[ ص: 184 ] قال أبو عمر : محمد بن عبد الله بن زيد الأنصاري هو الذي أري أبوه النداء فصار سنة ، وأبو مسعود الأنصاري اسمه عقبة بن عمرو ، وبشير بن سعد هو والد النعمان بن بشير ، وقد ذكرنا كل واحد منهم في كتابنا في الصحابة بما يغني من ذكره ، والحمد لله .
حدثنا أحمد بن فتح بن عبد الله ، قال : حدثنا محمد بن عبد الله بن زكرياء النيسابوري ، قال : حدثنا أحمد بن عمرو بن عبد الخالق البزاز ، قال : حدثنا إسماعيل بن مسعود الجحدري ، قال : حدثني زياد بن عبد الله ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16903محمد بن إسحاق ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16900محمد بن إبراهيم ، عن محمد بن عبد الله بن زيد ، عن nindex.php?page=showalam&ids=91أبي مسعود الأنصاري ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بنحو حديث مالك ، وقد روى مثل حديثه هذا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - جماعة ، منهم : nindex.php?page=showalam&ids=44أبو سعيد الخدري وغيره .
ورواه nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري عن الحكم ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16330عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن nindex.php?page=showalam&ids=167كعب بن عجرة ، قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=1014574لما نزلت ( ياأيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما ) جاء رجل إلى النبي عليه السلام فقال : يا رسول الله ، هذا السلام عليك قد عرفناه ، فكيف الصلاة ؟ فقال : قل : اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم ، إنك حميد مجيد ، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم ، إنك حميد مجيد .
وأما التشهد فإن مالكا وأصحابه ذهبوا فيه إلى ما رواه في الموطأ عن nindex.php?page=showalam&ids=13283ابن شهاب ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة بن الزبير ، عن nindex.php?page=showalam&ids=14937عبد الرحمن بن عبد القاري ، أنه سمع nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب وهو على المنبر يعلم الناس التشهد يقول : قولوا : التحيات لله ، الزكيات لله ، الطيبات الصلوات لله ، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .
[ ص: 188 ] وقد روي التشهد عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر عن النبي عليه السلام ، وعن nindex.php?page=showalam&ids=24سمرة بن جندب عن النبي عليه السلام ، وعن أبي موسى عن النبي عليه السلام ، وعن nindex.php?page=showalam&ids=98جابر بن سمرة عن النبي عليه السلام ، وفي بعض ألفاظها اختلاف وزيادة كلمة ونقصان أخرى ، وذلك كله متقارب المعنى ، وفيها كلها : السلام عليك أيها النبي ورحمة الله ، ومنهم من يقول فيه : وبركاته ، ومنهم من لا يذكر ذلك ، ومنهم من لا يزيد على قوله : السلام عليك أيها النبي ، فهذا وجه في معنى قوله : nindex.php?page=hadith&LINKID=1014579والسلام كما قد علمتم . والوجه الآخر كهيئة السلام من الصلاة ، فقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يسلم من الصلاة تسليمة واحدة ، من حديث nindex.php?page=showalam&ids=37سعد بن أبي وقاص ، وعائشة nindex.php?page=showalam&ids=9، وأنس بن مالك ، وكلها معلولة الأسانيد لا يثبتها أهل العلم بالحديث .
وأما حديث سعد ، فإن nindex.php?page=showalam&ids=16379الدراوردي رواه عن nindex.php?page=showalam&ids=17093مصعب بن ثابت ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12436إسماعيل بن محمد بن سعد ، عن محمد ، عن أبيه سعد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يسلم من الصلاة تسليمة واحدة فأخطأ فيه خطأ لم يتابعه أحد عليه ، وأنكروه عليه وصرحوا بخطئه فيه ; لأن كل من رواه عن nindex.php?page=showalam&ids=17093مصعب بن ثابت بإسناده المذكور قال فيه : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يسلم من الصلاة تسليمتين .
[ ص: 189 ] وأما حديث عائشة ، فانفرد به زهير بن محمد ، لم يروه مرفوعا غيره ، وهو ضعيف لا يحتج بما ينفرد به .
وأما حديث أنس فإنما روي عن nindex.php?page=showalam&ids=12341أيوب السختياني عن أنس ، ولم يسمع أيوب من أنس ولا رآه ، قال nindex.php?page=showalam&ids=13863أبو بكر البزار وغيره : لا يصح عن النبي عليه السلام في التسليمة الواحدة شيء ، يعني : من جهة الإسناد .
وأما حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر في التسليمتين فحديث حسن ، من حديث nindex.php?page=showalam&ids=17038محمد بن يحيى بن حبان ، عن عمه واسع بن حبان عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر .
[ ص: 190 ] وروي في التسليمتين حديث nindex.php?page=showalam&ids=98جابر بن سمرة ، وحديث عمار وحديث nindex.php?page=showalam&ids=24سمرة بن جندب ، وحديث nindex.php?page=showalam&ids=48البراء بن عازب ، وليست بالقوية ، وروي عن طائفة من الصحابة وجماعة من التابعين : التسليمة الواحدة ، وروي عن جماعة من الصحابة أيضا والتابعين : التسليمتان ، والقول عندي في التسليمة الواحدة وفي التسليمتين : أن ذلك كله صحيح بنقل من لا يجوز عليهم السهو ولا الغلط في مثل ذلك ، معمول به عملا مستفيضا ، بالحجاز التسليمة الواحدة ، وبالعراق التسليمتان ، وهذا مما يصح فيه الاحتجاج بالعمل ; لتواتر النقل كافة عن كافة في ذلك ، ومثله لا ينسى ولا مدخل فيه للوهم ; لأنه مما يتكرر به العمل في كل يوم مرات ، فصح أن ذلك من المباح والسعة والتخيير ، كالأذان وكالوضوء ثلاثا واثنتين وواحدة وكالاستجمار بحجرين وبثلاثة أحجار ، من فعل شيئا من ذلك فقد أحسن وحاد بوجه مباح من السنن ، فسبق إلى أهل المدينة من ذلك التسليمة الواحدة ، فتوارثوها وغلبت عليهم ، وسبق إلى أهل العراق وما وراءها التسليمتان ، فجروا عليها ، وكل جائز حسن لا يجوز أن يكون إلا توقيفا ممن يجب التسليم له في شرع الدين ، وبالله التوفيق .
وأما رواية من روى عن مالك أن التسليمتين لم تكن إلا من زمن بني هاشم ، فإنما أراد ظهور ذلك بالمدينة ، والله أعلم .
[ ص: 191 ] وأجمع العلماء على أن الصلاة على النبي عليه السلام فرض واجب على كل مسلم ; لقول الله عز وجل ( ياأيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما ) ثم اختلفوا متى تجب ومتى وقتها وموضعها ؟ فمذهب مالك عند أصحابه - وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة وأصحابه - أن الصلاة على النبي عليه السلام فرض في الجملة بعقد الإيمان ، ولا يتعين ذلك في الصلاة ، ومن مذهبهم أن من صلى على النبي عليه السلام في التشهد مرة واحدة في عمره ، فقد سقط فرض ذلك عنه .
ففي حديث فضالة هذا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يأمر المصلي - إذ لم يصل على النبي عليه السلام في صلاته - بالإعادة ، فدل على أن ذلك ليس بفرض ، ولو ترك فرضا لأمره بالإعادة كما أمر الذي لم يقم ركوعه ولا سجوده بالإعادة ، وقال له : ارجع فصل فإنك لم تصل [ ص: 193 ] روى ذلك رفاعة بن رافع ، nindex.php?page=showalam&ids=3وأبو هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد ذكرنا حديثهما فيما سلف من كتابنا والحمد لله .
ومن حجة nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ومن قال بقوله في هذه المسألة : أن الله عز وجل أمر بالصلاة على نبيه ، وأن يسلم عليه تسليما ، ثم جاء أمره - صلى الله عليه وسلم - بالتشهد ، وأنه كان يعلم أصحابه ذلك كما يعلمهم السورة من القرآن ، وقال لهم : إنه يقال في الصلاة لا في غيرها ، وقالوا : قد علمنا السلام عليك فكيف الصلاة ؟ فقال لهم : قولوا اللهم صل على محمد ، وعلمهم ذلك وقال لهم : السلام كما قد علمتم . فدل ذلك على أن الصلاة عليه في الصلاة قرين التشهد ، قالوا : ووجدنا الأمة بأجمعها تفعل الأمرين جميعا في صلاتها ، فعلمنا أنهما في الأمر بهما سواء ، فلا يجوز أن يفرق بينهما ، ولا تتم الصلاة إلا بهما ; لأنهما وراثة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه وسائر المسلمين قولا وعملا ، قالوا : وأما احتجاج من احتج بحديث nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود في التشهد وقوله في آخره : فإذا قلت ذلك فقد تمت صلاتك - فلا وجه له ; لأنه حديث خرج على معنى في التشهد ، وذلك أنهم يقولون في الصلاة : السلام على الله فقيل لهم : إن الله هو السلام ولكن قولوا كذا ، فعلموا التشهد ، ومعنى قوله : [ ص: 194 ] فإذا قلت ذلك فقد تمت صلاتك ، يعني : إذا ضم إليها ما يجب فيها من ركوع وسجود وقراءة وتسليم ، وسائر أحكامهما ، ألا ترى أنه لم يذكر له التسليم من الصلاة - وهو من فرائضها - لأنه قد كان وقفهم على ذلك ، فاستغنى عن إعادة ذلك عليهم ، وإنما حديث nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود هذا مثل قوله - صلى الله عليه وسلم - : أمرت أن آخذ الصدقة من أغنيائكم وأردها على فقرائكم . أي : ومن سمي معهم ، ومثل قوله للذي قال له : ارجع فصل فإنك لم تصل ثم أمره بما رآه لم يأت به ولم يقمه من صلاته ، وسكت له عن التشهد والتسليم ، وقد قام الدليل من غير هذا الحديث بوجوب التشهد ووجوب التسليم بما علمهم من ذلك ، وأعلمهم أن ذلك في صلاتهم ، وكذلك الصلاة على النبي - عليه السلام - مأخوذ من غير ذلك الحديث .
واحتجوا من الأثر بحديث أبي مسعود من رواية مالك ، وفيه أنه علمهم الصلاة على النبي عليه السلام ، وقال فيه : nindex.php?page=hadith&LINKID=1014579والسلام كما قد علمتم - نعني : التشهد - وبأن أبا مسعود روى الحديث وفهم مخرجه ، وكان يراه واجبا ويقول : إنه لا صلاة لمن لم يصل فيها على النبي صلى الله عليه وسلم .
حدثنا أحمد بن فتح ، قال : حدثنا محمد بن عبد الله النيسابوري ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=13863أحمد بن عمرو البزار ، قال : حدثنا زياد بن يحيى ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16503عبد الوهاب بن عبد المجيد قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17240هشام بن حسان عن nindex.php?page=showalam&ids=16972محمد بن سيرين عن عبد الرحمن [ ص: 195 ] بن بشير بن أبي مسعود ، عن أبي مسعود ، قال : لما نزلت هذه الآية ( إن الله وملائكته يصلون على النبي ياأيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما ) قالوا : يا رسول الله ، قد علمنا السلام فكيف الصلاة ؟ فقال : قولوا : اللهم صل على محمد كما صليت على إبراهيم ، وبارك على محمد كما باركت على إبراهيم .
وروى nindex.php?page=showalam&ids=16544عثمان بن أبي شيبة وغيره ، عن شريك ، عن جابر الجعفي ، عن nindex.php?page=showalam&ids=11958أبي جعفر محمد بن علي ، عن أبي مسعود قال : ما أرى أن صلاة لي تمت حتى أصلي فيها على محمد وعلى آل محمد .
وروى nindex.php?page=showalam&ids=12523ابن أبي فديك وأبو ثابت محمد بن عبيد الله المدني ، عن عبد المهيمن بن عباس بن سهل بن سعد الساعدي ، عن أبيه ، عن جده أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : لا صلاة لمن لم يصل فيها على النبي صلى الله عليه وسلم قالوا : وهذا الحديث وإن كان في إسناده ضعف ، فإن فيه استظهارا مع ما قدمنا من الدلائل .
قال أبو عمر : ليس ما احتجوا به عندي بلازم ; لما فيه من الاعتراض ، ولست أوجب الصلاة على النبي عليه السلام في الصلاة فرضا من فروض الصلاة ، ولكني لا أحب لأحد تركها في كل صلاة ; فإن ذلك من تمام الصلاة ، وأحرى أن يجاب للمصلي دعاؤه إن شاء الله ، وحديث nindex.php?page=showalam&ids=31سهل بن سعد في ذلك [ ص: 196 ] حدثناه nindex.php?page=showalam&ids=15829خلف بن قاسم ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=11918عبد الرحمن بن راشد أبو الميمون بدمشق ، قال : حدثنا أبو زرعة ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=15863عبد الرحمن بن إبراهيم دحيم ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=12523محمد بن إسماعيل بن أبي فديك ، قال : حدثنا عبد المهيمن بن عباس بن سهل بن سعد الساعدي ، عن أبيه ، عن جده أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : لا صلاة لمن لم يصل فيها على النبي - صلى الله عليه وسلم - وهذا قد يحتمل من التأويل ما احتمله قوله : لا إيمان لمن لا أمانة له ، ولا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد ، ونحو هذا مما أريد به الفضل والكمال ، والله أعلم ، وقد روى هذا الحديث أبو ثابت محمد بن عبيد الله عن عبد المهيمن .
قال أبو عمر : آل إبراهيم يدخل فيه إبراهيم ، وآل محمد يدخل فيه محمد ، ومن هنا - والله أعلم - جاءت الآثار في هذا الباب مرة بإبراهيم ومرة بآل إبراهيم ، وإنما جاء ذلك في حديث واحد ، ومعلوم أن قول الله عز وجل : ( أدخلوا آل فرعون أشد العذاب ) والآل هاهنا : الأتباع ، والآل قد يكون الأهل ، ويكون الأتباع ، ويكون الأزواج ، والذرية ، على ما جاء في بعض الآثار .