عن علي ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=1012708يغسل بول الجارية وينضح على بول الغلام .
القياس أن لا فرق بين بول الغلام والجارية ، كما أنه لا فرق بين بول الرجل والمرأة ، إلا أن هذه الآثار إن صحت ولم يعارضها عنه - صلى الله عليه وسلم - مثلها ، وجب القول بها ، إلا أن رواية من روى الصب على بول الصبي وإتباعه الماء أصح وأولى ، وأحسن شيء عندي في هذا الباب ما قالته nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة : حدثني أحمد بن قاسم بن عيسى ، قال : حدثني nindex.php?page=showalam&ids=13052عبيد الله بن حبابة ، قال : حدثني البغوي ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16598علي بن الجعد ، قال : أخبرني nindex.php?page=showalam&ids=16874المبارك بن فضالة ، عن الحسن ، عن أبيه ، عن nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة ، قال : بول الغلام يصب عليه الماء صبا وبول الجارية يغسل طعمت أو لم تطعم .
[ ص: 112 ] وهذا حديث مفسر للأحاديث كلها ، مستعمل لها ، حاشا حديث المحل بن خليفة ، الذي ذكر فيه الرش ، وهو حديث لا تقوم به حجة ، والمحل ضعيف . وإذا صب على بول الغلام وغسل بول الجارية ، وقد علمنا أن الصب قد يسمى نضحا ، كان الفرق بين بول الغلام والجارية الرضيعين ما بين الصب والعرك تعبدا - كان وجها حسنا ، وهو أولى ما قيل به في هذا الباب على ما روي عن nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة ، وبالله التوفيق . وقد كان nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري لصحة هذا الحديث عنده وهو روايته يعتمد عليه ويفتي به . روى nindex.php?page=showalam&ids=15767حميد الطويل ، عن الحسن أنه قال في بول الصبية : يغسل غسلا ، وبول الصبي : يتبع بالماء ، وهو أولى ما قيل به في هذا الباب ، والله الموفق للصواب .