الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
1824 [ ص: 11 ] حديث سادس لعبد الله بن دينار ، عن ابن عمر

مالك عن عبد الله بن دينار ، عن عبد الله بن عمر أنه قال : رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يشير إلى المشرق ، يقول : ها إن الفتنة هاهنا إن الفتنة هاهنا من حيث يطلع قرن الشيطان .

التالي السابق


لم يختلف في إسناد هذا الحديث ، والحمد لله ، ولا في لفظه ، وقد حدثنا خلف بن قاسم ، حدثنا عبد الله بن جعفر بن الورد وعبد الله بن عمر بن إسحاق ، قالا : حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن جابر ، قال : حدثنا سعيد بن أبي مريم ، أخبرنا مالك ، عن عبد الله بن دينار ، عن ابن عمر ، قال : رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يشير إلى المشرق ، يقول : ها إن الفتنة هاهنا إن الفتنة هاهنا من حيث يطلع قرن الشيطان .

[ ص: 12 ] في هذا الحديث علم من أعلام نبوة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لإخباره بالغيب عما يكون بعده ، والفتنة هاهنا بمعنى الفتن ; لأن الواحدة هاهنا تقوم مقام الجميع في الذكر ; لأن الألف واللام في الفتنة ليسا إشارة إلى معهود ، وإنما هما إشارة إلى الجنس مثل قوله : ( الزانية والزاني ) ( والسارق والسارقة ) فأخبر - صلى الله عليه وسلم - عن إقبال الفتن من ناحية المشرق ، وكذلك أكثر الفتن من المشرق انبعثت وبها كانت نحو الجمل وصفين وقتل الحسين ، وغير ذلك مما ذكره مما كان بعد ذلك من الفتن بالعراق وخراسان إلى اليوم ، وقد كانت الفتن في كل ناحية من نواحي الإسلام ، ولكنها بالمشرق أكثر أبدا .

ومثل هذا الحديث قوله - صلى الله عليه وسلم - : إني أرى مواقع الفتن خلال بيوتكم كمواقع القطر ، وقد يحتمل أن تكون الفتنة في هذا الحديث معناها الكفر ، وكانت المشرق يومئذ دار كفر فأشار إليها ، والفتنة لها وجوه في اللغة ، منها العذاب ، ومنها الإحراق ، ومنها الحروب التي تقع بين الناس ، ومنها الابتلاء ، والامتحان ، وغير ذلك على حسب ما قد ذكره أهل اللغة .

وأما قوله : من حيث يطلع قرن الشيطان ، فقد مضى القول فيه في باب زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن الصنابحي من كتابنا هذا ، فلا وجه لإعادة ذلك هاهنا .




الخدمات العلمية