قال أبو عمر : هكذا روى هذا الحديث جماعة الرواة للموطأ ( عن مالك رحمه الله ) وكذلك رواه nindex.php?page=showalam&ids=16008ابن عيينة كما رواه مالك سواء بلفظ واحد ، وبإسناده قال فيه : سمعت موسى سمع سالما : سمعت nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر فذكره ، ورواه nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة عن nindex.php?page=showalam&ids=17177موسى بن عقبة فخالفهما في معناه ( وسنذكر ذلك في هذا الباب إن شاء الله ) وأما قوله في هذا الحديث : بيداؤكم فإنه أراد موضعكم الذي [ ص: 166 ] تزعمون أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يهل إلا منه قال ذلك nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر منكرا لقول من قال : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنما أهل في حجته حين أشرف على البيداء ، والبيداء الصحراء يريد بيداء ذي الحليفة ، وأما قوله : ما أهل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فالإهلال في الشريعة هو الإحرام بالحج ، وهو التلبية بالحج أو العمرة ، وهو قول لبيك اللهم لبيك ، وينوي ما شاء من حج أو عمرة ، وأكثر الفقهاء يقولون : إن الإحرام فرض من فرائض الحج ، وركن من أركانه ، إما بالقول والنية جميعا ، وإما بالنية على حسب اختلافهم في ذلك ، مما سنذكره في باب نافع عند ذكر ( حديث ) التلبية في كتابنا هذا إن شاء الله .
( واتفق nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك بن أنس nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ) على أن النية في الإحرام تجزئ عن الكلام ) وناقض ( في هذه المسألة ) nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة فقال : إن الإحرام عنده من شرط التلبية ، ولا يصح إلا بالنية كما لا يصح الدخول في الصلاة إلا بالنية ، والتكبير ثم قال : [ ص: 167 ] فيمن أغمي عليه فأحرم عنه أصحابه ، ولم يفق حتى ( فاته ) الوقوف بعرفة أنه يجزيه إحرام أصحابه عنه ، وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي . وقال مالك ، nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ، وأبو يوسف ، ومحمد : من عرض له هذا فقد فاته الحج ، ولا ينفعه إحرام أصحابه عنه ، قالوا : وناقض مالك فقال : من أغمي عليه فلم يحرم فلا حج له ، ومن وقف بعرفة مغمى عليه أجزأه ، وقال بعض أصحابنا : ليس بتناقض ; لأن الإحرام لا يفوت إلا بفوت عرفة ، وحسب المغمى عليه أن يحرم إذا أفاق قبل عرفة ، فإذا أحرم ثم أغمي عليه فوقف به مغمى عليه أجزأه من أجل أنه على إحرامه .
قال أبو عمر : الذي يدخل علينا في هذا أن الوقوف بعرفة فرض فيستحيل أن يتأدى من غير قصد إلى أدائه كالإحرام سواء ، وكسائر الفروض لا تسقط إلا بالقصد إلى أدائها بالنية ، والعمل هذا هو الصحيح في هذا الباب ، والله الموفق للصواب .
ووافق nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة مالكا فيمن شهد عرفة مغمى عليه ، ولم ينو حتى انصدع الفجر ، وخالفهما nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي فلم يجز للمغمى عليه ، وقوفه بعرفة حتى يصح ويفيق عالما بذلك قاصدا إليه ، وبقول nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي قال أحمد وإسحاق nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور وداود ، وأكثر الناس . وسنذكر التلبية ، وحكمها في باب نافع من كتابنا هذا ، إن شاء [ ص: 168 ] الله ، وأصل الإهلال في اللغة رفع الصوت ، وكل رافع صوته فهو مهل ، ومنه قيل للطفل إذا سقط من بطن أمه فصاح قد استهل صارخا ، والاستهلال والإهلال سواء ، ومنه قول الله عز وجل ( وما أهل به لغير الله ) لأن الذابح منهم كان إذا ذبح لآلهة سماها ، ورفع صوته بذكرها ، وقال النابغة :
أو درة صدفية غواصها بهج متى يرها يهل ويسجد
.
يعني بإهلاله رفعه صوته بالحمد والدعاء إذا رآها ، وقال ابن أحمر :
يهل بالغرقد ركبانها كما يهل الراكب المعتمر
.
واختلفت الآثار في الموضع الذي أحرم رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه لحجته من أقطار ذي الحليفة ، ولا خلاف أن ميقات أهل المدينة ذو الحليفة ، وسنذكر المواقيت وما للعلماء في حكمها ، في باب نافع من كتابنا هذا إن شاء الله .
فقال قوم : أحرم من مسجد ذي الحليفة بعد أن صلى فيه ، وقال آخرون : لم يحرم إلا من بعد أن استوت به راحلته بعد خروجه من المسجد ، وقال آخرون : إنما أحرم حين أظل على البيداء فأشرف عليها [ ص: 169 ] وقد أوضح nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس المعنى في اختلافهم رضي الله عنه ، فأما الآثار التي ذكر فيها أنه أهل حين أشرف على البيداء ، فأخبرناnindex.php?page=showalam&ids=16900محمد بن إبراهيم قال : حدثنا محمد بن معاوية ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=15397أحمد بن شعيب ، قال : أخبرنا إسحاق بن إبراهيم ، قال : أخبرنا النضر قال : أخبرنا nindex.php?page=showalam&ids=12320أشعث بن عبد الملك ، عن الحسن ، عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك nindex.php?page=hadith&LINKID=1013693أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى الظهر بالبيداء ثم ركب ، وصعد جبل البيداء ، وأهل بالحج والعمرة حين صلى الظهر .
وقرأت على nindex.php?page=showalam&ids=16502عبد الوارث بن سفيان أن nindex.php?page=showalam&ids=16802قاسم بن أصبغ حدثهم ، قال : حدثنا أبو قلابة قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16365عبد الصمد بن عبد الوارث ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=17177موسى بن عقبة ، عن سالم عن أبيه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحرم من البيداء ، وربما قال : من المسجد ، حين استوت به راحلته ، ورواية شعبة لهذا الحديث عن nindex.php?page=showalam&ids=17177موسى بن عقبة مخالفة ، لرواية مالك عنه بإسناد واحد .
قال أبو عمر : قد بان بهذا الحديث معنى اختلاف الآثار في هذا الباب ، وفيه تهذيب لها ، وتلخيص وتفسير لما كان ظاهره الاختلاف منها ، والأمر في هذا عند جميع العلماء ، وبالله التوفيق .