[ ص: 12 ] في هذا الحديث علم من أعلام نبوة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لإخباره بالغيب عما يكون بعده ، والفتنة هاهنا بمعنى الفتن ; لأن الواحدة هاهنا تقوم مقام الجميع في الذكر ; لأن الألف واللام في الفتنة ليسا إشارة إلى معهود ، وإنما هما إشارة إلى الجنس مثل قوله : ( الزانية والزاني ) ( والسارق والسارقة ) فأخبر - صلى الله عليه وسلم - عن إقبال الفتن من ناحية المشرق ، وكذلك أكثر الفتن من المشرق انبعثت وبها كانت نحو الجمل وصفين وقتل الحسين ، وغير ذلك مما ذكره مما كان بعد ذلك من الفتن بالعراق وخراسان إلى اليوم ، وقد كانت الفتن في كل ناحية من نواحي الإسلام ، ولكنها بالمشرق أكثر أبدا .
ومثل هذا الحديث قوله - صلى الله عليه وسلم - : إني أرى مواقع الفتن خلال بيوتكم كمواقع القطر ، وقد يحتمل أن تكون الفتنة في هذا الحديث معناها الكفر ، وكانت المشرق يومئذ دار كفر فأشار إليها ، والفتنة لها وجوه في اللغة ، منها العذاب ، ومنها الإحراق ، ومنها الحروب التي تقع بين الناس ، ومنها الابتلاء ، والامتحان ، وغير ذلك على حسب ما قد ذكره أهل اللغة .
وأما قوله : من حيث يطلع قرن الشيطان ، فقد مضى القول فيه في باب nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16572عطاء بن يسار ، عن nindex.php?page=showalam&ids=5152الصنابحي من كتابنا هذا ، فلا وجه لإعادة ذلك هاهنا .